تقوم دول كثيرة اليوم رداً على الحرب الروسية – الأوكرانية، بفرض الحظر الجوي على روسيا، فما هو وما هي القواعد التي تجيز بتفعيله وبماذا يفيد؟
ظهر مصطلح الحظر الجوي مع بداية الاهتمام الكبير لمنظمة الأُمم المتحدة بحقوق الإنسان، وإعطائها مركزاً مهماً في قائمة الاهتمامات الدولية؛ حيث ظهر اتجاه دولي يعتبر قمع الانتهاكات المرتبطة بحقوق الإنسان أمراً مهماً؛ لحفظ السلم، والأمن الدوليين، وكان مجلس الأمن مخولاً بإصدار أي قرار يتعلق بحدوث أي انتهاك لحقوق الإنسان، ولا سيما خلال النزاعات المسلحة؛ إذ إنه ما إن يحدث نزاع مسلح، فإنه لا بدأن يرافقه انتهاكات عدة لحقوق الإنسان، علماً بأن من القرارات التي اتخذها مجلس الأمن؛ للحفاظ على الأمن، والسلم الدوليين، وحفظ حقوق الإنسان هو قرار إنشاء مناطق حَظر الطيران؛ لإيصال المساعدات إلى المتضررين، وحماية الأشخاص المعنيين، ومن الجدير بالذكر أن مجلس الأمن لم يتهاون أبداً، أو يتسامح مع أي من الانتهاكات المعنية.
بالتالي، إن الحظر الجوي أو حَظر الطيران هو شكل من أشكال العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن الدولي على الدول المعنية، من خلال تصويت معظم أعضائه على هذا القرار في حال عدم استخدام أحد الأعضاء حق النقض الذي يُعرف باسم حق الفيتو في الاعتراض على القرار، ومنطقة حظر الطيران هي موقع جغرافي لا يمكن للطائرات المرور عبره، أو الطيران فيه، ولا يقتصر الأمر على نوع واحد من الطائرات؛ إذ إنه يشتمل على الطائرات المأهولة، وأنظمة الطيران التي تعمل دون وجود طيار أيضاً ويُفرض لعدة أسباب، قد تكون أمنية، أو عسكرية، أو لأسباب تتعلَق بالحماية، وتأمين السلامة، أو لأسباب سرية.
ويحق لمجلس الأمن أن يتخذ التدابير اللازمة؛ لاستعادة، أوالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتشتمل هذه التدابير على مختلف الجزاءات، سواءً كانت اقتصادية، أو غير اقتصادية، كما أنها لا تتضمن استخدام أي من الإجراءات العسكرية، أو القوة المسلحة الدولية، ومن الأمور التي يتطلبها الحظر الجوي في حال تم فرضه على الدولة المُعاقبة أن تكون هناك دوريات مهمتها المراقبة بشكل مستمر فوق مجال الطيران للدولة المعنية بالأمر، وتدمير طائراتها في حال انتهاك القانون.
أما الأضرار الناجمة عن فرض الحظر الجوي، فإنها تتجلى في حرمان الدولة المعنية من سيادتها الجوية على أراضيها، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتم السماح لقوات أخرى خارجية بالتجول في سماء الدولة المعاقبة، علماً بأن هذا الحظر ينجم عنه ضرر كبير في الحركة الاقتصادية، وتقييد لحرية النقل الجوي عبر منطقة الحظر، وبسبب الحرب الروسية –الأوكرانية، تضررت طرق التدارة بين الصين وأوروبا، واليوم يتم البحث عن طرق بديلة، الأمر الذي سيزيد من تكاليف التجارة العلمية.
وقديماً فرضت أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وتركيا حظراً جوياً على العراق في عام 1991، بعد انتهاء حرب الخليج الثانية، حيث كان الحظر الجوي في شمال العراق، وجنوبه.
*عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.