من النشاطات المتميزة للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إعداد القواعد المعيارية، دون إصدار قواعد ملزمة تستطيع من خلالها تنفيذ القرارات بشكل حازم بالنسبة للدول.
اقتصرت نشاطات الأمم المتحدة في هذا المجال فقط بالتصويت على قرارات ذات قيمة بسيطة لا تتعدى كونها توصيات، وعلى تبني مشاريع اتفاقات لا توضع موضع التنفيذ إلا بعد التصديق عليها من قبل الدول، وبالتالي إن أهمية النصوص التي تتبناها الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تقاس بقيمتها القانونية الدقيقة، فإذا كانت النصوص القانونية والقواعد العرفية التي تحمي حقاً من حقوق الإنسان إنما تعتبر جزءاً من هذه الحقوق بصرف النظر عن مصادرها، سواء كان الدولي أو الوطني أو الديني، كحق الشعوب في تقرير مصيرها، وحقها في المساواة والحرية والحياة وغير ذلك من الحقوق الواردة غالباً في معظم دساتير العالم.
أيضاً، هناك معياراً وضعياً لما يعتبر من حقوق الإنسان بحيث لا يترك الأمر للاجتهاد أو الخلاف، وهذا المعيار يتقبل في مجموع الحقوق الأساسية التي وردت على المستوى الدولي، مثل، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية، والعهد الدولي للحقوق السياسية والدينية، وفي هذه الوثائق تضمنت حقوق الإنسان الأساسية، ما جعل منها نموذجاً لمدونة عالمية للحقوق الإنسانية.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
أعد هذا الإعلان من قبل لجنة حقوق الإنسان، تطبيقاً للمادة /68/ من الميثاق، واعتمد هذا المشروع من خلال تصويت 48 دولة وامتناع ثمانية عن التصويت، وهم الاتحاد السوفيتي والدول الخمس التي كانت تدور في فلكه آنذاك من دول أوروبا الشرقية، وكان سبب الامتناع أنهم رأوا أن الإعلان قد تم تجاوزه بالمثل الأعلى الماركسي، أيضاً العربية السعودية لم تقبل فكرة حق الإنسان بتغيير دينه، وأما أفريقيا الجنوبية لم توافق على عدم التمييز العنصري.
إلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت هذا الإعلان في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول للعام (1948)، هذا الإعلان يعد من أكثر قرارات الأمم المتحدة شهرة وأهمية، كما أنه أكثر القرارات إثارة للجدل والنقاش لما يتمتع به من قيمة قانونية، لكن لماذا؟
لأن مضمون النص ذاته الذي ينبغي التصويت عليه من دول ذات أيديولوجيات متباينة، ما شكّل عقبة، وكانت هناك صعوبات عرقلت الفاعلية المطلوبة من قبل بعض المشاركين داخل الأمم المتحدة كل ذلك لم يمنع أن يبصر الإعلان النور، بعد أن أدخل محرروه تسويات ومصالحات وبصورة خاصة فيما يتعلق بالمواد المرتبطة بالملكية والحقوق الإجتماعية.
وبذل محررو الإعلان مجهوداً كبيراً لأن يعتمدوا ميزاناً متساوياً بين بلدان الغرب والشرق، لكن ذلك أدى إلى غموض في بعض النصوص، لكن رغم ذلك، فإن لهذا الإعلان قيمته المهمة بالنسبة لحقوق الإنسان وله آثاره المهمة أيضاً.
عبدالعزيز بن بدر القطان / مستشار قانوني – الكويت.