مُنذ “7 أكتوبر” وتتوالى الانتصارات التي تُحقِّقها الأمة العربية والإسلامية بفضل الله، ثم بفضل المجاهدين الأوفياء والصادقين والصابرين في غزة العزة، ومن ورائهم شعب الجبارين الذين لم ينهزموا رغم القصف الهمجي والوحشي من آلة العدو الصهيوني، بل كانوا خط الدفاع الأول عن المقاومة وما تقدمه من نصر على الأرض، وكما يُقال النصر يتلوه نصر، والهزيمة تجر إلى هزيمة أكبر، وخلف هؤلاء الأبطال كان النصر الذي تحققه المقاطعة الاقتصادية والتجارية لكل المؤسسات والشركات والجهات والدول الداعمة لقتل أطفال ونساء وشيوخ أهل غزة الأبرياء.
وسلاح المقاطعة أثبت يوما بعد يوم نجاحه وفاعليته وأثره، وبدأت الشركات والمؤسسات “المتصهينة” تبث الكثير من الرسائل التي تُبرهن بأنها غير داعمة، أو أن صاحب العلامة التجارية في البلد لا يدفع إلا نسبة قليلة للشركة الأم ورسائل أخرى توضح أنَّ المقاطعة غير مجدية وأن أسهم هذه الشركات مرتفعة ولها رواج، ولا يدرون بأن العالم أصبح يُدرك اللعب الذي يلعبونه، ويدرك أن ضخ الأموال الطائلة لدعم هذه الأسهم واضح للعيان، بأن الدفع لمستهلكين حتى يقفوا طوابير أمام محلاتهم ومراكزهم التجارية لم يعد يمر على الناس التي أصبحت تعي ما تفعله الشياطين، وأن زمن الضحك علينا كمستهلكين ولى إلى غير رجعة.
إنَّنا ثابتون على المقاطعة الدائمة والمستمرة هذه المرة فقد بلغ السيل الزُّبى، وعلى الشركات والمؤسسات التي تحمل العلامات التجارية وتعمل في البلد أن تغير سياستها وتبعيتها لهذه العلامات كما حصل في روسيا عندما قررت هذه العلامات الانسحاب من السوق الروسية، وقام أحد التجار الأذكياء بتغيير العلامات التجارية والعمل على سياسة جديدة، ووظف أكثر من الموظفين الموجودين سابقا، وفتح فروعا أكثر من الفروع الموجودة، ونجح نجاحًا منقطع النظير، وهذا يعني أنكم قادرون على النجاح بعيدا عن هؤلاء القتلة ومصاصي الدماء.
وعلينا جميعا أن ننتبه إلى أنَّ الضغوطات سوف تتزايد علينا من جوانب مختلفة والمندسين الصهاينة من العرب والمسلمين موجودون، وهم مثبطون لكل الجهود التي تبذل في مجال المقاطعة التجارية والاقتصادية؛ فتارة يقولون إنَّ موضوع المقاطعة لابد أن يصدر بقرار من الحكومة، وأحيانًا: “لازم نفكر في الموظفين الذين يعملون بهذه الشركات”، وأخرى “لازم تكون هناك فتوى صريحة من المفتي الخاص بالدولة”، وفي كل مرة يسوقون الأعذار لهذه الشركات ويُلقون اللوم على المستهلكين بأنهم دمروا بيوت مواطنين، وهكذا لا يستنكفون أن يكونوا عونا للصهاينة أكثر من الصهاينة.
المقاطعة لابد أن تستمر وبشكل دائم؛ فهذه الشركات والمؤسسات والمطاعم والدول والجهات لها بدائل في السوق، وهناك خيارات متعددة، وحتى وإن افترضنا وجود بديل أغلى بشيء بسيط وهو وطني فهو يمثل خيارنا الأول، وهذه المقاطعة مفيدة لنا صحيا واجتماعيا واقتصاديا وتجاريا، فلا تعودوا للشراء ممن أساء إلينا وقتل أطفالنا ونساءنا وأمهاتنا وكبار السن الأبرياء في غزة العزة.. ودمتم ودامت عُمان بخير.
د. خالد بن علي الخوالدي