صباحات تداركتها عقول واعية ومساءات تلألأت في سمائها نجومتحمل أرواح وامنيات لطفلِ لطيرِ امتزجت ألوانه بين شروق شمسِوغروبها وأخذ من وهج النهار طاقةً لتدفئته من برودة شتاءِ باردِ مظلم.
حروفِ تناثرت على طريق الأمل بحثاً عن مستقبلِ لها لعل وعسى أنيجد له زاوية في تلك الأماكن التي رسمها الوجود في زوايا الحياةالمليئة بالمفاجآت الممزوجة بين ألمِ وفرحِ نادر الحصول.
هكذا قد تكون بداية النهوض من سبات الوجود، للدخول في متاهاتالحياة من زاوية بل من زوايا مختلفة قد تتشابه ولشدة تشابهها لايستطيع العقل فهم اختلافها إلا بعد قطع مسافاتِ طويلةِ فيها، بغيةالوصول إلى المجهول، الذي رسمته طموحات أوجدتها أحداث يومِ بدأبشروق شمسِ وانتهى بغروبها وكان بين الشروق والغروب آمال وأحلاموأماني رسمها القدر على جدار الزمن وأخذ العقل من رسومات القدربداية منهاج ، قد تلتقي وتتحقق فيه الآمال ، وقد تختلف وتتشتت بينزوايا المعاناة والألم .
مع هذا كله ستبقى مرسومةً في الوجدان ، إلى نهاية وجودها وانقضاءأنفاسها ، وستتبعثر في تلك الزوايا ، وكأنها أوراق أشجار كانت فييومِ من الأيام مشرئبه على غصون أشجارِ تتلاعب بها وتدغدغهانسمات الصباح ، وتشدها بقوة رياح النهار ، لتقف مرة أخرى صامدةوصامته مع غروب شمس نهاية ذلك اليوم ، لتدخل في سكون ليلِ آخر، قد يكون مقمراً تتلألأ فيه النجوم في السماء وتتراقص على أضوائهفي مياه أنهار الوجود صور انعكاسها ، أو يكون مظلماً شديدالبرودة، ليأخذ له من جذوع الأشجار نفساً دافئاً يؤنس وحدته فيذلك المكان ، وفي تلك الزاوية، على أمل أن يكون له مكان في الزاوية.
لا أدري كلما تقدم بي العمر اخذت أبحث أكثر وأكثر عما مضى، عنذلك الطفل الضائع في أروقة ذكريات الماضي الضائع في المرآة … أبحث عنه بكل شغف وأحياناً أتوقف ليس لأنني أضعت الطريق بللأني أحاول ترتيب خطواتي لكي تلائم تلك الطرقات المتشابهة فيالمرآة ، حتى أتمكن من لملمت شتات أفكاري.
اختلفت الوجوه وتغيَرت الملامح وأمست سماء الوجود المنشودة ترتدي قناع الزيف وأنا أنظر اليها من خلف المرآة.
بين شكِ ويقين واقتناع مضت سنوات عمري تتلاشى وتأخذنيمراحلها في شواطئ النسيان لتعبر أمواج متلاطمة مخلفة ورائهاذكريات جميلة أليمة وتارةً أخرى محزنه بل يراودني إحساس بأنهامزيج من أوهام الوجود المنسي والمدفون بين أضلع ومتاهات الحياةفي بحر تتلاطم أمواجه وتتكسر على شواطئ الأيام أحلامي التيأرسمها في مخيلتي وأعبر بها خلجان الأوهام في سفينة (فارهة)،كنت ومازلت وسأظل فيها أنا (الربان) …. هذا كله من خلف المرآة
أستقبل وأودَع وأحياناً أصطدم بأرواح تتآلف معها روحي وتسافرصعوداً إلى سماء الأحلام كأنها فراشات زاهية مضيئة تسبح فيفضاء زاهي ليس له حدود ، تلامس وتعانق نجوم الوجود اللامحدود ،وأنا مازلت أنظر إلى ذلك كله من خلف المرآة.
مسافات طويلة قطعتها ، أبحث عن أحلامي بين النجوم ، والأرواحالتي تجاورها ، لعل وعسى أن أجد حلمي الذي يسكن روحي ،ويعانق سماء الوجدان ، أن يكون له وجود هناك ، لكي أركن إليه ،وأتخذ من هدوء الكون سكناً لها…. وأنا واقف خلف المرآة.
لم تكن تلك الأماني والأحلام بعيدة عن إيهام الوجود المليء بالمفاجآتالتي تحطمت على شواطئ النسيان حروف كتبت بها قصة إنسانينتمي إلى ذلك الوجود المجهول الذي صاغته أحداث الأقدار ، وتداعتحروف تلك الجمل التي استقرت عليها سفينة عمري …. هنا توقفتالأحلام وبدأت مرحلة التأمل من خلال إطار المرآة المكسور ولكن توقفالزمن وتبعثرت شظايا المرآة.
حمدان بن هاشل بن علي العدوي