قصَّ لي أحد الموظفين الأجانب قصصًا مأسوية تحصل لبعضهم، وذلك عندما تعلن بعض الشركات إفلاسها أو تَعثُّرها، وكيف تذهب حقوقهم هباءً منثورًا؟! ولا يجدون من يحمي حقوقهم، وهم في ظل حماية هذا الوطن لكل المقيمين فيه بصورة شرعية، ويتساءل هذا الصديق الذي يُقيم في عُمان منذ سنوات: كنت أعمل في شركة طوال 20 عامًا مضت، ونتيجة بعض الإهمال أو لنَقُل سوء إدارة من بعض المديرين، تبدَّدت أصول الشركة، فعجزت عن الوفاء بمسؤولياتها المالية فأغلقت، وسرَّحت موظفيها دون الحصول على حقوقهم، وهناك شركات أخرى تعلن إفلاسها بسبب أو لآخر، فيكون الضحية العاملين فيها أكانوا مواطنين أم وافدين؛ فالحقوق التي يقرها قانون العمل لهم، لا تجد من يوفِّي بها، نتيجة تعثر الشركة أو إفلاسها”.
ويقول: “هناك طريقة جيدة لحماية حقوق العاملين، خاصة الوافدين ممن يعملون بدرجات عُليا في الشركات؛ فهم يبذلون قُصارى جهدهم من أجل نجاح هذه الشركات، ولكن إذا قررت شركة من الشركات أن ترحل عن البلاد، أو حتى تُعلن إفلاسها لأي سبب من الأسباب، فإن المواطن قد يجد حقوقه أو بعضها من التأمينات الاجتماعية، ولكن الوافد يتفاجَأ بأنه خرج صفر اليدين من تلك الشركة، وأنه يفقد كل حقوقه المادية، وحتى لو لجأ إلى القضاء وحُكم له بالتعويض. وفق قانون العمل، فإن الشركة المعسرة لا تستطيع الدفع له، والشركات التي تعلن إفلاسها من باب أولى تتنصل من الدفع، فقانون الإفلاس يعفيها من الدفع، وكما يقول المثل: “يخرج من المولد بلا حمص” أو حتى حبة فلافل!”.
ويكرر فيقول: “هناك حلٌّ يخدم الوافد والحكومة معًا؛ وهذا الحل معمولٌ به في الكثير من الدول، والمملكة الأردنية الهاشمية واحدة من الدول التي تُطبق نظام الحماية لحقوق العاملين الأجانب، وهو إلزام الشركات بدفع مبلغ للتأمينات الاجتماعية وفق جدول مبرمج، ونسبة أخرى يدفعها الوافد في التوقيت نفسه، وبذلك تحفظ حقوق الوافدين، وعند أي تعثر طارئ للشركة، تكون الحقوق قد أُودعت مسبقًا في مكانٍ آمنٍ، وهنا يحصل الوافد على حقه، وتستفيد التأمينات الاجتماعية من المال المُوْدَع لديها، وذلك طوال تلك الفترة التي تسبق عملية دفع الحقوق إلى أصحابها، وهناك من يفضل دفعها كمعاش تقاعدي إذا وجد وسيلة قانونية تُبقيه داخل البلاد.
فلماذا لا تقوم الجهات المعنية بتشريع نظام يستفيد من هذه الأموال في استثمارات تخدم وطننا، وتحفظ حقوق العاملين الأجانب؟ خاصة كبار الموظفين منهم، حتى لا يواجهون مواقف صعبة عندما لا يحصلون على مُستحقاتهم؛ وذلك عندما تعجز الشركات عن الوفاء بحقوقهم وقت العسرة، وكذلك تعجز الحكومة عن إيصال حقوقهم، نتيجة تعثر الشركات لأي سبب من الأسباب المؤدية للعجز أو التعثر، وبهذه الطريقة تكون الدولة ضمنت لأصحاب الحقوق حقوقهم؛ وذلك بالدفع المسبق من الشركة في زمن اليُسر لجهة وسيطة بين الطرفين، والتأمينات الاجتماعية سوف تستفيد من تراكم أموال طائلة بيدها؛ وذلك بالنظر لعدد الوافدين، الذين يعملون في البلاد حاليًا، وبعضهم رواتبهم كبيرة.
ورغم أنَّني لا علاقة لي بالشؤون الاقتصادية، ولكن خطوة مثل هذه قد لا تحتاج إلى تخصُّص للحديث عنها، وسوف يكون لها أثر طيب على الاقتصاد الوطني، وفي الجانب الآخر سيُرفع الحرج عن المؤسسات، وبذلك هي تنفذ عمليًّا حقوق العمال الأجانب، والمعتمدة وفق القوانين المحلية، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن توصل الوافد إلى حقه، وذلك نتيجة لعجز مُقنِع، قد وصلت إليه الشركة، خاصة تلك التي تتعرض للإفلاس القهري.
إذن؛ الأمر لا يحتاج إلَّا لبعض النُّظم والتشريعات القانونية، مع مراعاة المرونة في التطبيق، وعدم فرضها على الوافد؛ وذلك لمن لا يرغب في ضمانة النظام لحقوقه، وعليه أن يُفصح عن رغبته في ذلك كتابة، حتى لا يدَّعي لاحقًا بحقٍّ يكون هو مَنْ فرَّط فيه بقرارٍ حُرٍّ منه، عندما يتعرض للخسارة.. فعسى ولعل يتبنى هذا الأمر مجلس الشورى، أو أية جهة معنية أخرى.
حمد بن سالم العلوي