إن نمطاً محدداً من المنظمات الدولية أضحى ذا أهمية خاصة لمفكري العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة هو ظهور منظمات ملتزمة بالاندماج الإقليمي.
وغالباً ما تأخذ هذه المنظمات شكل مناطق حرة للتجارة حيث تتفق دول ضمن منطقة محددة على إلغاء بعض القيود على التجارة والاستثمار فيما بينها، وقد تترافق مشاريع الاندماج الإقليمي أيضاً بتخفيف القيود على الأفراد الراغبين في العمل في الدول الأخرى ضمن الإقليم، وظهور العملة الموحدة، والمؤسسات السياسية المشتركة، وحتى السياسات المشتركة فيما يخص الأمن والسياسة الخارجية.
وقد يكون الاتحاد الأوروبي المثال الأفضل المعروف، والمنظمة الإقليمية المؤسسة جيداً، إذ تتصف بكل الصفات المذكورة آنفاً بدرجات مختلفة، وبكل الأحوال، مجموعة كبيرة من المنظمات الإقليمية الأخرى منها الآسيان (منظمة دول جنوب شرق آسيا)، وميركوسر (منظمة تجارة حرة تضم البرازيل، الأرغواي، الأرجنتين، فنزويلا، الباراغوي)، ونافتا (منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا).
كما أن أحد جوانب الجدل حول الإقليمية يتعلق بالطريقة التي تتحدى بها أشكال الحكم وأيضاً المنظمات الإقليمية أشكال الفهم التقليدية للسلطة والقوة في السياسات الدولية، فعلى سبيل المثال، استقدمت فكرة الحكم متعدد المستويات لتغلف بهتان السيادة الذي وقع في فضاءات الاتحاد الأوروبي ومفهوم الحكم متعدد المستويات على صلة مباشرة بمناقشة كيف أنه ضمن حكومات محددة كالمملكة المتحدة، ويحدث هناك تنازل في السلطة السياسية إلى مستويات دون الدولة أو دون الإقليم (ويلز واسكتلندا) وذلك جنباً إلى جنب مع القوة المتنامية لأشكال الحكم الإقليمية على المستوى الأوروبي.
كذلك ظهر بشكل متزايد اهتمام بالأبعاد السياسية الخارجية والأمنية عند المنظمات الإقليمية على شكل كتابات غالباً ما تناقش المدى الذي تستطيع فيه اتخاذ قرار جماعي، مثل هل بوسع الاتحاد الأوروبي أن تكون لديه سياسة أمنية مشتركة بالطريقة نفسها التي لديه سياسة زراعية مشتركة.
بالتالي، إن أحد الاقتراحات هو الاعتماد على أشكال الفهم البنائية في العلاقات الدولية للقول بأنه من المحتمل أن تظهر المخططات الأمنية المشتركة في السياقات الإقليمية بسبب الطريقة التي يمكن بها استخدام المعايير والأفكار لبناء الكيانات الإقليمية، وسنوضح ذلك لاحقاً في دراسة (الآسيان – منظمة دول جنوب شرق آسيا).
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.