لقيها في الطريق المظلم.
أكثر البؤساء حكمة.
العجوز أتاوالبا.
وصدحت حنجرته نغمًا.
دون الموسيقى.
كما هي حناجر البؤساء الباحثين عن أمل الحياة.
وعن الأراضي الضائعة.
الراغبة في أن تندمج بأرض أم.
قال أتاوالبا: ماذا يا فتاة ألا تسلمين؟
كليمانتينا: هكذا هم الغجر لا يسلمون يا أتاوالبا.
وابتسم أتاوالبا: لكنك غجرية.
بأحلام وردية.
إنك سرمدية.
مثل أتاوالبا.
صاحب الأذنين الكبيرتين.
الذي يثرثر.
ويهول ويؤول.
الأخبار والأقاويل.
كليمانتينا: وماذا تعرف يا أتاوالبا عن العالم الجديد؟
أتاوالبا: ذاك العالم.
إنه قديم عتيق.
فيه ترين الدم.
والنبال والسهم.
الباحثة عن قلبك.
وتشهدين القرابين.
المممنوحة للآلهة.
والجيوش القامعة.
الغازية.
إنه الجشع والطمع.
لقد عذبوا الأرض والأم.
لقد عذبوها وسلبوا حق سطوع الشمس.
وحق اليوم والأمس.
وخلقوا التقاويم التي تخصهم.
أتركيه لهم.
كليمانتينا: لكن يا أتاوالبا.
لقد قفز قلبي فوق سور.
ورأيت لليلة النور.
بعيني.
وقابلت أملي.
وناظرت حلمي.
كان رجلًا.
لم يكن وهمًا.
أشعر أنه سيأخذني للعالم الجديد.
والذي لا يوجد فيه عذاب.
وليس فيه سعي لسراب.
إنها أرض الكنوز.
وكل ما هو مكنون.
وسأعود غنية.
ورضية.
بما اعطتني الحياة.
لن أطمع ولن أقمع أحدًا.
أغرورقت عيني أتاوالبا بالدموع.
وكأنه تذكر ليالي أشٌعلت فيه الشموع.
وتذكر الأرواح التي غادرت.
وغامرت.
أتاوالبا: اذهبي.. لكن عودي بمجدك.
عودي بوعد يخصك.
لا يخص الغزاة.
والولاة.
وعودي لتخبريني حكايا الأرض والأم.
وكيف صارت؟
وكيف باتت؟
ومن عاش منهم.
ومن غاب عنهم.
واذهبي وأنت تتذكرين أتاوالبا الحكيم.
وقولي لهم أنني لم أعد شيطانًا رجيم.
فهل سترحلين؟
مُزنة المسافر