هل أنتِ بحاجة إلى الأجنحة يا فريال؟
أجنحة ملائكية؟
ذات الريش الزغب؟
حركيها إذًا قليلًا.
أعلى فأعلى يا فريال.
حيث التمايل والتماثل.
هل ستنافسين اليمام والحمام؟
هل ستطيرين بين الأسراب.
هل ستخترقين الضباب؟
وتمطين السحاب؟
أعلى فأعلى يا فريال.
حيث المنال والجلال.
حركيها دون وجل.
بعيدًا عن العقبان والنسور.
بعيدًا عن أي طير فخور.
ودعي الريح تشعر بجدائل شعركِ.
وامنحيها الفرصة أن تداعب خدكِ.
وانظري نحو البلدان التي باتت صغيرة أمام مرأى العيون.
إنها ذليلة وصغيرة يا فريال.
انظري للبلاد والعباد.
لتلك الجبال المنيعة.
وللسهول الرفيعة.
كانت يومًا بديعة.
لكنها اليوم مطيعة.
وباتت مِلكًا للملك وحده.
وليست مِلكًا للطبيعة.
إنه يملك حتى حيوات التلال والجبال.
إنه الملك المبجل.
وليس له مُلكٌ مؤجل.
فكيف ستلمحين هؤلاء الأغراب.
القادمين من نطاقات شتى.
تلك اللقالق البيضاء؟
وذاك السنونو الثرثار؟
هل سيخبرون الملك أنك ستخرجين في موسم الهجرات بعيدًا عن وجده؟
هل ستصابه الحيرة والغيرة يا فريال؟
هل سيبحث عن الصبية الصغيرة؟
أم سيبقى متيمًا بالقصر.
بتاجه الوقور.
وبمستعجل الأمور.
حلِّقي يا فريال.
ماذا تنتظرين؟
حان وقت الانطلاق
والإنسياق للنشوة.
والإنخراط في
الحركة.
لأنها المَلكة.
الممنوحة إليكِ.
اصدحي أغنيات السفر.
واجلسي على زوايا القمر.
وابني العش الجديد الذي يخصك.
عش ترسمه العصافير لكِ.
عماده الأُلفة.
بعيدًا عن الأبواب العشرة.
التي يعرفها الملك.
بعيدًا عن ملكوته وجبروته.
ستكونين في عش الأُلفة.
وقرب كل نجمة.
أنتِ ألمعهم يا فريال.
فأنت الثريا وأنت كل دبران.
لا تعودي مع الرياح الذاهبة إلى قصره.
لا تعودي حين تسمعين نبض قلبه.
مرسولًا بصوت الهديل.
لا تفتحي المراسيل.
لا تنظري نحو الزاجل القادم من نوافذه الواسعة.
لا تعودي إلى ممالكه الشاسعة.
لا تصدحي اسمه.
لا ترسمي وجده في خيالكِ.
وابقي بين الغيمات.
وامتطي إحداها.
كيف لا يا فريال.
وأنتِ إبنة الرحال.
اعزفي التار.
وقولي الأشعار.
وانسجي تلك الأفكار.
واخترقي من جديد كل سرب حالم.
مَن العِالم؟
إلى أين هي ذاهبة؟
وإلى أين هي غائبة؟
لكنها محلقة.
ومنطلقة.
ماذا تنتظرين يا فريال؟
أن تسكنك الشجاعة؟
والبداعة؟
انطلقي فوق البحار.
فوق الشطآن.
فوق كل شئ يا فريال.
أعلى فأعلى.
إنه الصعود.
إنه الشعور بالوجود.
عانقي الغيوم والنجوم.
عانقي الدنيا.
حددي الرؤية.
واصلي المسير الكثير.
لا تتعبي.
ليس بالجهد الجهيد.
ليس بالتعب الأكيد.
إنه البلوغ والوصول.
إنه العش المكون من الألُفة.
إنه الإنسجام والوئام.
إنه الهدوء والسلام.
انظري نحو الوجد القديم.
الضالع بالضياع وسط جسد الملك.
والذي خبأته الأُلفة.
وبنت بين أضلاعه وأرباعه.
الشريان الساري إلى فؤاده.
أين سيمضي من الأُلفة؟
أين سيغيب عنها؟
ستكون مع الريح البالغة لقصره.
وستهمس في أذنه كلمات لن يفهمها.
وسيبحث عن الصبية إن كانت لا تزال تقطن عشه ووجده.
أم مضت في الظلام الدامس.
الهامس بالغربة.
شعر هو بالغربة.
لأول مرة.
هل ستعود الصبية البهية في موسم الهجرة؟
هل ستكون وسط الأعشاش والأرياش فقط؟
أم ستعيدها الألُفة إلى قلبه.
لتسكن هناك دون أن تخرج منه.
وكيف هي الألُفة أيها الملك البهيّ؟
مُزنة المسافر