نحن جميعاً بحاجة إلى بناء علاقة أقوى مع القرآن الكريم، القرآن مليء بالحكمة والهداية في كل آية وكلمة، إنها مسؤوليتنا أن نسعى للحصول على هذا التوجيه، وفهمه، ووضعه في سياقه، والأهم من ذلك التصرف بناءً عليه.
والتفسير علم فريد يجمع بين سائر العلوم الإسلامية، أثناء استكشاف السورة، يصادف الشخص مناقشات تتعلق بالنحو والصرف والبلاغة والأحاديث والفقه والسيرة وجميع تلك الدراسات التي تعرف بالعلوم الإسلامية، وقد وصف أحد العلماء القرآن بأنه بحر لا شاطئ له، بحر لا ساحل له، وكلما تعمقنا في دراسة القرآن كلما قويت علاقتنا به، سنصبح مرتبطين به أكثر فأكثر، وسوف ننجذب إلى جماله وروعته.
ولا بد للإنسان أن يبادر عند الدخول في هذا العالم، أن يقرأ المقدمات التي ذكرها العلماء، حول أسباب النزول، ونوع السورة مكية أم مدنية، هذا ناسخ وهذا منسوخ إلخ، كلما تعمقنا في التفسير والدراسة، أصبح أكثر تفاعلاً واهتماماً، فالقرآن الكريمينمي التواضع، وهذه هي طبيعة المعرفة الحقيقية، كلما تعلمنا أكثر كلما أدركنا أننا لا نعرف، لذا نسأل الله أن نكون جميعاً طلاباً مخلصين وملتزمين للقرآن والعقيدة الإسلامية.
في الآية الكريمة: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) الآية 75 من سورة المائدة:
في هذه الكلمات القليلة للآية الكريمة، لا إله إلا الله (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) فلا إله إلا الله ولا يمكن لإنسان أن يكون إلهاً،بالتالي، إن طبيعة المسيح عليه السلام واضحة من خلال الإشارات الواردة هنا؛ لقد كان مجرد إنسان، لقد كان مولوداً من رحم امرأة، وله نسب معروف، وله جسد مادي، وكان خاضعاً لكل حدود الإنسان، وله كل صفات البشر.
المسيح عليه السلام، نام، وأكل، وشعر بعدم الراحة من الحرارة والبرودة، وكان إنسانياً للغاية، فكيف يمكن لأي شخص عاقل أن يعتقد أن سيدنا عيسى عليه السلام، هو إما الله أو شريك لله في ألوهيته؟
بالتالي، كل ما يُعتقد خلاف ذلك هو شرك بالله عز وجل، وأقصد هنا المسلمين، أما اعتقاد المسيحيين فهذا دينهم ولهم قناعاتهم وهذا على خلاف اعتقاد بعض الفرق المسيحية والطوائف المسيحية بوثنية هذه المناسبة، وكذلك عدم صحتها وأنها خرافة حدثت بعد صلب السيد المسيح، أما ما يحدث اليوم بما يتعلق بهذه الاحتفالات لا علاقة له بالسيد المسيح وميلاده.
نحترم الآخر، نعم لكن لسنا مخولين للإيمان بها، وهذا ينطبق على مظاهر الاحتفالات ومفهوم عيد الميلاد، فنحن نحتفل بميلاد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كنبي الله إنسان كان من لحمٍ ودم، وليس إلهاً، وفي ميلاده نحيي الذكر ونقيم الموالد والاحتفالات تقتصر على كل ما هو قريب من عقيدتنا دون مبالغة، أما الاحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية الأخرى للطوائف الأخرى ففيه إشكالية شرعية، ولا أقول ذلك لنقد احتفالات إخواننا المسيحيين بل المسلمين الذين يحتاجون إلى توعية من خلال ترسيخ العقيدة الإسلامية في نفوسهم.
واخترت الحديث حول هذا الأمر، لأنني إنسان مسلم أولاً ويعيش في مجتمع إسلامي صرف، يرى أن هناك انحرافات عقدية وابتعاد الكثير من الناس عن الروح الحقيقية لعقيدتهم، من الطبيعي والصحي أن تتولد الغيرة للدفاع عن عقيدتنا السمحة ومن باب المحبة الخالصة وخوفي على أبناء أمتي وحرصي عليهم، فهذه عقيدة فلا أريد للناس أن تغفل عن العقيدة القرآنية فهذا معينا وزادنا كمسلمين، فالإنسان العاقل هو الذي يؤثر ولا يتأثر، خصوصاً صاحب العقيدة الواضحة الثابتة “عقيدة التوحيد”.
وهذه ومضة واحدة لآية واحدة من عشرات الآيات التي تتكلم عن قصة السيد المسيح عليه السلام.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.