كيف كان الحضور في تلك الفعالية ؟ بذلك السؤال بدأت حوارات الجلسة المسائية على (السيف) ونحن نعد الكنافة لنطرح تساؤلات تتكرر من حين لآخر حول ضعف الإقبال المجتمعي تجاه الفعاليات الثقافية وما شابهها رغم الجهود التي تبذل والموارد التي تصرف مما يولد شعورا بالإحباط الذي يصل إلى حالة التأزم والأمر في حقيقته يحتاج إلى خطة للإنقاذ .
تضج الأدوات الإعلامية (المسندمية) المتاحة بأخبار استضافة محافظة مسندم لأنشطة وفعاليات وبرامج في مجالات مختلفة وذلك ترجمة للتوجه (المعلوم وغير المعلوم) نحو جعل المحافظة في بؤرة الضوء وهذا أمر رائع في عمومه ويحتاج إلى مزيد من التركيز في جودة التنفيذ والجودة لا تأتي إلا من خلال الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة.
تقوم مختلف مؤسسات المجتمع المدني بتنظيم برامج مجتمعية تدعم الأهداف الأساسية الذي تتبناها تلك المؤسسات وهذا هو الأصل الذي يشكل الاحتياج لجذب الجمهور ولكن مع مرور الوقت وتداخل الرؤى في ظل الإنفتاح الإعلامي الذي سهل الوصول إلى الجمهور تغيرت النوايا وأنفصل فرع البرامج المساندة للمؤسسات عن أصل أهدافها الأساسية من أجل أن يقال (عملنا وسوينا) ومن أجل التقارير التي ترفع إلى السلطة المركزية ومن أجل (الشوو) الإعلامي المزيف الذي يجذب كل فارغ يحاول لفت الإنتباه إليه ويقع عبء التنفيذ على الموظفين الذين يفقدون حماسة التنفيذ لان ما ينفذ لا يخدم المصلحة العامة بل يخدم (فلان وعلان) وتلك قضية مؤثرة إذ أصبح ما ينفذ من فعاليات وأنشطة لا تعتمد على احتياج حقيقي يجذب الجمهور ومن الطبيعي أن يقابل ذلك بالأقبال الضعيف نحو الحضور والمشاركة.
من المؤسف حقا أن نرى تنفيذ تلك الفعاليات والأنشطة والبرامج بعيدا عن مبدأ الجودة التي تأتي من الإهتمام بالتفاصيل الصغيرة مثل إختيار مكان التنفيذ وتوقيته وترتيب آلية العرض وتخصيص الدعوات لفئة الجمهور ذو العلاقة بالإضافة إلى الإبداع في مخاطبة عموم المجتمع وغير ذلك من التفاصيل وتلك عوامل مهمة جدا فالجمهور الذي نخاطبة اليوم ليس ذات الجمهور الذي خاطبناه قبل خمس سنوات ومن المهم جدا في هذا الصدد التحلي بقيمة نكران الذات في اتخاذ القرارات التنظيمية للفعاليات والبرامج ولو كان ممن هو في قمة الهرم فالفكرة المبدعة قد تظهر من أي فرد في المؤسسة وعليه اصبح لزاما تغيير الفكر من نمط (أنا أمر وعليكم التنفيذ) إلى النمط التشاركي الذي يكون للجميع فيه حضور ونصيب.
ثقافة المشاركة في الفعاليات والأنشطة والبرامج المجتمعية تأتي بعملية زرع تكون في الصغر لتكون نقش حجر يدفع صاحبه للحضور بفعالية وذلك النقش يتشكل من معايشة مثل تلك الفعاليات في المدارس والتي نفتقد فيها الآن حماس الأنشطة الطلابية الذي كنا نراه مسبقا فأصبحت الأنشطة مجرد تنفيذ لما تطلب السلطة المركزية تنفيذه لأن في ذلك ظهور لهم ولأولئك وعليه فإن الأوجب إعطاء مساحة أكبر لتنفيذ الأنشطة الطلابية وفق معطيات المجتمع المحلي ووفق الخبرات المتوفرة ووفق ما ينجذب إليه الطلاب وفي ذلك تباين واسع يخلق البيئة التي تولد نقش الحجر الذي نريده.
البعض يكرر بأن الشباب اليوم – وهم فئة غالبة عدديا وفق الإحصائيات السكانية – لا تميل لحضور مثل هذه الأنشطة والفعاليات والبرامج وذلك قول صحيح تمت اساءة تأويله فتم تصوير الشباب بإنهم منغلقون على أنفسهم في عالمهم الخاص وذلك تأويل غير سليم ومن يمر (ويأخذ لفه) نحو (العزب) الشبابية مثلا يتعجب من الاقبال الشديد عليها وزحمة (الباركنات) خير شاهد لذلك وعليه فعلينا أن نطرح السؤال التالي : كيف نجذب هؤلاء الشباب ؟
من المفيد جدا أن نفهم خصائص مرحلة الشباب والتي تدرس أكاديميا في مرحلة التعليم الجامعي ومصادر المعرفة فيها متاحة للجميع والتي فيها نفهم خصائص المرحلة العمرية لهم مما يجعلنا مركزين بشكل أكبر في اختيار آلية تنفيذ الأنشطة والبرامج بما يتناسب مع خصائص مرحلة الشباب التي تعد بؤرا ونقاط تركيز تولد الاحتياجات التي ستجذب الشباب نحو الحضور والمشاركة.
محافظة مسندم تمتلك مقومات بيئية خصبة لتنفيذ أفكار مبتكرة ينجذب إليها الشباب وأضرب هنا مثلا بما نفذه الاخوة الكرام في إدارة نادي بخاء الرياضي الثقافي من تركيب شاشة عملاقة على شاطئء البحر – بالتزامن مع مباريات كأس العالم الأخيرة – في أجواء شتائية جميلة يصاحبها فعاليات جماهيرية جذبت الجمهور رغم أن المباريات في جلها كانت منقولة بالمجان وبالاستطاعة مشاهدتها في المنزل والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا حضر الجمهور هنا ؟ وهل سيكون الاقبال ذاته لو تم تركيب الشاشة في قاعة مغلقة ؟ وعلى (قولتهم) في ذلك لحظة للتأمل.
وفي لحظات نضج الكنافة على (سيفة) بحر دبا يستمر الحديث ذو الأشجان والذي له تباينات تختلف ظروفها باختلاف الهدف والحدث وفئة الجمهور ولكن هناك نقطة موحدة نستطيع أن ننطلق منها جميعا وهي أن نفكر دائما في الأسئلة التالية : ما الفعالية التي سننفذها ولماذا ننفذها وكيف سننفذها وتلك نقاط تركيز مهمة جدا وما بعدها سيكون ذا أثر بشرط الاهتمام بجودة التنفيذ والتفاصيل الصغيرة التي تشكل الصورة بالكامل وتلك هي الملامح العامة لخطة الإنقاذ.
محمد بن عبدالله سيفان الشحي
١٦ مارس ٢٠٢٣ م