عندما كنت صغيرًا وفي مرحلة الشباب ، وبحكم مسكني في بيت أهلي المتواضع بالقرب من حصن الخابورة تأخذني الطريق بمحاذاة ذلك المعلم التراثي الشامخ بأبراجه الجميلة الفخمة وأنا ذاهب وراجع من السوق ، ذلك السوق الأثري هو الأخر الذي يتوافد إليه الناس من داخل وخارج الولاية للبيع والشراء ، كنت أشاهد الحركة الدؤبة في الحصن وهذا أمر طبيعي فهو مقر للحكم ومتابعة كافة شؤون الولاية والساكنين فيها ، وكنت أشاهد أيضًا حركة أفراد الحراسة يدخلون ويخرجون من الحصن وهم حاملين أسلحتهم التقليدية على الأكتاف .. مرت السنين وتقدم عمر الحصن وانهارت أغلب أركانه وتشققت معظم جدرانه بسبب هجرانه وانتقال الموظفين إلى أماكن التقدم والحداثة ، وكاد ذلك الصرح المهيب أن يندثر ، ولكن المهتمين بالمحافظة على التراث والارث والموروث طالبوا بإعادة الترميم ، وبالفعل تم ذلك في عهد السلطان الراحل ” قابوس ” رحمه الله وطيب ثراه بعام ١٩٩٤م ، واستمرت صيانته لأكثر من مرة بعد ذلك التاريخ من قبل دائرة الترميم والصيانة بوزارة التراث والثقافة سابقا لاسباب ربما قد تكون فنية من قبل الشركات المنفذة للمشروع ، ولكن في النهاية ظهر الحصن برونقه الزاهي وهيبته السابقة التي نشاهدها الآن وعادت به الحركة من جديد كوجهة سياحية جميلة كونه يأخذ موقع استراتيجي بإطلالته على بحر عمان .
الجيل الحالي تعرف على حدود الحصن وموقعه الاستراتيجي ، وتعرف أيضًا على مقاسات ومساحة البناء وعدد الغرف وما هي المواد التي استخدمت لتشييده فهي موثقة وسهل الحصول عليها ، ولكن هناك شيء مهم للغاية وهو من قام ببناء هذا الحصن ؟ وفي عهد من وضع حجر الاساس ؟ وفي أي عام ؟ أسئلة لم يحصل السائل من أهالي ولاية الخابورة حتى اللحظة على الإجابة عليها ، وبرغم البحث في كل المراجع ومع كبار السن إلا أن غياب عهد وتاريخ الحصن لا يزال حديث الساعة ، ويقال أن ذلك التاريخ كان موجودًا في أحد زوايا الحصن ، ولكن أحد المهندسين المختصين بالترميم من إحدى الجنسيات العربية محى ذلك التوثيق خلال عملية الترميم ( وأكيد من غير قصد ) وكان الفقد مؤلمًا ، بحيث أن المفقود غير موجود حتى في مراجع الوزارة المعنية إلى يومنا هذا .
ومن خلال بحثي المتواضع فقد أفادني أحد كبار السن القاطنين بحلة الحصن متوقعًا بأن حصن الخابورة يصل عمره إلى ٢٠٠ عام ، وبُني في عهد السلطان فيصل أو السلطان تيمور رحمهما الله .. طبعًا كلها معلومات تقريبية ولا تعطي التوثيق الصحيح والأكيد ، وهذا أمر مؤسف في واقع الأمر .. المطالبة مستمرة لوجود تاريخ بناء حصن الخابورة ، والدور الأكبر يقع على عاتق الوزارة ذات العلاقة ، يجب عليها البحث والتقصي ووضع التوثيق في إحدى زوايا الحصن للأجيال المتعاقبة وتعريف الزوار عن عمر هذا المزار السياحي القابع في قلب وعمق الولاية ، فهل سنلاحظ تحركًا إيجابيًا لهذه المطالب ، وفي هذا الموضوع المهم والمهم جدًا ( لا نشك في قدرات واهتمام الوزارة الموقرة في هذا الشأن ).
خليفة البلوشي