إن حرية المعتقد أو ما يُعرف باسم حرية الضمير هي شعبة من حرية الفكر، لكنها غالباً ما تعالج على الاستقلال في النصوص الدستورية، فعندما صدر في فرنسا عام (1905) القانون المتعلق بفصل الكنيسة عن الدولة، أكد هذا القانون على: (الجمهورية تكفل حرية الضمير).
وكان ينبغي أن يُفهم من ذلك فقط أن الدولة تحترم حرية المعتقد الديني، لكن هذا المفهوم لم يعد وارداً، إذ أصبحت كلمة حرية الضمير غيرمحدودة لا بالمعتقدات ولا بالأديان ولا بالآراء، وهذا هو الحل الذي أخذ به المجلس الدستوري الفرنسي بقرار واضح، صدر عام (1977)،وعلى هذا يتسع مفهوم حرية الضمير لكل الآراء وبخاصة الآراء الخلقية والسياسية، وهو لا يتكون فقط في حرية أن يكون للإنسان رأي، وإنما يشتمل أيضاً على حرية التعبير وحرية المرء في أن يسلك السلوك المتفق مع آرائه، وحرية اختياره لطريقه في الحياة، وفي هذا والمعنى فإن حرية المعتقد هي شرط أساسي لوجود فلك خاص للفرد متميز عن الفلك العام.
وإذا كان للدين في أغلب المجتمعات خاصية أساسية مؤكدة على الإيحاء بأنه يحكم كل تفاصيل سلوك الفرد، بل وحتى سلوك السلطة السياسية، وإذا كانت الدولة في الغرب لم تتوصل إلى التحرر من وصاية الكنيسة إلا بشكل تدريجي أو لا يزال للدين آثاره، ونشأته.
وبالرجوع إلى تاريخ الغرب الذي فصل الكنيسة عن الدولة، وأقام ما سمّي بالمجتمع المدني أو الدولة العلمانية، رأينا مستوى الانحدار الأخلاقي الذي شاب تلك المجتمعات لكن ذلك وبنفس الوقت يؤكد على الدور الذي لعبه فقهاء القرون الوسطى في تأكيدهم على استقلالية السلطة الزمنية خاصة في عهد حكم فيليب الجميل ملك فرنسا في العام (1286) الذي دعم السلطة الملكية وأنمى المؤسسات الإدارية والقانونية بمساعدة ودعم من رجال القانون، لكن الملكية بالرغم من أنها لم تُبالِ بالكنيسة فإنها عمدت إلى استخدامها.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.