تعج الساجة الفلسطينية بمعالم نضالية عظيمة وملاحم يقدمها أبناء الشعب الفلسطيني البطل الذين سجلوا تاريخ نضالهم وبطولاتهم بأحرف من نور لتشكل قاعدة صلبة متراكمة يعمد عليها مشروع التحرير العظيم، ولا ريب أنهم يدافعون عن قضية عظيمة مقدسة ومقدسات شرفت أرضهم التي كتب الله لها أن تتبوأ هذا الشرف العظيم، فطوبى لهم وتحية كبيرة نرفعها لهؤلاء الصامدون الابطال في وجه الطغيان الصهيوني وأيم الله لقد نالهم الشرف العظيم وما أعظم أن تكون فلسطين هي القضية ومشروع التحرير هو الأمل الذين يعيشون من أجلة ويقدمون تضحياتهم في سبيله.
قضية الاسرى من أبناء الشعب الفلسطيني تمثل قضية كبرى وإحدى ركائز القضية المحورية الفلسطينية وشكلت بطبيعتها وحجمها حالة رئيسية توازت مع الحقوق الأخرى مثل قضايا الحدود واللاجئين والدولة و القدس الشريف، ولكن تظل قضية الأسرى التي يتابعها نادي الأسير الفلسطيني بشكل دائم ملحمة فلسطينية، فهؤلاء الأسرى الأبطال قدموا أعمال فدائية بطولية في سبيل فلسطين وهذا شرف نضالي عظيم، لكن هذا النضال لم يتوقف في سجون الاحتلال، بل قدموا دروسا للعالم، فهناك في الأسر من قيادات الحركة الوطنية وكوادر النضال الذين ما زالوا ينقشون التاريخ من داخل السجون ويكملون مسيرة النضال التي تواءمت مع الأعمال البطولية التي يقدمها رفاقهم في جميع مدن فلسطين من الجليل الأعلى وإلى النقب، بل أن الحركة الاسيرة قدمت نماذج أبهرت العالم نذكر منها حادثة حفر نفق في الأرض بملعقة طعام لمسافة كيلومترات في أكثر السجون الاسرائيلية تشديدا، بل هم السابقون في تكريس فكرة الأمعاء الخاوية ومارسوا الإضراب عن الطعام، تعبيرا عن الإرادة العظيمة التي فاقت كل التوقعات، كما أن الحركة الأسيرة قدمت للعالم نماذج مشرفة من أصحاب الشهادات العليا، تأكيدا لنضالهم متعدد الأوجه في سبيل الهدف الأسمى تحرير فلسطين.
الأسير البطل أسامة الأشقر الذي أكمل عامه ال20 وهو الذي أسر بتاريخ 14 نوفمبر 2002م، كان أحد أبطال انتفاضة الأقصى التي اندلعت بتاريخ 28 سبتمبر 2000م، وقدمت من الملاحم الكبرى ما يصعب وصفه، وكان الأشقر أحد أولئك الأبطال الذين قاموا العدو الصهيوني وتعرضوا للملاحقة لمدة عامين، حيث اقتحم العدو مخيم طولكرم، وبعد متابعة استمرت عامين تم اعتقاله، ليتلقى مختلف أنواع التحقيق والتعذيب والسجن الانفرادي وغيره، لكن الأشقر أكمل مع رفاقه مسيرة النضال.
كان الأسير البطل أسامه الأشقر، يبلغ من العمر20 عاما، عندما تم اعتقاله وهو من قرية صيدا من محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية، وحكم عليه بثماني مؤبدات وخمسين عاما، وخلال فترة اعتقاله قام بإطلاق مشروع ثقافي يشمل إرسال رسائل للناشطين الفلسطينيين والمتضامنين العرب وقام بإصدار كتابه الأول بعنوان (للسجن مذاق آخر)، يتحدث فيه عن تفاصيل حياة الأسرى، وحاليا يستعد لإطلاق كتابه الثاني بعنوان رسائل كسرت القيد وهو عبارة عن مجموعة من الرسائل التي أرسلها أسامة والردود عليها، وخلال فترة اعتقاله حصل على شهادة البكالوريوس وقريبا سيكمل إنهاء دراسة الماجستير، وفقد الأشقر والده وشقيقه وهو بالسجن، وفي العام ٢٠١٩ عقد قرانه على منار الاشقر التي تشاركه حمل راية النضال… ولا شك، كل أبناء فلسطين يرفعون العلم الفلسطيني ويناضلون من أجل قضيتهم التي وعدهم الله من فوق سبع سماوات بتحقيق غايتهم الكبرى التي يعيشون من أجلها فهم بين نصر واستشهاد.. لا يضرهم من خذلهم ولا ريب أن وعد الله حق وسوف تحرر فلسطين من النهر إلى البحر، عاشت فلسطين حرة أبية تضيء تاريخ الإنسانية، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
خميس بن عبيد القطيطي