بعد إنتهاء انتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة وتعيين أعضاء مجلس الدولة الامر الذي يمهد لإنعقاد مجلس عمان قبل النصف الأول من شهر نوفمبر الجاري ، وما يعنيه ذلك من بدء مرحلة جديدة مفعمة بالأمل والعمل الوطني الخلاق لبناء عمان الوطن الحضارة والتاريخ والحاضر والمستقبل بكل تجلياته النهضوية والتنموية الشاملة .
وهو مايجب أن نظهره في المرحلة القادمة لتتطابق كلمات الوصف مع الواقع المنتظر وبكل دقة وفي كل جوانب العمل الوطني المنتظر ولتنصهر كل التطلعات المشروعة ببوتقة المصلحة الوطنية وعبر كل الأطراف في مجلس عمان ، ومن ثم التعاطي الإيجابي مع متطلبات المرحلة مضافا إليها مطالب كل طرف بالشكل الذي يليق ويتناسب مع أهداف ومنطلقات العمل الوطني في المرحلة المتوهجة القا في الفترة القادمة .
وما يعنيه ذلك من عدم إستغلال السلطة بشكل مفرط يؤثر على مسار العمل الوطني الذي ينشده ويتطلع إليه الجميع ليمضي بتوازن دقيق لا يخل بمسار العمل الوطني من بعد الإصغاء لصوت الإجماع الوطني وهو صوت عال وجهور كما نعرف ويعبر عن الآمال المنتظر تحقيقها في كل جوانب العمل الوطني ، خاصة الجوانب التشريعية وتعلية مبدأ إحترام السلطات لبعضها البعض من بعد تحديد بدايات ونهايات كل سلطة بنحو جلي حتى لا يحدث اي تداخل او تعارض بين السلطات وبما يكفل انسياب الاداء العام بكل سلاسة واريحية ، من بعد الايمان عبر اليقين المستقر والمطمئن بأن الجميع ينشد المصلحة العامة كهدف اعلى وأسمى وبغض النظر عن كيفية تعاطيه معها في إطار إنكار مقدس للذات على حساب تقديم وتنزيه المصلحة العامة الأمر الذي يتطلب معه إعادة النظر في الكثير من الجوانب المشتركة والتنسيق بين الأطراف في مجلس عمان و العمل سويا و بجدية لتجاوز التحديات وفتح آفاق العمل المؤسسي الذي ننشده فعلا قبل أن يكون قولا .
إن اهم ما يجب أن نعيه وخاصة من جانب الحكومة حقيقة أن العمل البرلماني ومجلس عمان جزء من منظومة التطور الذي تشهده سلطنة عمان ، كغيرها من الجوانب التنموية القائمة على قدم وساق ، بل يجب إيضاح الحقيقة القائلة ان تطور المجتمعات لا يقاس فقط بالتطور المادي ، هناك مترادفات واطر يتعين ان تؤخذ في الإعتبار منها ان عملية المشاركة في صنع القرار في البلاد ليست عملية صورية وتكميلية وآلية لذر الرماد في العيون ، وأن نجاح مجلس عمان ، وخاصة الشورى يعتمد بالأساس على تعاون الحكومة والأخذ بالتوصيات التي يرفعها إليها وكذلك في الجوانب والقضايا التي يدرسها وفي آليات التعاون البرلمانية المعتمدة من قبلهما والمفضية بعد الالتزام الدقيق بها للوصول إلى النجاح المنشود .
احيانا يحتاج الامر الى اظهار قدر من المرونة من الحكومة بهدف تحقيق عنصر الإيجابية ولإظهار وتاكيد فاعلية المجلس من الزاوية السياسية والإعلامية أمام المجتمع و الرأي العام ودول العالم ، وعبر هذا التناسق يتضح دوره ، بل يعد كرسالة اطمئنان للناخبين مفادها ان الاداء يمضي كما ينبغي ، وأن جزء من تطلعاتهم وامالهم تتحقق، و ان قيد النظر وانها لم ولن تنسى .
صحيح ان هناك ممارسات حدثت ووقعت ووثقت في هذا الاطار شابت المرحلة السابقة لم تكن موفقة في مجملها ، خاصة عدم الرد على بعض طلبات مجلس الشورى والمماطلة والتاخير في الردود ، وعدم الاستجابة لتفعيل بعض أدوات العمل البرلماني ، مما اضعف موقف المجلس خاصة إزاء الكثير من رغبات المواطنين كالاعفاءات والطلبات التي كان المجلس يناقشها ويرفع في شأنها التوصيات ، إلا أنها لم تجد طريقها للتنفيذ من الحكومة ومن ثم يمكن تصنيفها كان لم تكن !..
بلاشك أن المرحلة القادمة فاصلة ومحورية لمجلس عمان ، لذلك يتطلب أن تتناسق الجهود وتعمل بشكل متكامل والأخذ بكل الآراء ، بل الإيمان والالتزام بالأدوار والتنسيق المشترك ، ولا يجب إستغلال عدم فصل السلطات بنحو دقيق كمطية للتمادي في تكريس عدم التعاون مع مجلس عمان .
هذه الممارسات تؤثر سلبا على الصورة الذهنية الكلية للدولة في الداخل والخارج وتلقى بظلال قاتمة على تجربتنا البرلمانية الفتية ، كما انها لا تنسجم مع تطور المجتمع العماني الذي ينشد تحولا حقيقيا لاهلاميا ولا هشا في مسار العمل المؤسسي يفضي إلى وجود تطور ملموس في جوانب المشاركة في صنع القرار في البلاد .
بالطبع هناك توجهات عليا من القيادة بأهمية تمكين مجلس عمان و النهوض بدوره كجزء من الكيان السياسي للدولة وكجزء من التطور الذي تشهده سلطنة عُمان وباعتباره واجهة للبلاد في الداخل والخارج مع الحرص على تطوير تجارب المشاركة ، ليبقى التنفيذ على أرض الواقع هو العقبة التي تعاني من بعض الاشكاليات ، منها التنازع في لعب الأدوار بدون مراعاة لإنعكاسات ذلك على كل المستويات ذات الصلة .
نأمل أن نتفهم بان الدولة قد بسطت على الارض مفهوما واسعا وشاملا بهدف لإستيعاب كل التوجهات وكل السلطات وبما يكفل الانسجام في الاختصاصات و الصلاحيات وبدون بروز تعارض او تشاكس يعطل المنظومة برمتها عندما تتقاطع مع سلطات ما مع اخرى في نقطة ما بهيكل السلطة التنفيذية التي يجب أن تكون أكثر تفاعلا باعتبارها الموجه للسياسات والحارس الأمين على سمعة الدولة ومكانتها في الداخل والخارج .
علي بن راشد المطاعني