عند الكتابة عن هيئة أو مؤسسة، فإن إنجازاتها هي التي تتحدث عنها، وتستحق منا على أثر ذلك الإشادة والتكريم والتقدير، ولكن عندما تكون الإخفاقات متتالية والخسائر متتابعة، فالواجب علينا تقديم النقد البناء والنصيحة لهم، لأنهم يمثلون وطنًا. إن ما آل إليه الحال في اتحاد الكرة يلزم تسليط الضوء عليه، لأن اتحاد الكرة لم يستطع القيام بواجباته وتخلى عن مسؤولياته، ولم يحقق الهدف الأساسي من المهام الموكولة إليه في النظام الأساسي لاتحاد الكرة وهو الارتقاء برياضة كرة القدم، إن رئاسة الاتحاد مضى عليها سبع سنوات شداد عجاف، وقد ألقت هذه السنوات الصعبة بظلالها على الشارع الرياضي، الذي ذاق المرارات منها وأصابه الحزن والأسى، من النتائج السلبية لكل مشاركات منتخباتنا الوطنية بكافة مراحلها السنية، والحال نفسه في كل مشاركات أنديتنا خليجيًا وعربيًا، لأن النتائج كانت مخيبة للآمال، وبات الشارع الرياضي يطالب برياح التغيير، وفتح المجال لشخصية رياضية وأعضاء جدد لقيادة السفينة لبر الأمان قبل غرقها وفوات الأوان.
إنَّ رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة بموجب النظام الأساسي هم المسؤولون عن إدارة رياضة كرة القدم، والارتقاء بها وتطويرها وتنظيم ومراقبة المسابقات والمنافسات المحلية، وفق قواعد ومبادئ المنافسة الشريفة والقيم الرياضية والتربوية والإنسانية، ومنع كل ما يهدد سلامة المباريات والمسابقات واللاعبين والحكام وإساءة استعمال اللعبة، وبناء مجتمع رياضي وإعداد برامج لتنمية مواهب وقدرات الشباب في مجال كرة القدم، وإعداد جيل من القادة الرياضيين في كل المجالات الرياضية المتعلقة باللعبة، وتهيئة الوسائل الإدارية والقانونية لحل أي مشاكل قد تحدث بين الأعضاء والأندية والحكام والمسؤولين واللاعبين المقيدين في سجلات الاتحاد. ولكن بالنظر والتأمل إلى حال اتحادنا اليوم، نرى بكل وضوح عدم وجود تناغم وانسجام بين رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة الذي أصابه الضعف والوهن وأصبح غير قادر ولا يستطيع تكملة المشوار، وعدم وجود خطة استراتيجية للعمل، وانعدام التفاعل بين اتحاد الكرة والشارع الرياضي لعدم توضيح الحقائق والتكتم عليها، وعدم التركيز على المراحل السنية وعدم وجود منتخب رديف للمنتخب الأول.
والأمر يتطلب بشكل عاجل معالجة شاملة، ووضع خطة إستراتيجية للنهوض بلعبة كرة القدم على جميع الأصعدة والمستويات، وتشكيل فريق عمل لتنفيذ هذه الخطة بروح الشباب وبرؤية تطويرية شاملة، تكون البداية من الأندية، ثم بانتخاب مجلس إدارة جديد لاتحاد الكرة من أصحاب الخبرة العلمية والعملية في الشؤون الإدارية والمالية والرياضية والفنية، ويكون لديهم الشغف وحب العمل بروح الفريق الواحد، وتبدأ خطوات التغيير من داخل مؤسسة الاتحاد بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب في كل دائرة وفي كل لجنة، وإنشاء دوائر جديدة كدائرة الشؤون القانونية، ودائرة التسويق، والدائرة المجتمعية، وأن يكون كل أعضاء اللجان العاملة بالاتحاد بالانتخاب من ترشيحات الأندية وانتخاب الجمعية العمومية لهم، وليس كما هو الحال القائم الآن الذي يتم فيه تعيين رؤساء وأعضاء اللجان العاملة بالاتحاد بحكم العلاقات الشخصية والواسطة والمحسوبية، والعمل على تعديل وإضافة بعض المواد في اللوائح والأنظمة والقوانين المنظمة للعبة كرة القدم بشكل عام في الشكل والمضمون، حتى يحقق اتحاد الكرة الأهداف والغايات المرسومة والمنشودة والمرجوة منه.
وبصفتي لاعبًا سابقًا بالمنتخب الوطني العماني لكرة القدم، وعاصرت أجيالا رياضية منذ السبعينيات إلى عقدنا الحالي، كلاعب وإداري ومدرب وعضو بلجان رياضية كلجنة الانضباط ولجنة فض المنازعات والتحكيم الرياضي باللجنة الأولمبية العمانية، فإنني أناشد أصحاب القرار واتحاد الكرة بضرورة تصحيح المسار، ووضع خطة للارتقاء بلعبة كرة القدم وتطوير منتخباتنا الوطنية، وتنظيم عمل اللجان العاملة باتحاد الكرة بكافة أنواعها وأشكالها، والاهتمام بشؤون اللاعبين والإداريين والمدربين والحكام والمراقبين، وزيادة الموارد المالية للاتحاد وعدم الاكتفاء والاعتماد على الدعم الحكومي فقط. إن التحديات التي تواجه اتحاد الكرة كبيرة، ولكنني متفائل بأن التغيير قادم لا محالة، وأن اتحاد الكرة سيقوم من سباته وسينهض، والمرحلة القادمة تحتاج منا جميعًا دون استثناء التكاتف والتعاون من أجل تحقيق الإنجازات والمنجزات التي تسعد المواطن وترفع راية الوطن.
حمد الحضرمي / محامٍ ومستشار قانوني