* لم أعد كما كنت شغوفاً بمتابعة هذه المستديرة المنفوخة التي لهثت وراءها شطراً من عمري، أشبعتها ركلاً وضرباً، وأشبعتني تعباً ونصباً وفقراً، ولم تعطني مثقال ذرة من شهرة أو مال، ولو لشراء حذاء من نوع أبو ريال المخصص يومها لعصر الطيبين الذي كنا فيه نمول احتياجاتنا الرياضية ومستلزمات الفريق الذي نلعب معه من جيوبنا الخاصة ..
* وها أنا أنأى بعيداً عن هذه المجنونة، بسبب تقادم العمر، والمشاغل الأخرى، فضلاً عن كون كرة القدم وباقي الألعاب في بلاد العرب مضيعة للوقت والجهد المال، وهي كما يروى أن السلطان الراحل قابوس قال عنها بأنها لعبة الشياطين، وداعية إلى الشحناء والفرقة، وهي أيضاً وسيلة للتفاخر من قبل المترفين الذي انبرى أحدهم عارضاً شراء بشت (ميسي) الذي أُهدي إليه لحظة استلامه كأس العالم الأخيرة بمليون ريال ، ولا أستطيع التحدث عن صفقة كريستانيو الخارقة فتلك خارج قدرات العقل، ناهيكم عن الأموال الباهضة التي تصرف للمدربين ومنهم مدرب منتخبنا الوطني والأجهزة الفنية والملاعب والمعسكرات وغيرها، والنتيجة عربياً سالبة ..
* لكنني عدت خصيصاً لمتابعة بعض مباريات منتخبنا المشارك في بطولة كأس الخليج التي اختتمت مؤخراً في بصرة العراق والتي افتتحها منتخبنا والمنتخب العراقي ببداية فاترة ومهزوزة من كلا المنتخبين، وشاءت الأقدار أن يختتما نفس الفريقين نهائي البطولة ولكن بمستوى رائع يليق بالختام، وكان منتخبنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق البطولة لو عرف المفاوض العماني كيف يطوع الظروف والأحداث التي سبقت المباراة لصالحه، أكان بالإصرار على تأجيل المباراة حتى يتم تأمين المقاعد الكافية للمشجعين العمانيين الذين عادوا إلى الوطن لسيطرة الجمهور العراقي على المدرجات بالقوة في خطأ فادح تتحمله اللجنة المنظمة للبطولة ، أو كان بالإمكان المطالبة بنقل المباراة لدولة محايدة، ولكنه تم الاستسلام كالعادة ، للمحافظة على طيبتنا المعهودة التي تفيض في معظم الأحيان عن اللزوم ..
* فشكراً للاعبي منتخبنا على أدائهم البطولي المشرف، وإحرازهم لقب الوصيف ليس سيئاً وسط تلك الظروف النفسية التي أحاطت بالمنتخب، وكانت مباراتهم الأخيرة في نهائي البطولة مفخرة للكرة العمانية..
* نبارك لمنتخب العراق استحقاقهم اللقب الذي سعوا إلى تحقيقه بعد غياب دام طويلاً عن المشاركات والألقاب، وهنيئاً لهم الفوز بالبطولة التي وإن كانت غير معترف بها من قبل الاتحاد العالمي لكرة القدم، إلا أنها فرضت نفسها كبطولة ودية تحاول أن تجمع شعوب الخليج العربية التي فرقتها عوامل أخرى ومنها كرة القدم ..
* بقي أن نهمس إلى المفاوض العماني في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية وغيرها بأن المفاوضات فن وحكمة، وهناك الكثير من الإملاءات التي تحيط بنا، وما أوامر صندوق النقد الدولي الأخيرة عنا ببعيد، فلسنا نحن المعنيين بتحمل عثرات الآخرين المتكررة، في ظلِّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، والأولى إيجاد حلول جوهرية لمشاكلنا الراهنة..
* كما أن المواطن العماني من حقه أن يصبح شريكاً أصيلاً في رسم القرار بفعل مساهمته الفاعلة في رفد خزينة المال العام من خلال الضرائب التي يتكبدها بلا حول منه ولا قوة، فلا بد من إطلاعه على ما يدور خلف الكواليس، وماهية القرارات التي يُزمع اتخاذها قبل تنفيذها، والله من وراء القصد والمقصد .
مسهريات : يكتبها ناصر بن مسهر العلوي
السبت ٢٨ جمادى الآخرة ١٤٤٤
الموافق ٢١ يناير ٢٠٢٣ م