تُعدّ دراسة السنة النبوية من أعظم المراحل في رحلة العلم بعد الاستنارة بالكتاب العزيز، إذ تشكل هذه السنة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، حيث وردت فيها الأحكام التي تحدد المطلق وتخصص العام، كما يعتبر استنادنا إلى صحيح السنة أمراًأساسياً للحجج والاستدلالات، ويتطلب ذلك معرفة دقيقة بصحة الأحاديث من ضعفها إلى قوتها، وقد أرشد العلماء الأوائل بضوابطهم وقواعدهم لتقييم حالات الحديث النبوي ورواته، مما جعل كتبهم مصادر مهمة لفهم هذا الفن العظيم.
وقد تلقيتُ كتاب “نجاة المستغيث في تقريب مصطلح الحديث”، ووجدت فيه مضموناً قيماً ومرتباً بشكل يسهل فهمه واستيعابه، إذ تمت تقدمته بأسلوب مبسط يناسب الطالب المبتدئ دون ملل، متناولاً مهمات هذا الفن العظيم بشكل شامل ومُبسَّط، ومُزوَّداًبأمثلة توضيحية تعزز فهم القارئ، كما أثرى هذا الكتاب قيمته بمداخله اللطيفة واهتمامه بتعزيز الروح الاجتماعية والمحبة بين طلاب العلم، وقد اختُتم الكتاب بحديثين مترابطين يُبرزان أهمية التعاطف والمحبة في المجتمع العلمي.
وهذا المقال المتواضع، لولا أستاذي ومجيزي المحدث السيد أنس السيد صلاح البازي السامرائي الحسيني حفظه الله الذي بذل جهداً بدوره في تقديم هذا الكتاب بتلخيصٍ قلّ نظيره، وذلك بعد أن استأذنت المؤلف بكتابة مقالات من سياق الكتاب، فقد أجازني بذلك، مع الإشارة إلى أنني مجاز بالكتاب من سند المؤلف، والذي هو أستاذي ومن أهم الأساتذة الأساسيين الذين تربيت على يدهم في علم الحديث.
وجاءت فكرتي هذه، بأن أي شخص يعمل في مجال القانون والشريعة لا بد وأن يكون واسع الباع في هذه التفاصيل وهذه العلوم، من باب الورع ومن باب الأدب ومن باب القانون، فالسند الصحيح، كما الحكم الصحيح، لكل حديث سبب ولكل حكم سبب، ما يفتح باب التحقق من كل شيء قبل إبداء النتائج وهذا ما نصبو إليه ونتطلع إلى فعله لأننا نحمل أمانة ويجب نقلها بأمانة، خاصة ما ينسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، خصوصاُ في مسألة الأحكام الشرعية والتحقق منها، لذا يجب على العاملين في هذا الحقل أن ينهلون من هذا العلم المتصل بعضه ببعض في مجالناالقانوني والشرعي.
كما أود الإشارة إلى أن هذا جزءٌ أول من سلسلة متصلة سأعمل على إتمامها استكمالاً لهذا العلم الذي يجب تبسيطه ليصل إلى كافة المهتمين بعلوم الحديث، وما قراري الخوض فيه إلى لشعوري بحاجة التوسع وفق رؤيتي واعتماداً على ما سطره أستاذي في هذا الكتاب الغني الأكثر من الرائع.
وتعتبر دراسة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم العلوم بعد الاطلاع على كتاب الله تعالى، إذ تُعد هذه السنة المصدر الثاني للتشريع في شريعتنا الإسلامية، التي خصها الله بالهيمنة على كافة الشرائع وعلومها، ومنحها البقاء بتوارث الهدي النبوي من جيل إلى جيل، مما أدى بهم إلى الرشاد والهداية في دينهم ودنياهم، وفي ظل الأزمات الكثيرة التي يواجهها المسلمون عموماً، وطلبة العلم خاصة في هذا العصر، تجدر الإشارة إلى انحسار إقبال الكثيرين على قراءة الكتب الطويلة والابتعاد عن مجالس العلم، نتيجة لقلة الهمّة في متابعة الأمهات العلمية وتعقيد بحوث العلماء السابقين، فأصبحوا يفضلون الاعتماد على المختصرات والكتب البسيطة التي لا تتطلب تعبيراً معقداً أو تفسيراً دقيقاً.
بالتالي تضمن هذا الكتاب، مصنفات أئمة هذا الفن الذين تراوحت أعمارهم بين القرون، ابتداءً من الإمام ابن الصلاح المجدد في القرن السادس الهجري، الذي جمع المتفرقات السابقة وجلبها بطريقة ميسرة نفع الله بها طلاب العلم إلى يومنا هذا، ونجد المصادر الرئيسة من كتب هذه القرون: “مقدمة ابن الصلاح”، و”نزهة ابن حجر العسقلاني”، و”فتح المغيث للسخاوي”، و”تدريب الراوي للسيوطي”، وقد جمعت في هذه المصنفات مذاهب كافة الكتّاب في هذا الموضوع من السابقين والمتأخرين، ولم يأتِ بعدهم من يضيف على ما جاءوا به سوى التكرار والتعقيد، دون أن يضيف جديداً إلى الموضوع.
الحديث المسلسل بالأولية
إن الحديث المسلسل بالأولية يحتل مكانة بارزة في علم الحديث والفقه الإسلامي، حيث أن من العادات القديمة لعلمائنا ومشايخنا أن يبدأوا تعليم الطلاب، سواء كانوا مبتدئين أو متقدمين، بسلسلة من الأحاديث بالقول: “هو أول حديث سمعته”، ولهذا السبب، وجدناهذه الطريقة كانت هي البداية لهذا الكتاب، لتكون هذه الأحاديث الأولى التي يسمعها الطالب من شيخه أو معلمه، مما يضمن له الاستفادة الكاملة.
وذلك لأن السلسلة من الأسانيد تعكس الاتباع المستمر للتقليد الذي كان متبعاً في تعليم العلوم الإسلامية، حيث يُنقل العلم من شيخ إلى تلميذه بسلسلة من السماع والرواية، مما يضمن الثبات والاستمرارية في نقل العلم والمعرفة، كما أن الالتزام بالحديث المسلسل بالأولية يعكس الاحترام لسلسلة السماع والرواية في علم الحديث، ويعطي الطالب الباحث بداية صحيحة وثابتة في رحلته العلمية، مما يؤمن له الاستمرارية والاستقرار في استنباط الفقه والمعرفة من مصادرها الأصلية.
أما التعريف بـ المصنفات المتقدمة والمتأخرة في علم الفقه والشريعة فهو يعد أمراً ذا أهمية بالغة لطالب العلم، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: يسهم في متابعة تطور هذا العلم ونشأته، وكيف تم تأصيله وتطويره على مر العصور، فإن هذه المصنفات تعكس جهود أئمة كبار وعلماء محترمين في هذا المجال، حيث لعبوا دوراً بارزاً في نشر سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتحقيقها.
ثانياً: يعمل على الربط التأريخي للطالب بتلك المدرسة العلمية، حيث يكون له ارتباط تاريخي بأعمال وجهود أهل العلم ومعرفتهم، مما يعزز فهمه للسياق التاريخي والثقافي الذي نشأت فيه تلك المصنفات.
على سبيل المثال، كتاب الرسالة وهي في أصول الفقه، للإمام محمد إدريس الشافعي الذي كان أول من أشار إلى بعض أنواع الحديث فيها، ومعرفة علوم الحديث لأبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد المشهور بالرامهرمزي، وكذلك الكفاية في فن الرواية، لأبو بكر أحمد بن عي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي، وغيرهم الكثير.
مصطلح الحديث
إن تعريف علم مصطلح الحديث يعتبر أمراً أساسياً في فهم العلوم الشرعية والفقهية، ولذلك يُعَدُّ من الأمور الضرورية لطالب العلم والباحث في هذا المجال.
أولاً، الحديث لغةً: يُقابل القديم، وفي الاصطلاح الشرعي يشير إلى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من قول أو فعل أو تقرير أو وصف، مثل اليقظة والنوم، أو أيام المغازي.
ثانياً، الخبر: يُعتبر مرادفاً للحديث، ويُقال أحياناً إنه ما جاء عن غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويُطلق أحياناً على المشتغل بالأخبار.
ثالثاً، الأثر: هو مصطلح آخر يُستخدم للدلالة على الحديث، وقد قام البعض بتقييده بالرواية المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بينما قيده البعض الآخر بالرواية عن الصحابة، وعموماً، فإنه يُفضل استخدام لفظ “الحديث” عند الحديث عن ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو غيره.
وبالنسبة لتعريف علم مصطلح الحديث، فهو يُعرَّف عموماً بأنه علم يعنى بقواعد وقوانين تُستخدم لمعرفة حال الراوي والمروي، سواء كان الحديث صحيحاً أو ضعيفاً، وهذا التعريف قد عُدِّل على مر العصور، حيث قام علماء القرن الثامن وما بعدهم بتحديثه ليشمل أيضاً فهماً أعمق لقواعد وقوانين علم مصطلح الحديث، حيث يُعتبر الحديث هو غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام، بالإضافة إلى ذلك، إن معرفة هذه الاصطلاحات وفهمها بشكل صحيح يساهم في تبسيط الطريق أمام الطالب والباحث في علم الحديث، ويمهد الطريق لهم لاستيعاب النصوص الشرعية وتحليلها بدقة ووعي.
أقسام وأنواع الحديث
إن أقسام وأنواع الحديث تمثل جزءاً أساسياً من دراسة علم الحديث، وقد انتشرت تلك الأقسام والتصنيفات عبر العصور، إذ ينظر إليها كمرجعية أساسية في تحديد صحة الأحاديث وقوتها الروائية، حتى القرن الثامن الهجري، كان الحديث ينقسم بشكل رئيسي إلى “صحيح، وحسن، وضعيف”.
إلا أن الإمام ابن حجر، فيما بعد، قدم تقسيماً أكثر تفصيلاً ونفعاًمن حيث الترتيب والتصنيف، وربما يعود السبب في عدم قيام الأئمة السابقين بتقسيم الحديث بنفس الطريقة إلى أنهم كانوا يعتمدون على تقسيمه إلى متواتر وآحاد، وهو تقسيم أكثر قرباًلأصول الفقه من مصطلح الحديث.
ولكن الحقيقة أن الأئمة الحفاظ، بمن فيهم الإمام ابن حجر، لم يترددوا في ذكر تلك الأنواع والتصنيفات داخل مؤلفاتهم، فقد أتقنوا هذا الجانب المهم من دراستهم، ووضعوا الأسس لتصنيف الأحاديث بحسب صحتها وضعفها ومدى قوتها الروائية، ومن هنا، نجد أنهم قد أحسنوا في توضيح تلك التفاصيل المهمة داخل مصنفاتهم، مما يشير إلى دقتهم واهتمامهم البالغ بتقديم المعرفة بأفضل شكل ممكن لطلاب العلم والباحثين.
أولاً، الحديث من حيث وروده:
إن الحديث، في جوانبه المتعددة، يُعتبر مصدراً مهماً للتشريع الإسلامي، ويتميز بتنوعه وتصنيفاته المختلفة التي تتيح فهماً أعمق وتحليلاً دقيقاً لمضامينه. يمكن تصنيف الأحاديث من حيث ورودهإلى فئات مختلفة، أهمها:
الحديث المتواتر: هو الحديث الذي رواه عدد كبير من الرواة بالطريقة التي تستدعي الثقة، ويعتمد شرط استمرار روايته برواية الجمع عن الجمع إلى منتهاه، يشترط فيه أيضاً أن يكون مستنداًإلى حس السماع والمشاهدة، وليس إلى العقل، ولا يكون لهذا الجمع أو الكثرة بعدد بعينه، بل يكونون أكثر مما يلزمه شرط المشهور أو المستفيض، وحكمه القبول باعتباره يحمل العلم الضروري.
أقسامه: المتواتر اللفظي: وهو الذي تتفق فيه ألفاظ الروايات على وزن واحد دون تباين يُذكر.
المتواتر المعنوي: وهو الذي يختلف فيه الألفاظ، ولكن يتفق المعنى والدلالة على ما يُقصد من الحديث.
تقديره وحكمه: الحديث المتواتر يُقدر ويُعتبر مأخوذاً، ويقبل باعتباره يحمل العلم الضروري لإفادته.
ثانياً، الآحاد:
في علم مصطلح الحديث، تأتي الآحاد كتصنيف يضم ثلاثة أنواع رئيسة: المشهور، والعزيز، والغريب (الفرد). يطلق على هذه الأنواع تسمية “الآحاد” لتمييزها عن الحديث المتواتر الذي يحمل العلم الضروري نظراً لثبوت صحته بوجود سلسلة متصلة لرواته، لكن يجب فهم أنه لا يجب أن يكون الحديث المشهور أو العزيز صحيحاًأو ضعيفاً مسبقاً، بل يتطلب ذلك البحث والتحقق، فالبحث في سلاسل الأسانيد ونقل الروايات يلعب دوراً أساسياً في تقدير حالة الحديث.
بالنسبة للحديث الغريب (الفرد)، فلا يعني وجوده بأنه ضعيف بالضرورة، فتقدير حالة الحديث يتطلب التحقق من سلامة سلسلته وصحة متنه، وقد يكون الحديث الغريب موثوقاً به بناءً على هذه العوامل، وهذا يعتمد على النظر والبحث والتحقق في أسانيده ومتونه.
المشهور: يطلق على الحديث المشهور أيضاً مصطلح “المستفيض”، وهو الحديث الذي رواه جمع من الرواة لكن عددهم لم يصل إلى حد التواتر المعتاد، كما يختلف العلماء في تحديد عدد الرواة اللازمين ليُعتبر الحديث مشهوراً، فبعضهم قيد عدد الرواةبالثلاثة أو الأربعة، بغض النظر عن عدد الرواة في الحديث المتواتر.
وشرط الحديث المشهور أن يظل مشهوراً في جميع طبقاته، أي يحظى بالاعتراف والشهرة في جميع الأوقات والأماكن، دون أن يتوقف هذا الاعتراف أو يتلاشى الشهرة عبر الزمن.
ومن بين أمثلة الحديث المشهور، نجد الحديث الاصطلاحي، وهو الحديث الذي يتميز بشهرته واعتراف العلماء به في جميع الطبقات العلمية، على سبيل المثال، الحديث الشهير: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، وإنما يقبض العلم بقبض العلماء”، فقد رواه أربعة من الصحابة، وعنهم أربعة من التابعين، وتتابع السند على هذا النحو.
ومن الأمثلة الأخرى للحديث المشهور هو الحديث المشهور بن المحدثين، كما في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان”، فقد رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ورواه عن أنس أربعة من التابعين، وعنهم أربعة وتتابع السند على هذا النحو.
أيضاً، من الأمثلة فهي الحديث المشهور بين أهل الحديث وبين الناس، كما في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
العزيز: يُعتبر الحديث العزيز أحد أنواع الأحاديث في علم مصطلح الحديث، ويمكن تحديده بأنه الحديث الذي لا يكون غريباً، بمعنى أنه يتوافق مع شرط يقوم على أن يُروى عنه اثنان من اثنين من أوله إلى آخره، وقد سُمي بالعزيز لقلة وجوده، حيث يكون نادراًمقارنة بالأحاديث الأخرى، يُفسر تسميته بالعزيز أيضاً لأنه يظهر بقوة من خلال وجوده في سلسلة السند من طريقٍ مختلفة.
ومن الأمثلة على الحديث العزيز هو حديث: «لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولدِه ووالدِه»، الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم عن الصحابي أنس، ويُروى أيضاً عنه بطرق متعددة، فقد رواه أيضاً البخاري عن أبي هريرة، حيث يُعتبر هذا الحديث معروفاً ومشهوراً في السنة النبوية، حيث يحمل رسالة دينية وأخلاقية تدعو إلى تفضيل محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلمعلى محبة الأقارب والأحباب.
الغريب: الحديث الغريب، المعروف أيضاً بالحديث الفرد، يشكل جزءاً مهماً من السنة النبوية، ومن المهم فهم تعريفه وأنواعه، إذ ليس كل حديث فرد هو غريب، وليس كل حديث غريب يكون صحيحاً، وهذا وفقاً لما اتفق عليه كبار علماء الحديث مثل ابن الصلاح وابن حجر في مذاهبهما الفقهية.
بالإضافة إلى ذلك، إن الحديث الغريب يمكن أن يكون ذا طابع متميز، حيث ينحصر في روايته عن شخص واحد في موضع معين،وبناءً على هذا التعريف، يمكن التمييز بين نوعين من التفرد في الحديث الغريب.
أولاً، الحديث الفرد المطلق، المعروف أيضاً بالغرابة المطلقة، يشير إلى حديث تفرد به راوٍ واحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، دون أن يكون هناك رواة آخرون يشاركون في روايته، على سبيل المثال، حديث النهي عن بيع الولاء وهبته يُعتبر حديثاً فردياًمطلقاً؛ حيث تفرد به عبد الله بن دينار، تابعي، عن الصحابي ابن عمر.
ثانياً، الحديث الفرد النسبي، المعروف أيضاً بالغرابة النسبية، فيشير إلى حديث تفرد به راوٍ في موضع معين من سلسلة السند، ولكن يكون هناك رواة آخرون يشاركون في روايته في مرات أخرى،على سبيل المثال، حديث أم زرع يُعتبر حديثاً فردياً نسبياً؛ حيث ساقه الطبراني من رواية عبد العزيز بن محمد وعباد بن منصور، كل واحد منهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وهنا يكون التفرد نسبياً لسوق الطبراني في المعجم الكبير.
وفي ختام هذا النظر الشرعي الفقهي في أنواع الأحاديث، ندرك أهمية فهم هذه الأنواع والتمييز بينها في علم الحديث والفقه الإسلامي، إن فهم الحديث المتواتر والمشهور والعزيز والغريب يساعد على استيعاب مدى قوة الأدلة الشرعية واعتبارها في الاجتهاد الفقهي واتخاذ القرارات الشرعية، فالحديث المتواتر يعتبر أقوى أدلة الشريعة، حيث يشهد على السنة بقوة الاستمرار في روايته، بينما يكمن الحديث المشهور في شهرته وانتشاره بين الأجيال، والحديث العزيز في القوة والاستقرار في سنده، والحديث الغريب في التفرد والندرة.
وبهذا نؤكد على أهمية تطبيق مبادئ الفقه الإسلامي في فهم الأحاديث واستنباط الأحكام الشرعية، مع التركيز على الدقة والعناية في دراسة الأسانيد والمتون، إن معرفة هذه الأنواع تعزز فهمنا للتشريعات الإسلامية وتسهم في اتخاذ القرارات المناسبة في ضوء الشريعة الإسلامية، فلنكن دائمًا حريصين على تطبيق مبادئ الفقه الإسلامي بدقة واحترافية، ولنسعَ إلى فهم أعمق للأحاديث وتفسيراتها، حتى نحقق العدالة والمساواة في تطبيق الشريعة ونعمِّق فهمنا لتعاليم الإسلام السمحة.
عبدالعزيز بن بدر القطان / كاتب ومفكر – الكويت.