لازالت تنتشر الكثير من الخرافات و العبارات المزيّفة لدى كثير من المجتمعات وأكثرها تلك التي تقلل وتستنقص من شأن الإنسان ، عبارات يظن الكثير أنها حقيقة و هي زائفة وعكس السواء بل هي سيئة المعنى ، وسوف أبدأ بعبارتين، الأولى (بو طبيع ما يغير طبعه أو ما يجوز عن طبعه) و هناك عبارات كثيرة مشابهه لها،أخي العزيز و أختي العزيزة أتعلم ماذا تعني هذه العبارة، تعني أنك لا تحاول أن تتغير للأفضل ،ولا تفكر بذلك من الأساس، والأقسى من ذلك لو تغيرت للأفضل استهزئوا بك، مثل هذه الألفاظ غير واقعية وغير صحيحه والأفضل عدم التلفظ بها لأي سبب، فلا بأس عليك قد تتعرض لمثل هذا، وهنا أود تذكيرك بأمر مهم وهو (الله يريدك أن تكون أفضل و أجمل وأرقى وأقرب)، وتعرضك لهذا الأمر لا يُغير من قدرك ولا مكانتك عند ربك وهذا هو الأهم.
أما العبارة الثانية، (طحت من عيني ) وهذه العبارة الأخطر عندما تقال للأطفال فهي الأكثر تأثيراً في نفسياتهم، فهذه العبارة تُهاجم الشخصية وليس السلوك ،لذلك لا ينبغي أن تقال ولو بالمزاح ،ولكن السؤال المهم ماذا يحصل عندما تسقط من عين أحدهم ؟! طبعاً لا يحصل أي شيء ، ولا داعي أن تهتم بذلك ،بل اهتم بنفسك، لا تنشغل بغيرك، وركز فيما أعطاك الله من قدرات لتنفع نفسك و البشرية.
وهناك بعض السلوكيات الخاطئة لا تتخيل أن تكون في مجتمعات مسلمة، كالذين يستهزئون من الرجل أو الشاب الذي يذهب إلى المسجد ليؤدي صلاته فالبعض يسخر منه ويقول (عجب تو يطيح السيل ) أو تفكر نفسك مطوع إلخ من هذه الألفاظ الغير لائق ذكرها ، أليس الأولى أن ندعو له بالخير و التوفيق.
لا يقف الأمر على ذلك ،المُحزن عندما يصدق الإنسان هذه الخرافات والعبارات و يتفاعل معها على أنها حقيقة مُطلقه و لا مجال له للتغيير للأفضل،وأحد الأسباب المؤثرة في ذلك هي نظرته الدونية لنفسه ، لا يزال هناك من ينظر لنفسه على أنه سيء و غير جيد مع أنه طيب النفس والخُلق،بل البعض يرى نفسه أنه أقل من لا شيء، و قد يصل الأمر إلى احتقاره لنفسه و هو لا يعلم ، لا يزال يوهم نفسه ، بل هناك الكثير من الناس لديهم هذه النظرة الغير جيدة عن نفسه ، لماذا كل هذا؟! من قال أنك/أنكِ لا فائدة منك أو أنك أقل ؟! ما أود توضيحه أن كل هذه الأفكار والنظرة السوداوية عن النفس هي قاسية وغير صحيحة ،كل الكلام السلبي الذي تسمعه عن نفسك لا يعني أنه حقيقة، وما هو المانع أن تتعلم من أخطائك إذا كان هذا الكلام الذي تسمعه يؤدي بك إلى الأفضل، أرجو أن تُغير نظرتك لذاتك و الأمور من حولك ، أطلب منك أن تُقدِّر نفسك وتكرمها ، أن تحترمها ، كلما كانت نظرتك طيبة لنفسك كلما تحسنت و أصبحت أفضل.
والإسلام نسف كل هذه الخرافات والعبارات والأوهام التي تقلل من شأن الإنسان، ورفع مكانته وكرمه، قال سبحانه وتعالى:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) ، ولنا في القرآن الكريم آيات كثيرة تُعلمنا الخير و تَحثنا على التغيير والسعي للأفضل ، فالإنسان لديه الأمل ما دام يتنفس، يقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) ، اللهم لك الحمد والشكر والثناء والفضل والمنة دائماً وأبداً ،الحمد لله هو يفهمنا وهذا يكفي، الحمد لله الذي يعلم نيتنا وهذا يكفي،وعندما يقولون (ترى نحن نعرف إيش قصدك) ، حينها لا ننزعج بل نبتسم مطمئنين لأننا لا نحتاج أن نبرر لهم قصدنا مادام سليماً و الله يعلمه وهو غايتنا، الحمد لله هو رازقنا في جميع أحوالنا ووعدنا بالأجر و الثواب حين صبرنا ، الحمد لله هو سترنا حينما خطئنا وعافانا مما ابتلى به غيرنا و فضلنا على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً كبيراً ، الحمد لله الشافي المعافي عند مرضنا وهو أمرنا بالدعاء و التضرع إليه في جميع ظروفنا ووعدنا بالإجابة، قال تعالى : “وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ “، الحمد لله الذي جعلنا مسلمين وفضلنا على كثير من خلقه.
أحمد بن درويش الهادي