أولا :
الملحمة التي سطرها المقاتلون الفلسطينيون” جناح القسام/ حماس” في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ قلبت موازين القوى في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وملفات المنطقة جميعا.وغيرت قواعد الاشتباك من الألف للياء في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وفي دول المنطقة المستهدفة من قبل امريكا والغرب واسرائيل . لانها لم تكن مسبوقة بجميع تفاصيلها. ولهذا سوف تُدرّس في جميع المعاهد والكليات العسكرية والحربية العالمية كفكر وفن من فنون القتال المتفوق على التكنلوجيا الحديثة والتقدم العسكري الهائل .
ونعطي نظرة خاطفة لأسرار نجاحها:
- ملحمة “طوفان الاقصى” مستوحاة من ملحمة عبور قناة السويس وعبور ” خط بارليف ” في ٦ اكتوبر ١٩٧٣ بدليل سريتها التامة ومثلما حصل في معركة اكتوبر ١٩٧٣م ،وسر توقيتها بذكرى معركة اكتوبر التي قادها الجيش المصري بكفاءة عالية هزت العالم في حينها لانها هدت تحصينات وكسرت شوكة إسرائيل !
- فملحمة طوفان الاقصى استوحى مخططوها فكرة وسرية وعزم وتصميم عبور (خط بارليف) الذي بقي حديث الامة العربية والاسلامية والعالم أجمع ولا زال .لأنه كان ملحمة لم يصدقها العدو والصديق في حينها فسجلت ورقة ناصعة وخالدة لصالح العرب بشكل عام وصالح مصر وجيشها بشكل خاص !.
- وملحمة “طوفان الاقصى” هي الاخرى هزت العالم وأفقدت العدو توازنه في أقل من ست ساعات، ( وبالضبط نفس زمن عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف وعبوره في ٦ اكتوبر ١٩٧٣ ) فيبدو كل شيء كان محسوباً من قبل الذين خططوا لملحمة طوفان الأقصى لتكون معركة استنهاض الأمتين العربية والاسلامية بالضد من التغول الاسرائيلي والاميركي والغربي !.
- ولكي تعرفوا أن كلامنا صحيح فلقد وافق عبور خط بارليف في يوم كيبور أو عيد الغفران لدى اليهود والمقاتلون الفلسطينيون ايضا اختاروها عيدا يهوديا اضافة ليوم السبت فنفذوا ملحمتهم البطولية النادرة ضد مستوطنات ومعسكرات اسرائيل في محيط غزة واندفعوا في عمق الأراضي المحتلة ليزيدوا في تعقيدات المعركة ضد العدو ويعطوا لها وقعا عالميا وتاريخيا لا يمحيه أحد !.
- وبالضبط ايضا استوحى المقاتلون الفلسطينيون فكرة عبور خط بارليف عندما بدأ الهجوم بالضربة الجوية من قبل المخططين المصريين مستغلين عنصري المفاجأة والتمويه العسكريين الهائلين من قبل الجيش المصري. وهكذا فعل مقاتلوا القسام من خلال الطيران الشراعي والقصف بالصواريخ ،وشل منظومة العدو التكنولوجية والرقابية وعمل الرادارات من خلال التفوق السيبراني فانهارت معسكرات وقواعد ومنظومات اسرائيل وانتقلت المعركة بسرعة فائقة الى داخل اسرائيل .وكانت خسائر اسرائيل ثلث خسائر حرب اكتوبر ١٩٧٣ حتى اللحظة .وهذا لم يخطر على بال أحد في العالم وليس في اسرائيل فحسب !.
ثانيا :
نعم .. انها اذهلت الاسرائيليين و العالم وصدمت وشلّت الكيان الاسرائيلي سياسيا وامنيا وعسكريا ونفسيا ومعنويا فأصبحت ملحمة قولا وفعلاً ورمزاً كونها أعادت للاذهان ملحمة عبور “خط بارليف ” في ٦ اكتوبر ١٩٧٣ بالضد من آسرائيل المحتلة لأرضهم وبالضد من الجيش الاسرائيلي الذي يُنكل بهم وباطفالهم ونسائهم ويعبث بأمنهم وحياتهم بشكل يومي، ويحمي تدنيس اليهود المتشددين للمسجد الاقصى وبوسائل مهينة وقذرة للغاية لم تحترم صغير ولا كبير ولا شيخ ولا أمرأة، والعالم الغربي الذي يتاجر بحقوق الانسان يتفرج صامتاً !
الخلاصة :
- إن تخطيط ملحمة “طوفان الاقصى ” لم يكن وليد فترة قصيرة .ولم يكن بجهد فلسطيني فقط ( بل هو تحالف عقول وأفكار من مختلف الاقطار والامصار مجتمعة وبجميع الاختصاصات جمعها رفض الظلم والبحث عن الحرية) لأنها رافضة للإحتلال ولعنجهية الجيش الاسرائيلي وللتخريب والتدمير الممنهج الذي تقوم به اسرائيل في جميع الدول العربية والاسلامية .والرافضة لمًا يفعله اليهود المتدينين والمتطرفين ضد المقدسات الاسلامية واولها المسجد الاقصى !.
- وان أول الدول التي استفادت بعد الشعب الفلسطيني من ملحمة ( طوفان الأقصى ) هي سوريا التي دخلت بالمرحلة الثانية من الحرب الكونية ضدها فجاء طوفان الاقصى ليخلط الأوراق فينقذها من مخطط خطير ، وإيران التي تيقنت أن هذه المرة سوف تُضرب وسوف تُفكك قومياً فجاء طوفان الاقصى ليخلط الاوراق فينقذها وينقذ حلفاءها في العراق والذين كان ضدهم مخطط لاقتلاعهم ، ومصر الذي ضدها مخطط اقتصادي خطير لإنهيارها وادخالها في الفوضى بدعم اميركي واسرائيلي هي الاخرى تنفست الصعداء ، وتركيا التي تيقنت انها مقبلة على مخطط ( افغنة الداخل التركي ) هي الأخرى انتعشت ، و اذربيجان التي أختارها الغرب وامريكا خصما بحجة مناصرة الأرمن المسيحيين ضد المسلمين في اذربيجان ومن ثم ضرب تركيا في خاصرتها وتأسيس بؤرة توتر بخاصرة ايران بدعم اسرائيلي ، وكوسوفو التي تعتبرها تركيا رئتها في البلقان كان يخطط الغرب لمعركة جعلوا الصرب المناصرين لروسيا يتحركون صوب حدود كوسوفو لاحداث فوضى ، واستفادت المقاومة في لبنان والتي سهل عليها طوفان الأقصى عندما تقرر إعادة الجليل والمناطق المحتلة والتي هي ليست بعيدة أبدا ، واعطت راحة كاملة للسعوديين الرافضين للتطبيع بضغط اميركي وإسرائيلي ناهيك أنها أسعدت رموز القطب العالمي الجديد وبمقدمتها الصين وروسيا !.
- بالمختصر المفيد أن طوفان الأقصى وليد تحالف عقول تابعة للدول والجهات التي ترفض مخطط الغرب وأمريكا وهيمنتهما على المنطقة ( والأهم جاء طوفان الاقصى ليوقف بروز الشرق الاوسط الجديد الذي يراد له اختفاء دول وتوسع أخرى) وبالفعل بدأ في السويداء السورية وفي اذربيجان وشمال سوريا وفي الداخل التركي أي مخطط الشرق الأوسط الجديد! فجاء طوفان الاقصى ليبعثر أوراق ومخططات الشرق الأوسط الكبير والذي هو تسمية دبلوماسية لمشروع اسرائيل الكبرى ، ومن مصلحة تلك الدول المهددة من قبل أمريكا والغرب والناتو ديمومة ملحمة طوفان الأقصى لخلط الأوراق على أمريكا وبايدن أمة المثلية !.
د. سمير عبيد
٨ أكتوبر ٢٠٢٣م