الحادي عشر من يناير.. يوم مشهود في تاريخ عُمان؛ فبغضِّ النظر عن البدايات الصعبة التي أتتْ ضمن إكراهات ظرفية خاصة -قدَّرها الله كذلك- لكي يُشهدنا ربُّ العزة والجلال أننا في حِمَى الله، وأنه هو من يقدِّر الأمور بقدرها، ويسيِّر الكون والخلق بأمره، فأوجزَ لنا الاختبار في شخص حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أعزه الله وأيَّده بتوفيقه ونصره- ليقول الله للناس من أهل عُمان وغيرهم، أنعمتم بهذا القائد الفذ الحكيم الهمام، الذي يخرج لكم منتصرًا من خضمِّ أعتى المحن والأهوال، وذلك بفضل الفطنة والحنكة التي قدّرها له وفيه ربُّه سبحانه وتعالى، لكي يقود عُمان إلى برِّ الأمان.
إذن.. الحادي عشر من يناير له نظير في الحادي عشر من أكتوبر؛ وذلك في توافق الحاديين بعد العشر في الأهمية، وقد توافقا في حرف “الراء” بين أكتوبر ويناير، وهذا يبشر برحلة مباركة في تطور ورُقي عُمان، وإن قارنّا 10 و1 فإنَّ الصفر لا قيمة له منفردًا، فيبقى 1 و1 وجمعُهما 11؛ إذن يظل السرُّ كامنًا في الرقم 11؛ فهذان الرقمان يشيران إلى الصعود المتوازي، بعهد النهضة العُمانية على أساس قوي ومتزن.
فإنْ كان قد تمكَّن القائد الراحل السلطان قابوس بن سعيد -رحمة الله عليه – أن يُؤسس لدولة عظيمة من تحت الصفر، على أسس موروثة من أجداد عِظام، فإن القائد الحالي جلالة السلطان هيثم المفدى -أبقاه الله- يعمل على تجديد مسار النهضة، وينمِّي ويرفع أركانها، ويُعلي من مكانتها وبنيانها، ويرسخ قيمها الأساسية تجاريًّا واقتصاديًّا وحتى أمنيًّا وعسكريًّا؛ كمورث لا يغيب عن ذهن القادة البوسعيديين، فإذا كان الجد المشترك لصاحبي الجلالة الراحل السلطان قابوس والحالي جلالة السلطان هيثم بن طارق -أمد الله في عمره- وهو السيد سعيد بن سلطان قد بنى إمبراطورية عُمانية عظيمة الأركان، بقوة الجيش والتجارة والاقتصاد وسيادته للبحار، فإنه بذلك أسس شرعية الدولة المُهابة؛ فكان العالم يخطب ودَّه ورضاه، وطيب العلاقة مع دولته ذات الحدود الواسعة. وهنا نقول إن القائد المُعظم جلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى، قد ارتسم نفس الخطى والنهج، وذلك على هذين الخطين اللذين يُشبهان الرقم “11” في الشكل المتساوي والمتوازي وعدم الافتراق.
إنّ عُمان الخير، وهي تحتفي اليوم بالذكرى الثالثة لتجدد مسيرة البناء والتعمير، لهي فخورة بما قدمه العهد الجديد والسعيد، خلال الفترة الوجيزة من قيادة مولانا المعظم جلالة السلطان الأمين هيثم بن طارق المُبجَّل، وها نحن نشق طريقًا اقتصاديًّا واعدًا ومفعمًا بالرجاء والأمل، بأن نعيش انطلاقة جديدة من التنمية والصناعات الحديثة، وبجُرأة وكفاءة عالية الهِمَّة والإقدام، وفي هذا الشهر وفي مدينة الدقم -رئة الاقتصاد والصناعة المستقبليتين- يتم التوقيع على تخصيص مكان لإرسال الأقمار الصناعية إلى الفضاء، خدمة لمستقبل عُمان وجيلها الصاعد. وقبل فترة كان هناك تكريم لشبيبة عُمانية لقدرتهم على صناعة الحاسوب الآلي العُماني بتميز، وكذلك قدرة هذه الشركة وغيرها من الشركات العُمانية، على وضع حلول برمجية متقدمة، تخدم تقنية المعلومات في البلاد.
فنحن وبحمد لله كُنا أمة راشدة عبر التاريخ، فليس علينا ببعيد أن نُعيد ماضينا الزاهر المجيد، وأن ننافس -بشرف- الدول المتقدمة، ونعيد بلدنا التليد إلى سابق عهده المجيد، فالآخرون خِلقتهم مثل خلقتنا، ونحن وإياهم أنعم الله علينا بعقول متشابهة، إذن ساحة الابداع والابتكار والمعرفة، ليست حِكرًا على شعوب بعينها، فما يصنعه الياباني قد يصنعه العُماني، فقط بالعزم والإصرار ودعم الدولة للعقول المبدعة، وهناك دول صديقة ومُحِبَّة لعُمان ليسرها جدًّا أن تفضي ببعض أسرار صناعاتها للشباب العُماني، فيجب علينا نحن ألا نتأفَّف عن قبول المبادرات الخيِّرة، لكي نحول عُمان إلى بلد مصنع ومنتج.
ولا يسعني هنا إلا أنْ أزف أطيب الأمنيات وأرق التحيات إلى مولانا جلالة السلطان المعظم، وذلك بمناسبة يوم تولي جلالته مقاليد الحكم في عُمان، وإلى الشعب العُماني الأبيّ.. جميل الرجاء والتوفيق بالعزة والرفعة والهناء، وكل عام وعُمان وسلطانها في تقدم وازدهار.
حمد بن سالم العلوي