إن القواعد الأخلاقية بما يتعلق بالعمل ورب العمل، فإن المعتقدات السياسية والأخلاقية والدينية للعامل لدى رئيسه في العمل، أياً كان نوعه، لا يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار من حيث المبدأ في اختيار العامل للعمل أو في تسريحه منه.
لكن صفة العمل بالأجرة لا تفرض في ذلك على الأقل قيوداً على الحرية لمصلحة المشروع، فقد يحصل أن يكون لسلوك العامل خارج المهنة نتائج على عقد العمل بحيث يخضع للالتزام بالحياد، لكن حتى مع وجود عقد توظيف أياً كان نوعه تلعب القواعد الأخلاقية معياراً مهماً في مسألة ضمان الحقوق للعمال من خلال القانون الأخلاقي قبل القانون الوضعي.
القواعد الأخلاقية توجب أنه يمكن لرب العمل أيضاً مجازاة العامل على انتهاك هذه القواعد إذا كان لها تأثيرها على المصالح التجارية أو غيرها لرب العمل ومؤسسته، وقد قبلت محكمة النقض الفرنسية على سبيل المثال، إقدام مدرسة كاثوليكية خاصة مرتبطة مع الدولة الفرنسية بعقد، على تسريح معلم لديها لزواجه ثانية، بعد أن طلق زوجته الأولى، ومثل هذا التسريح يمس بجريمتين، فهو بذاته يمنع حرية الزواج، التي اعتبرها مجلس الدولة كمبدأ له قيمة تشريعية بموجب قرار صادر في العام 1978، وهو بأسبابه يمس الحرية الأخلاقية في نظر الأخلاق الكاثوليكية التي لا تقر إعادة الزواج.
ومن وجهة نظر قانونية، فإن هذا الحل كان عرضة للانتقاد من عدة نقاط، غير المساس بالقواعد الأخلاقية حيث أن المس بالمصالح التجارية لم يكن معتمداً (إعادة الزواج غير معترف به من قبل آباء الطلاب)، وليس صحيحاً اعتبار المعتقدات الدينية كعنصر في العقد طالما أن مضمون التعليم يوجب احترام الحياد في مؤسسة تساعد الدولة.
وبإصدار محكمة النقض لهذا القرار القاسي بالنسبة للعامل، ابتعدت عن الحل الأقل تضيّقاً الذي كان أصدره المجلس الدستوري في العام 1977، في قضية عدم دستورية نص يفرض على المعلمين احترام الصفة الخاصة للمؤسسة، فقضى المجلس بدستورية هذا النص لأن الصفة الخاصة هي نتيجة لحرية التعليم، لكن القرار أوضح أن حرية الضمير في التعليم لا تزول أبداً، وهنا أسقطت القواعد الأخلاقية في هذا الاعتبار.
بالتالي، إن احترام الصفة الخاصة يوجب فقط التزاماً بالحفاظ على التعليم، هذا الالتزام المتعلق بالسلوك خارج التعليم هو بذاته يقضي على الحياد، ويحدد فقط مظهر المعتقدات بالأقوال والسلوك وليس وجود هذه المعتقدات، فالمجلس الدستوري هو إذن أقل تشدداً من محكمة النقض.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.