اتفاقيَّة فيينا للعلاقات الدوليَّة عام 1961م هي اتفاقيَّة دوليَّة أوضحت الإجراءات والضوابط الخاصَّة بالعمل الدبلوماسي بَيْنَ الدوَل وفيها أبواب ومفردات ومفاهيم كثيرة مِنْها الحقوق والواجبات الخاصَّة بحصانة البعثات الدبلوماسيَّة كالمباني أو مقار أو سكن، بالإضافة إلى موظفي البعثة من حمَلة الجواز الدبلوماسي.. وغيرها من المجالات الَّتي تخصُّ البروتوكول والإتيكيت الَّتي تصبُّ في بناء وتقوية أو قطع العلاقات الدبلوماسيَّة.
بروتوكول (الزِّيارات المحليَّة) يفرق كثير عن بروتوكول وإتيكيت الزِّيارات الدوليَّة أو الأجنبيَّة.
البروتوكول المحلِّي في الزِّيارة ومِنْها (الاستقبال والتوديع وهدف الهدف) يقصد فيه استقبال كبار الشخصيَّات ضِمْن البلد الواحد كزيارة وزير إلى وزير آخر أو يزور ويتفقَّد فروع وزارته، أو بروتوكول زيارة محافظ إلى ولايات ومُدُن الَّتي تقع تحت مظلَّته القانونيَّة، وغيرها من الأمثلة والَّتي تختصر بالعُرف الدبلوماسي (زيارة عائليَّة Family Visit) وهي لا تحتاج إلى بروتوكول مِثل فرش السجادة الحمراء أو توقيع اتفاقيَّات أو جدولة الزِّيارة ووقتها قصير ومحدَّد حتَّى وإن كانت من هرم الدَّولة الَّذي قَدْ يزور قاعدة عسكريَّة أو وزارة معيَّنة فوقتها لا يتجاوز ثلاث ساعات، بالإضافة إلى هدفها الَّذي يكُونُ الاطِّلاع والاستطلاع والوقوف على الإيجابيَّات والسلبيَّات والتَّوجيه المستقبلي، وقَدْ تكُونُ هناك عقوبات في حال المقصِّرين عن ممارسة العمل والمنصب، وبروتوكول الزِّيارة المحلِّيَّة قَدْ تكُونُ فرديَّة فقط، ولا تزيد عن شخصين بموعد معلوم أو زيارة مفاجئة.
واليوم سوف نتطرَّق إلى بروتوكول الزِّيارات الخارجيَّة على مختلف مسمَّياتها وإن كانت كثيرة، ولكن سوف نشرح بعض النقاط المشتركة المُهمَّة؛ لأنَّها قَدْ تحمل رسائل مبطَّنة سلبيَّة المعنى أو إيجابيَّة الهدف، وذلك من خلال الاستقبال البَهي والرائع والمهيب والشَّعبي والَّذي يعكس مدى عُمق العلاقة والرغبة في تطويرها مع الطرف الآخر والَّذين يكنُّون له كُلَّ الاحترام والتقدير والمَحبَّة، عكس إذا كان الاستقبال روتينيًّا ويفتقد إلى أبسط مفردات إتيكيت وبروتوكول الزِّيارة. بروتوكول الزِّيارة فيه عدَّة أنواع تبدأ من (زيارة دَولة، زيارة رسميَّة، زيارة خاصَّة، زيارة أخويَّة، زيارة سِريَّة، زيارة خاطفة) والعُرف الدبلوماسي السَّائد هو التحضير والإعداد لنَوْع الزيارة قَبل فترة معلومة، وخصوصًا زيارة دَولة أو الزِّيارات الأخرى.
ونتكلم اليوم عن بروتوكول وإتيكيت (زيارة دَولة):
تُعدُّ هي الأعلى مستوى بَيْنَ أنواع الزِّيارات الرسميَّة الَّتي تتمُّ بَيْنَ قادة الدوَل من ملوك وسلاطين وأُمراء ورؤساء دوَل وحكومات، ولها مراسمها الخاصَّة وبرامجها المميَّزة، إذ تُعدُّ أهمَّ البروتوكولات الدوليَّة في مجال العلاقات الدبلوماسيَّة والاقتصاديَّة والأمنيَّة والأكاديميَّة.. وغيرها.
وتبدأ (زيارة دَولة) بدعوة رسميَّة من رئيس الدَّولة المُضيفة لنظيره رئيس الدَّولة الزائر، فيكُونُ فيها ضيفه شخصيًّا ويسكن في أحد قصور إقامته الرسميَّة حتَّى نهاية الزيارة، وهي تقام لأيِّ رئيس من نَفْس الدَّولة مرَّة واحدة أثناء مدَّة حكمه. ويتضمن بروتوكول زيارة دَولة إقامة مراسم الترحيب في أبهى ما يكُونُ والَّتي تبدأ بعزف النشيد أو السَّلام الوطني للبَلدَيْنِ، ويستعرض بعدها الضَّيف والمُضيف حرس الشَّرف، وتطلق المدفعية 21 طلقة تحيَّة للملوك والسَّلاطين والأُمراء ولرؤساء الدوَل و19 طلقة لرؤساء وزراء الحكومات الَّتي يكُونُ منصب الرئيس في نظامها شرفيًّا، ويكُونُ طول السجَّادة الحمراء الَّتي يسير عَلَيْها بحدود 50 مترًا، وبعرض ما بَيْنَ 2.70 إلى 3 أمتار. ومن أفضل الأمثلة على ذلك من أشقَّائنا في السعودية وقطر في تطبيق بروتوكول زيارة الدَّولة من البداية حتَّى النِّهاية بكُلِّ دقَّة وإتقان وحِرفيَّة عالية بعيدًا عن عُمق العلاقات الأخويَّة بَيْنَ دوَل مجلس التعاون الخليجي، حيث نشاهد عرض السجَّادة الحمراء بحدود 3 أمتار من درج أو سُلَّم الطائرة إلى حين ركوب السيَّارة وبطول أكثر من خمسين مترًا، بالإضافة إلى وجود أعلام الدَّولتَيْنِ خلف هرمَي الدَّولة وتوقيع اتفاقيَّات خدمة لمصالح البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ (سلطنة عُمان وقطر) أو (سلطنة عُمان والسعوديَّة) وهذه دلالة على حِرفيَّة دائرة المراسم في بُلدان مجلس التعاون الخليجي في تنفيذ (زيارة الدَّولة) بأعلى مراسم الترحيب وبأدقِّ مفردات البروتوكول الدولي فيها، ويقام حفل غداء أو عشاء للضَّيف، يدعو رئيس الدَّولة المُضيف إليه رئيس الدَّولة الزائر كضَيْف شرفٍ ويتمُّ خلاله تبادل الأوسمة والهدايا، بالإضافة إلى دعوة الضَّيف الزائر إلى زيارة المعالم الوطنيَّة للدَّولة المُضيفة وتكُونُ على مستوى عالٍ، ويُرافق هرم الدَّولة وفود تجاريَّة مع رئيس الدَّولة الزائر، لغرض توقيع أو الاطلاع على فرص تجاريَّة وتنمية اقتصاديَّة وثقافيَّة على وزراء الصناعة في الدَّولة المُضيفة، وفي نهاية زيارة الدَّولة يوجِّه الضَّيف الدَّعوة إلى رئيس الدَّولة المُضيفة لزيارة دَولته في المستقبل.
د. سعدون بن حسين الحمداني- دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت