إن الموقف الشرعي لتجويع طائفة من المسلمين المدنيين (لا سياسيين ولا عسكريين) هو فعل محرّم شرعاً، وقانوناً وأخلاقاً وتندرج تحت كثير من المسميات، وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز منع الطعام أو الشراب على أحد بما في ذلك المسجون، وما يحدث في غزة هو اتباع هذا الأسلوب من قبل الكيان الصهيوني عمداً وحكمه (من منع الطعام عن سجين عمداً، وكان السبب في موته، فإنه يقتل به؛ لأنه يكون ظهر منه قصد موته) وهنا نقصد بالسجين أهالي غزة المحاصرين من نساء وأطفال وكبار السن.
وإن كانت الأمة العربية والإسلامية تعرف الحكم الشرعي لتجويع أهلنا في غزة وحرمانهم من كل حقوقهم حتى أدناها غير متوفرة خاصة بعد القصف الممنهج الذي يتبعه الكيان المجرم واضطرار مئات الآلاف من سكان غزة إلى النزوح، تحت ظروفٍ قاسية ستحمل مناخاً من الأمراض والأوبئة خاص مع تعطل جزء كبير من المستشفيات ووسائط النقل بفعل انتهاء الوقود وعدم إدخال أي شحنات جديدة حتى تحت مسمى إنسانياً، هذا وصمة عار تجاه أمة المسلمين أجمع، والله لو نفخوا نفساً واحداً معاً لمسحوا الكيان الصهيوني من الوجود، لكن ابتعاد الناس عن الدين وعن أخلاق الإسلام أوصلتنا إلى هكذا نتيجة، فرد الظلم هو من أخلاق الإسلام أما موقف المتفرج فالحكام لا تختلف عن الكيان الصهيوني في شيء لا بل تشاركه جرائمه بصمتها المذل والمخزي.
أما من الناحية القانونية فإن معبر رفح وفق اتفاقية المعابر بالشراكة بين الإدارتين الفلسطينية والمصرية، والذي تُشرف عليه هيئة المعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطينية، ويمثل هذا المعبر في الوقت الحالي شريان الحياة بالنسبة لأهلنا المحاصرين في غزة، ووفقاً لاتفاقية المعابر الموقعة بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، ينحصر استخدام المعبر في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية مع استثناء لغيرهم أحياناً، بإشعار مسبق للحكومة “الإسرائيلية” وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية، لكن ماذا فعل الكيان الصهيوني لقد ضرب كعادته بعرض الحائط هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات.
بالتالي، إن أي اتفاقيات تنص على إغلاق المعابر ومنع عاجل المساعدات والإمدادات والعون بكافة أشكاله فهي باطلة لأنها تعاون على أكبر إثم وبغي وعدوان، كما تُعتبر من الفساد في الأرض لما فيها من إعلاء كلمة الكفر والكافرين، وعون لهم على التدمير والقتل والجرائم الحربية ضد أهل الإسلام في غزة، كما تعتبر من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين وخيانة لأمانة الولاية، بالتالي، فلا يجوز لدولة مسلمة ولا لشعب ولا لفرد الالتزام بها.
قال تبارك وتعالى: (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيامٍ نحساتٍ لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا يُنصرون).
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.