لم يعد توازن حسابات التاجر منوطاً بحرصه وذكائه وتجارته فحسب بل إلى حد بعيد يتوقف على عوامل خارجية قد يكون من العسير تجنبها وهو ما يجعل التاجر مستهدفاً إلى اضطراب أعماله ووقفه عن الدفع لأسباب لا شأن له في أحداثها.
فيلجأ التاجر إلى الإفلاس لعل ذلك هو السبيل الوحيد للخروج بأقل الخسائر، وقد نظم القانون رقم /71/ لسنة 2020 بطرق أخرى كإعادة الهيكلة، والتسوية الوقائية، وآخرها إشهار الإفلاس.
والإفلاس قد يتعرض له التاجر الفرد وقد تتعرض له الشركة التجارية، باعتبار أن الأخيرة شخصية قانونية معتبرة قانوناً في التعامل التجاري ويسري عليها ما يسري على التاجر في العمل التجاري.
وتُعلَن حالة الإفلاس بحكم قضائي من طرف محكمة مختصة (المحاكم التجارية غالباً) وبمبادرة وطلب من الجهة المُفلسة نفسها أو من الدائنين أو من الدولة.
وتدرس المحكمة طلب إعلان الإفلاس وفقاً لمسطرة قضائية محددة من أجل التأكد من توفر واستيفاء جميع شروطه، قبل النطق بالحكم الذي تكون له تبعات قانونية على المُفلس.
وتقضي المحكمة، وفقاً لحالة المفلس ومدى عسره المالي، بأحد أمرين:
أولاً، إما أن تعين وصياً على الشركة المفلسة (قد يكون محامياً أو خبير حسابات معتمداً عند المحاكم) كي يسهر على تدبير شؤونها أملاً في تقويم وضعها المالي، والوصول إلى حلول مع الدائنين تضمن استمرارية الشركة وتحول دون فقد العمال لوظائفهم؛
ثانياً، وإما أن تأمر بتصفية أصول وممتلكات المفلس، وبيعها في مزاد علني. وتعيِّن لهذه الغاية قاضياً يتكفل بإدارة هذه العملية وسداد مستحقات الدائنين، ويرتب تعويضهم وفق أهمية كل دائن (صاحب امتياز أم دائن عادي) في حال ما إذا كانت الأموال المتحصلة من البيع غير كافية لسداد جميع الديون.
وهنا سؤال يطرح نفسه.. هل يجوز إشهار الإفلاس على الدولة من قبل دولة أخرى مدينة لها أو من قبل صندوق النقد..؟
الإجابة: الدول لا تفلس وإنما تعجز عن السداد. فلا يصح الحديث عن الإفلاس بالنسبة للدول كما يصح في الأفراد والشركات، إذ لا توجد محكمة أو هيئة دولية يمكن أن تضع اليد على ممتلكات الدول وبيعها من أجل سداد مستحقات الدائنين.
كما لا يجوز ذلك بأي حال من الأحوال في القانون الدولي، لما تتمتع به الدول من سيادة يحرم التعدي عليها.
الاستفادة من الإفلاس أو بالأحرى مزايا الإفلاس:
يمكن أن يساعد إعلان الإفلاس في إعفائك من التزامك القانوني بدفع ديونك والاحتفاظ بمنزلك أو عملك أو قدرتك على العمل اعتماداً على نوع التماس الإفلاس الذي تقدمه.
السماح للمدينين بالخروج من دائرة من التخلف عن السداد، وكذلك التخلص من بعض الديون غير المؤمنة، وتجنب الأحكام القانونية.
أما الأضرار أو العيوب الناتجة عن إشهار الإفلاس:
من المحتمل أن يؤدي الإفلاس إلى خفض تصنيفك الائتماني، مما يزيد من صعوبة الحصول على قرض أو رهن عقاري أو بطاقة ائتمان أو شراء منزل أو مشروع تجاري أو استئجار شقة.
التراجع في الجدارة الائتمانية للفرد والشركة أو المؤسسة وحتى الدولة، مثلما يحدث في حالات الحكومات التي تتعثر في سداد ديونها، يتم خفض تصنيفها الائتماني، مما يؤدي إلى هروب المستثمرين منها.
وختاماً:
يعد الإفلاس هو الخيار الصحيح خاصة إذا أصبحت الديون كبيرة جداً بحيث لا يمكن إدارتها، فقد يكون البديل هو تصفية جميع أصولك.
حينها ستضر بسمعتك الائتمانية والاستثمارية والتجارية، لكن في نفس الوقت، يعد الإفلاس قناة قانونية لتجنب سيناريو أسوأ.
المستشار: محمود المهدي | مكتب القسطاس للاستشارات القانونية – الكويت.