يواصل الكيان الصهيوني الإرهابي المُجرِم عدوانه مُنفِّذًا أكبر جريمة في التاريخ الإنساني ضدَّ المَدنيِّين الأبرياء العُزَّل مُحدِثًا إبادة جماعيَّة لسكَّان قِطاع غزَّة، وبلغ به الطغيان والإجرام في تنفيذ عمليَّات إعدام ميدانيَّة، ويطبق حصارًا عسكريًّا على القِطاع، في مشهدٍ مهول لَمْ تألفه الإنسانيَّة على الإطلاق. والمؤسف أنَّ هذه الجريمة الإرهابيَّة والمذابح اليوميَّة تُنفَّذ والعالَم بأسْرِه يتابع على الفضائيَّات تلك المشاهد في حالة صَمْتٍ مُطبق، وهي وصمة عار تاريخيَّة ستلاحق النظام العالَمي بجميع دوَله ومؤسَّساته وهو يتفرج على هذه الإبادة الجماعيَّة ولَمْ يستطع الوقوف في وجْهِ الفيتو الأميركي الَّذي عطَّل كُلَّ مشروع قرار أُممي بوقف إطلاق النَّار، في وقت خرجت فيه الملايين من الشعوب مُندِّدة بهذه الجريمة البشعة في حقِّ الأبرياء الَّذين لَمْ يجدوا مَنْ يرفع عَنْهم آلة البطش الصهيونيَّة الَّتي تطلق مختلف أنواع القذائف وتصبُّ وابل القنابل على القِطاع لَمْ تستثنِ طفلًا أو شيخًا أو امرأة والولايات المُتَّحدة الشريكة الأولى في هذه الجريمة لَمْ تكتفِ بالوقوف أمام إرادة المُجتمع الدولي بوقف إطلاق النَّار، بل إنَّها قدَّمت جسرًا جوِّيًّا من الذخائر والأسلحة فيما ذكرته الصحافة العبريَّة بـ230 طائرة شحن و30 سفينة لمواصلة هذه المذابح الساديَّة، وتواصل قوَّات ما يُسمَّى «دلتا» المشاركة بالقتال على الأرض، وكذلك قوَّات أخرى مُعبِّرة عن خرقها لكُلِّ المواثيق والأعراف الإنسانيَّة، كما تدفع بحاملتَي طائرات وعددٍ من القِطَع الحربيَّة في البحر المتوسِّط، وكذلك هو الحال بالنسبة لقوى الاستعمار الأوروبيَّة (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) الَّتي أعادت إلى الأذهان تجربة الحروب الصليبيَّة .
الصَّمْت العربي الرَّسمي، الَّذي تحدَّثنا عَنْه في أكثر من مقال ولقاء إعلامي سابق، يُمثِّل قمَّة المأساة والذُّل والهوان. فهل يعتقد النِّظام الرَّسمي العربي أنَّ دوَلَهُم باتَتْ في منأى عن المُهدِّدات الأمنيَّة في ظلِّ هذا النِّظام العالَمي المضطرب الَّذي قرَّب قِطاع غزَّة قربانًا للشيطان؟! بالتأكيد أنَّ هذه الدِّماء وهذه الأرواح المتصاعدة إلى السَّماء ترفع شكواها إلى مالك المُلك ـ جلَّ وعَلا ـ وتعْلَم أنَّ كُلَّ مَنْ تقاعَسَ وتخاذلَ عن نصرتها لَنْ يكُونَ في مأمن من صروف الدهر والأيَّام دوَل. كما أنَّ هذه القوى الاستعماريَّة الظالمة الَّتي ساندت الشيطان الصهيوني في تنفيذ هذا الهولوكوست الإرهابي هي أيضًا ترتكب جريمتها اللاأخلاقيَّة، والَّتي لَنْ تمرَّ دُونَ تبعات إلهيَّة من ربِّ العالَمين الَّذي يُدبِّر الأمْرَ من السَّماء إلى الأرض. للأسف أنَّ هذا العالَم يسير اليوم نَحْوَ السقوط العظيم، فهذه الأرواح أوكلت أمْرَها إلى الحَكم العدْل ربِّ السَّماء والأرض وقَدْ أنذَر الله المُجرِمين الظالمين فقال سبحانه: «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ» وقال تعالى: «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ» وهناك الكثير من الدلائل القرآنيَّة، وفي كُلِّ الكتب السماويَّة حذَّر الله فيها الظالمين. أمَّا المتخاذلون عن نصرة الحقِّ والدِّفاع عن إخوانهم، فهؤلاء أيضًا قَدْ نزل فيهم قول الله تعالى: «وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا» كما قال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ» صدق الله العظيم .
ورسالتنا الأخيرة إلى تلك الثلَّة من الأبطال المقاومين المرابطين في سبيل الله، الَّذين يرسمون اليوم مشروع التحرير العظيم، الَّذين عقدوا النيَّة والتوكُّل على الله، مُدركين قوله تعالى: «وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» فهذا هو جهاد نصر أو استشهاد، وفي كلتا الحسُنيَين مَجدٌ وشرَف عظيم وأنتم ماضون في تنفيذ أوامر الله وشريعته، متوكِّلون عَلَيْه سبحانه، هو حسبكم وعلى الله فليتوكَّل المؤمنون ولَنْ يخذلَكم الله، فهو ناصركم فابشروا ببيعكم الَّذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم. مشروعكم العظيم على الأبواب وأنتم تقدِّمون ملحمة النَّصر وتكبِّدون العدوَّ خسائر جسيمة وقَدْ عجزت آلة بطْشِه بعد 82 يومًا من إيقاف صواريخ الشَّرف والكرامة، وعجزت آلة إجرامه عن إيقاف كمائن المقاومة، وعجزت عن استرداد أسير واحد، فلجأ إلى استهداف الأطفال والنِّساء بالقصف وقطع كُلِّ سُبل الحياة الإنسانيَّة، وكُلُّ المراقبين يؤكِّدون فشله الذَّريع، وقَدْ تأكَّد فشله في مجابهة الأبطال في ميادين الشَّرف والكرامة والتضحيات، فخارَت قواه ولقَّنتموه الدروس كُلَّ يوم. فالله أكبر ولله العزَّة ولرسوله وللمؤمنين.
خميس القطيطي