عبارة جاءت من أحمد عبر تطبيق (سناب شات) مستبشرا بقرار انشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمحافظة مسندم حيث قال : (جاتك الفرصة لإكمال الدراسة!) .. والامر بلا شك جميل ومفرح ولكن مجرد النظر إلى الجامعة انها (كلاسات) لتقديم المقررات الأكاديمية فيه ظلم كبير للجامعة وللمحافظة.
قرار إنشاء الجامعة جاء متسقا مع الاستراتيجية الشاملة لتطوير محافظة مسندم ورؤية عمان ٢٠٤٠ في توفير بيئة تعليمية تستقطب أبناء المحافظة بشكل خاص وأبناء الوطن بشكل عام انطلاقا من المقومات التنافسية التي تتفرد بها المحافظة وسيكون لها دور في عمل نقلة علمية واقتصادية ليكون المجتمع أكثر حراكا وفي ذلك تفاصيل كثيرة تستحق تسليط الضوء عليها.
التخصصات المطروحة حاليا في الجامعة مقبولة جدا كبداية لتلائمها مع رغبات مطلوبة بشكل قوي في سوق العمل وخصوصا التخصصات التي سيكون عليها طلب من الجهات الحكومية والخاصة الموجودة حاليا ومستقبليا وسيخفف على أبناء المحافظة أعباء الإنتقال إلى خارجها للدراسة وفي الجانب الآخر سيكون هناك توافد مكثف من أبناء الوطن تجاه المحافظة وذلك كفيل بتحقيق قيمة مضافة في ولاية خصب من خلال توفير فرص عمل وتعزيز النشاط العقاري والقوة الشرائية وتفعيل أكثر للنقل العام وإثراء للسياحة المحلية في كافة مجالاتها وفي ذلك تشعبات كثيرات .. وتخيل عزيزي القارىء لو كان النفق بين ولايتي خصب وبخاء قائما لنالت الأخيرة نصيبها من ذلك الإنتعاش وتلك عدوى محمودة عسى أن تصيب كل ولايات المحافظة.
ينتظر من الجامعة أن يكون لها دور كبير في خلق بؤرة للنشاط العلمي تمارس فيها – بالإضافة للنشاط الآكاديمي طبعا – أنشطة علمية مرتبطة بواقع المحافظة ويشارك فيه الكادر التدريسي وطلبة الجامعة والمهتمين بالشأن العلمي من أبناء المحافظة مما يخلق الفرصة للكفاءات العلمية فإن تظهر قدراتها وتلك نقطة مهمة سيكون لها أثر كبير من خلال ربط العلم بالواقع وأضف إلى ذلك عموم الأنشطة الطلابية التي ستقام في الجامعة مثل المحاضرات والندوات والجلسات الحوارية والمعارض بكافة أنواعها والجلسات الإنشادية والعروض المسرحية والتي ستحتوي المواهب من منتسبي الجامعة وخارجها وسيستفيد المجتمع المحلي منها للغاية وستقدم نماذج حقيقية لأبناء المحافظة لتطبيقها في الأندية الرياضية وجمعيات المرأة العمانية والمدراس وتلك اضافة مهمة جدا ترفع مستوى الوعي المجتمعي الذي كان مفتقدا من أبناء المحافظة عند التحاقهم بالجامعات والكليات خارج المحافظة.
مؤسسات المجتمع المدني في محافظة مسندم أمام فرصة لتعزيز أثرها المجتمعي من خلال عمل شراكة حقيقية مع الجامعة بما يحقق أهداف الجامعة وأهداف تلك المؤسسات وترفع من مستوى المهارات الشخصية لدى عموم الموظفين وتتيح مساحة للمبدعين والموهوبين منهم دون أي قيود قد تكون موجودة لسبب أو لآخر في بيئة العمل وعليه فإن المبادرة بكسر الحواجز أولوية للجميع وأنشطة كسر الجليد – كما نسميها في حزب المدربين – يجب التخطيط والتنفيذ لها في بدايات العمل في الجامعة والبعد عن دائرة (ما خبرناكم وما خبرتونا!).
الحديث في الشأن الثقافي والثقافات يحمل في طياته أشجان من محدودية إقبال المجتمع على الأنشطة الثقافية – وهذا الحال ليس في مسندم فقط – ووجود الجامعة يفتح أفاقا رحبة للتفكير في الاستفادة من طاقات الشباب المتوافد للدراسة من خارج المحافظة بما يحملونه من ثقافات متعددة يختار منها ما يتناسب مع خصوصية المحافظة ويحقق الإضافة فيها مع عمل (تشبيك) ايجابي بين ثقافة (ربعنا) والثقافات القادمة وأيضا الحد من الثقافات الهدامة وهذا عمل يشترك فيه الجميع نضع فيه اساس قوي واضح ونبني عليه ثقافة جديدة نكون فيها نحن المؤثرين – وليس المتأثرين – ليعود الطلاب من خارج المحافظة إلى ولاياتهم وهم يحملون الثقافة المسندمية الأصيلة كما أن الجهات المعنية بالثقافة في المحافظة كالنادي الثقافي وجمعيات المرأة العمانية والأندية الرياضية أمام فرصة جاهزة لتعزيز أنشطتهم بالتعاون مع الجامعة.
سعيد جدا بتحفيزي من أحمد لإكمال دراستي – وذلك مشروع مؤجل قد يقام وربما يتأخر وربما لا ينفذ وفق المخططات – وأرى في الجامعة حياة مليئة بالعلم والمعرفة والأهم من ذلك كله بناء للشخصية وصقلها بما تحويها من تجارب متعددة تنضج فيها الشخصية وتبنى المهارات ويصبح الخطأ فيها وقاية لخطأ أكبر والتوجيه والإرشاد فيها أكثر تأثيرا ونفعا وكما قالها أحمد فأني أقولها لكل من يقرأ هذه الكلمات : جاتك الفرصة.
محمد بن عبدالله سيفان الشحي
٧ يناير ٢٠٢٤ م