تمهيد ضروري:
بلاشك ان منطق المؤمنين وقناعاتهم تختلف عن منطق الشياطين وغير المؤمنين وقناعاتهم. وبالضبط أن” البخيل لن يقتنع يوماً ان هناك أنسان كريم لديه استعداد ذبح بقرته الوحيدة التي تمده وتمد اسرته بالحليب والولادات التي يبيعها لسد حاجته … والجبان لن يقتنع يوماً ان هناك انسان شجاع يقدم حياته من اجل انقاذ اسرته وشرفه وأرضه وجاره وبلده….. وهكذا ” فالقضية نسبية وقضية سوء عاقبة بالنسبة لغير المؤمنين وحسن عاقبة بالنسبة للمؤمنين. والمؤمنون ونحن منهم ان شاءالله نجزم ان ” العالم ماقبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ليس العالم مابعد ٧ أكتوبر ” وان ” اسرائيل دخلت مسلسل الانحدار ولن تعود الى ربع ماقبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣” .وان مرحلة خريف الرؤساء والقادة العرب وانظمتهم سوف يبدأ قريبا وغير مأسوف عليهم ( فالمرحلة الثانية من الربيع العربي قادمة اضافة لربيع اقتصادي وأزماتي خليجي) خصوصا بعد جبنهم أمام اسرائيل وتفرجهم على قتل آلاف الاطفال والنساء المسلمين في غزة. لا بل يساعدون اسرائيل بالسلاح والاعلام والذخائر …الخ ضد فقراء غزة !
غزة عنوان لحرب عالمية صغيرة !
أولا :
نعم .. ان مايحدث في غزة هي حرب عالمية صغيرة تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل والهند والسعودية والامارات ودول خليجية وكندا واستراليا ودول كثيرة هدفه تهجير الفلسطينيين من شمال غزة كمرحلة اولى ثم تهجيرهم من المناطق الاخرى .ولقد عرضوا على مصر اسقاط جميع ديونها مقابل قبول فلسطيني غزة في سيناء ،والباقون منهم سيتم تسكينهم في السعودية والامارات وقطر والعراق بمشروع اقل ما يقال عنه مشابه تماما لمشروع ابادة الهنود الحمر اهل الارض الاصليين في امريكا .
ثانيا :
ولقد ذكر موقع “أكسيوس” في قمة العشرين السابقة التي عُقدت في الهند إن السعودية والإمارات والولايات المتحدة والهند أعلنت عن اتفاق كبير مشترك للبنية التحتية يربط دول الخليج والدول العربية عبر شبكة سكك حديدية.وأضاف الموقع نقلا عن مصدرين مطلعين على الخطة أنه سيتم ربطها بالهند عبر الممرات الملاحية من موانئ المنطقة” منطقة الشرق الاوسط والخليج ” وتمر عبر ” غزة” لتحقيق الشرق الاوسط الكبير والذي هو تسمية دبلوماسية الى ” إسرائيل الكبرى ” !.
و للأسباب التالية :
- لأنه تم اكتشاف كميات كبيرة جدا من النفط والغاز في قطاع غزة. فسال لعاب الشركات الاميركية والغربية الكبرى وهي التي دعمت اسرائيل الشروع في حرب الاجتثاث ، ومن هنا جاء قرار ترحيل الفلسطينيين خارج غزة وتحويلها الى ارض منزوعة السلاح لتباشر بعدها الشركات الكبرى ومنها شركات رئيس أسرة وزراء بريطانيا الحالي سوناك !
- لأن اسرائيل لديها مشروع(قناة بن غوريون) وهي قناة بديلة عن قناة السويس وتمر عبر شمال غزة ،ويفترض ربطها بالمشروع( خط الحرير الاميركي” الذي اتفقت عليه امريكا والهند والسعودية ودول الخليج وإسرائيل ثم البحر المتوسط فشواطىء أوروبا.
- ولأن شواطىء غزة من افضل الشواطىء واسهلها نحو البحر المتوسط لانها مفتوحه بشكل مباشر على البحر الابيض المتوسط وسهلة جدا ورخيصة من حيث شركات التأمين العالمية كونها لا تمر عبر منعطفات ولا جبال .
ثالثا :
نعود ونكرر ان مايدور في غزة منذ اكثر من شهر هو حرب عالمية مصغرة ومثلما ذكرنا اعلاه من جهة . اما من الجهة الثانية فالمشروع” خط الحرير الأميركي الهندي السعودي الاسرائيلي الاماراتي الخليجي” هو بالضد من خط “الحزام والطريق” الذي تعمل عليه الصين وبدعم روسي وربط منطقة الشرق الاوسط به وحتى ايران ومنطقة اسيا الوسطى .وهذه واحدة من ملامح ( عالمية حرب غزة ) . وهذا ما اكدته وزيرة المالية في الهند بقولها ان (صراع اسرائيل وغزة دليل على التحديات التي تواجه الممر الاقتصادي الذي يربط الهند بالشرق الاوسط واوروبا والذي تدعمه واشنطن)!….وبالتالي ان المقاومين الفلسطينيين الذين يدافعون عن بقائهم ووجودهم ورفضهم لنكبة جديدة يصب جهادهم بمصلحة الصين وروسيا وايران ( ومن هنا نجزم ان هذه المعركة بشعار ” حياة او موت ” بالنسبة للفلسطينيين ) وليس من مصلحة روسيا والصين وايران وكوريا الشمالية ومحور المقاومة ان يخسر المقاومون الفلسطينيون معركتهم هذه .وتلاقى هذا مع اصرار من الفلسطينيين على الثبات والنصر وباسناد من حزب الله ومحور المقاومة.
رابعا :
هناك ملامح بدأت تظهر لخلافات بين السعودية ومصر بسبب هذا المشروع الخطير الذي يفقد قيمة (قناة السويس) والذي يعتبر ضربة اقتصادية ضد مصر . وكذلك حول خطة تهجير الفلسطينيين الى سيناء. اضافة الى وقف تسليم ( تيران وصنافير ) سببه هدا المشروع الخطير على مصر خصوصا بعد ان اكتشفت القيادة المصرية عن تحالف ( سعودي – اماراتي ) ضد مصر وضد قناة السويس . وطبعا هذا كله بدايات لتحريك ( ربيع مصري ) بدعم سعودي واماراتي ومثلما حصل ضد نظام مبارك وفي تونس وليبيا وسوريا! . ومن هنا ليس امام القيادة المصرية الا التقارب مع ايران من جهة والالتحاق التدريجي والناعم بالمحور الروسي الصين من جهة اخرى( لا سيما وان هناك اندفاع تركي ايراني نحو مصر ) ولكن تركيا تطلب نظام السيسي ثاراً خصوصا وان اردوغان لا أمان له وهذا سوف يمنع الانفتاح على تركيا !.
الخلاصة : فلولم يحصل رجال القسام بقيادة يحيى السنوار ( حركة حماس/ التي تحت الارض ) على مسج ربما روسي او ايراني ان اسرائيل وامريكا ودول الخليج تستعد للمباغتة للقضاء على حركة حماس وتهجير سكان غزة لكانت كارثة ونكبة فلسطينية كبرى لن ينهض منها الشعب الفلسطيني .ولكن السرعة بوضع سيناريو ( ٧ أكتوبر ٢٠٢٣) من قبل كتائب القسام كانت الضربة القاضية لإسرائيل وجيشها والضربة الموجعة للمشروع الاميركي المدعوم من الشركات الكبرى ومن الهند والسعودية والامارات وبريطانيا … الخ !
د. سمير عبيد