يستكمل العدوُّ الصهيوني مسلسل إبادته الجماعيَّة لسكَّان قِطاع غزَّة من الأبرياء، وتواتَرَ الكثير من قصص الإجرام والحصار والعدوان، فيما العالَم الحُر يعيش أسوأ مراحله التاريخيَّة وهو يتابع الجريمة وكأنَّ مَن يُقتلون يوميًّا بالمئات هُمْ مجرَّد أرقام! فإلى أين يريد أن يصلَ هذا العالَم وهو يشاهد هَوْل الجريمة الَّتي تجاوزت ثلاثين ألفًا، بالإضافة إلى آلاف المفقودين وعشرات الآلاف من المُصابِينَ في ظلِّ حصار خانق يفرضه العدوُّ الصهيوني على أولئك الأبرياء محاولًا كسْرَ شوكة المقاومة الَّتي أذلَّته ولقنَّته الدروس منذ السَّابع من أكتوبر الماضي وحتَّى اليوم بعد مضي أكثر من (130) يومًا على العدوان الصهيوني. ومن المُخزي أنَّ الدوَل الكبرى ما زالت تُساند هذا الإجرام وتُغطِّي عَلَيْه وما يُسمَّى المُجتمع الدولي يتفرج على هَوْل الجريمة؟!
مَن يُقتلون يوميًّا هُمْ أطفالنا ونساؤنا وأهلُنا في فلسطين، ومَن يعيشون تحت وطأة البَرد والجوع والحصار وانعدام كُلِّ سُبل الحياة هُمْ أشقَّاؤنا في الدَّم والدِّين والهُوِيَّة والعروبة. وهنا يفرض الله عَلَيْنا القتال دفاعًا عن أهلِنا ونصرة لقضيَّتنا، فالتَّاريخ والشَّرع لَنْ يغفرَا لنَا تقصيرنا تجاه أهلِنا في فلسطين، وهذا العدوُّ المُجرِم الجَبان أوغل في دماء الأبرياء ولا يَعرف إلَّا لُغة القوَّة. واليوم الأُمَّة بَيْنَ خيارَيْنِ إمَّا الذُّل والهوان والصَّمت تجاه ما يحدُث في قِطاع غزَّة وتَرْك العدوِّ يُكمل إبادته، وهذا أمْرٌ مخزٍ إلى يوم الدِّين، وإمَّا فتح باب التطوُّع لأبناء الأُمَّة وإعلان الجهاد، وهو فرض واجب ومشروع بعدما صمَتَ العالَم كُلُّه على تمادِي بني صهيون، وباتَ على الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة دعم مشروعيَّة التطوُّع والدِّفاع عن المقدَّسات والأرض والعِرض والانتصار للأشقَّاء في فلسطين. فإذا كانت الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة الَّتي اجتمعت في قمَّة استثنائيَّة لَمْ تستطع إعلان موقفٍ صريح لدعم الأشقَّاء ورفْع الظلم عَنْهُم، ولَمْ تستطع تحريكَ ساكنٍ، فهو أمْرٌ مُحزن ومُسيء للأُمَّة تاركةً هذا العدوَّ الصهيوني الجبان يستفرد بالنِّساء والأطفال، ويرتكب جرائمه الوحشيَّة دُونَ رادعٍ أو موقف عربي إسلامي مُشرِّف؛ وبالتَّالي فَلْيترُكوا الباب مشرعًا للشعوب، وعَلَيْهم دعم التحرُّك نَحْوَ الجهاد والقتال لتأديبِ هذا العدوِّ المُجرِم الَّذي مُرِّغت كرامة جيشه وآلة حربه أمام أبطال المقاومة في الميدان، فعَاثَ في الأرض الفساد ومارس أبشع أنواع الانتقام من المَدَنيِّين الأبرياء بمختلف أنواع القذائف والقنابل والأسلحة الفتَّاكة.
اليوم ينوي هذا العدوُّ إكمال جريمته على جنوب قِطاع غزَّة، حيث يوجد أكثر من مليون نازح أغْلَبهم من الأطفال والنِّساء تحت وطأة البَرد والجوع يعيشون في العراء في ظلِّ انعدام المأوى والمؤونة، يطحنون الشَّعير والعلَف لسدِّ رمَق عيش أبنائهم. فهل بعد هذا يتلكَّأ العرب والمُسلِمون والشعوب الحُرة عن الإقدام على خيار القتال والانتصار لمظلوميَّة الشَّعب الفلسطيني؟ ومَن يزعم أنَّ خيار التطوُّع والقتال ضرب من الجنون فلْيكُنْ ضربًا من الجنون، فقط يُعلن التطوُّع وتفتح دوَل الطَّوق المجال وعَلَيْها أن تتخلَّصَ من اتفاقيَّات الذُّل والهوان.. فهل هناك هوان أكثر ممَّا حدَث ويحدُث لأهلنا في فلسطين وفي قِطاع غزَّة خصوصًا؟! هل غاب الضمير الإنساني عن هذه الأُمَّة؟! أمَا آنَ للضَّمير العالَمي أن يصحوَ؟!
إلى متى سيستمرُّ العالَم وهو يشاهد هذه المأساة والفظائع والمجازر البشعة دُونَ أن ينتفضَ الضمير الإنساني والعالَمي لإنهاء هذا العدوان السَّافر ولجْمِ هذا العدوِّ الَّذي تجاوزَ كُلَّ الخطوط؟ فإلى متى سنشاهد هذه الدِّماء والأشلاء والأرواح والأجساد الطَّاهرة الَّتي تنتظر الموت صباح مساء، في حرب إبادةٍ جبانة تتطلب تحرُّكًا رسميًّا وشَعبيًّا لردْعِ هذا العدوِّ الصهيوني المُجرِم الجبان؟ اللَّهُمَّ اغْفِر لنَا تقصيرنا، اللَّهُمَّ لا ناصر ولا مُعِين سواك، اللَّهُمَّ احفظْ إخواننا في فلسطين وفي قِطاع غزَّة وفي مدينة رفح، اللَّهُمَّ الْطُفْ بِهم وانتصرْ لَهُمْ، ومَكِّن لَهُمْ، أنتَ نِعْمَ المولى ونِعْمَ النَّصير، اللَّهُمَّ عَلَيْك بالصهاينة المُجرِمين فإنَّهم لا يعجزونك أرِنَا فِيهم عجائب قدرتك.. اللُّهُمَّ آمين يا ربَّ العالَمِينَ.
خميس بن عبيد القطيطي