إن الواقع التاريخي لتطور المجتمعات الإنسانية زاخر بالأحداث والمستجدات التي يمكن أن تؤدي إلى قيام تغيير جوهري في الإقليم الجغرافي لمختلف الدول والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى ظهور بلاد جديدة واختفاء أخرى أيضاً، وذلك على الرغم من أن جميع المجتمعات الإنسانية حول العالم تسعى جاهدة للوصول إلى شكل ثابت ومحدد لبلادها.
ومن النتائج المهمة للحرب العالمية الثانية حصول كثير من الدول المستعمرة على استقلالها وفقاً للمبدأ الثابت للأمم المتحدة والقانون الدولي بتحريم وتجريم جميع الأنظمة الاستعمارية حول العالم، ونجد شكلاً آخر لظهور الدول الجديدة وهو على غرار ما كان قد حصل إبان سقوط النظام اليوغسلافي في السابق، بحيث أن هذا السقوط كان قد أدى إلى ظهور العديد من الدول كنتيجة لسقوط النظام السوفيتي السابق.
بالتالي، تسعى جميع الدول الجديدة منذ نشأتها جاهدة من أجل كسب ود وصداقة البلاد الأخرى لكي تجد لنفسها مكاناً مرموقاً ومحترماً وسط المجتمع الدولي، وذلك على الرغم من التساؤلات العديدة التي يمكن أن ترافق ظهور أشخاص جدد في القانون الدولي والعلاقة الدولية، ولعل من أهم هذه التساؤلات هو السؤال الذي يمكن أن يتمحور حول مسألة الاعتراف.
حيث أن موضوع الاعتراف يعتبر مسألة مطروحة للنقاش والدراسة بكثرة في مختلف المدارس والمراجع الحقوقية العالمية، وذلك لما يملكه هذا السؤال من حساسية وارتباط بالقانون والسياسة الدوليين، وعلى اعتبار أن المحتوى الأساسي للاعتراف يمكنه أن يحمل تغييراً يتناسب مع المتغيرات التي يمكن أن تؤثر على المنظومة الدولية.
وفي سياقٍ متصل، إن منظمة الأمم المتحدة لم تنجح حتى الآن في إعداد وإصدار تشريع ينظم قواعد دولية عامة خاصة بمعهد الاعتراف الدولي، بالتالي إن القيام بمختلف العمليات التنظيمية الخاصة بفعل الاعتراف تحتاج إلى السعي من أجل إيجاد المعايير الأساسية لهذه المسألة، وهذا يقودنا وبشكل مباشر إلى العودة والاستناد على مجموعة المبادئ الأساسية للقانون الدولي، مع الأخذ بعين الاعتبار مجموعة التجارب الخاصة بـ الدول والتجارب الخاصة بالمنظمات والإدارات الدولية.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.