مرت الأيام سريعًا، وها قد وصلنا إلى الثلث الأخير من شهر رمضان الفضيل، فبينما ما زالت الذاكرة تحمل مشهد ترقبنا لشاشة تلفزيون عمان انتظارًا لإعلان رؤية الهلال، إذ نفاجأ بأن الثلث الأخير قد بدأ، وفي تلك الأثناء نتذكر الكثير من التفاصيل التي مرت وتمر بنا في كل رمضان.
فالعادات والتقاليد العمانية الأصيلة في هذا الشهر تحمل الكثير من الخير للأفراد والأسر، إذ لا يخلو الشهر من زيارات الأرحام والجيران، والأهل في مختلف الولايات، وكذلك صلاة التراويح وما تضفيه من روحانيات لكل مسلم، وأيضًا الصيام والعمل خلال اليوم، والحرص على التسوق لشراء مستلزمات هذا الشهر. كلها عادات حميدة تعزز الألفة واللحمة المجتمعية، وتؤكد أنَّ الخير في هذه الأمة باقٍ إلى يوم الدين.
أيضًا خلال رمضان نتذكر ليلة القرقنشوه التي تتزامن مع انتصاف الشهر، ويحتفل فيها الأطفال بقدرتهم على صيام هذه الفترة، ويلقون التحفيز والتشجيع من الأهل والأقارب على مواصلة الصيام حتى نهاية الشهر، كي ينالوا الثواب العظيم.
ولعل من أبرز ما يتميز به الشهر الكريم، الأعمال والبرامج التلفزيونية المخصصة لهذا الشهر، مثل البرامج الدينية وبرامج التوعية والإرشاد، وغيرها، سواء على تلفزيون سلطنة عمان أو الإذاعة، وهي برامج تساعد الكثير من المتابعين في معرفة أمور دينهم، وتقدم لهم الفتوى الصحيحة الوسطية التي تؤكد لهم سماحة هذا الدين وسعته.
وأتذكرُ عندما كُنا صغارًا، وقبل انتشار التكنولوجيا الحديثة وغيرها من وسائل الترفيه المتاحة لأجيال اليوم، أن هناك تقاليد وعادات كنا نمارسها ونشاهدها، فمثلًا كان هناك “المسحراتي” في بعض الولايات، الذي كان يسير بين البيوت يدق طبلته، بهدف إيقاظ النائمين وتنبيههم إلى ضرورة تناول وجبة السحور والاستعداد لصلاة الفجر، وكذلك الألعاب الشعبية التي كنا نمارسها في الصغر قبل اختراع الألعاب الإلكترونية التي يغرق فيها أطفالنا وشبابنا اليوم.
وأخيرًا.. إننا لنحزن لقرب رحيل رمضان، فهذا شهر الخير والبركات، وفيه من الأعمال الصالحة ما يساعدنا على نيل رضا المولى عز وجل، وما يمكن من خلالها مساعدة المحتاجين والفقراء، وكم نتمنى لو أن كل شهور العام رمضان، ولذلك أنصح نفسي والقراء الأعزاء بالمحافظة على العبادات والأعمال الصالحة في رمضان طيلة العام، كي ننال الأجر والثواب والمغفرة من رب السماوات والأرض.
علي بن بدر البوسعيدي