حَظيتُ بشرفِ الدعوةِ لتغطيةِ أعمالِ القمَّة العربية في مملكة البحرين، والمقرَّرة غدًا الخميس، ولا أخفي سرًّا أنني وما إنْ وطأت أقدامِي شوارع المنامة حتى انتابتني حالة من الاعتزاز؛ حيث أعلام الدول العربية وصور الزعماء والقادة العرب تُزيِّن شوارع العاصمة وتعلو الجسور، واللافتات المُحمَّلة بعبارات الترحاب: “أهلا بقادة الأمة في بحرين العروبة”، و”مرحبا بضيوف جلالة الملك المعظم في أرض العروبة والسلام”، و”البحرين بيت العرب”، أضاف إليها جميعًا كرم الضيافة وحسن الاستقبال بريقًا خاصًّا زاد التجربة ألقًا، ورفعَ سقف الطموح في التوصُّل لنتائج إيجابية تُلامس وتلبِّي طموحات الشعوب العربية، وتعزِّز التحالفات والمواقف العربية الموحَّدة، استنادًا للظرفية الاستثنائية والتوقيت الصعب الذي تنعقد خلاله القمة.
فآلةُ العدوان الغاشم التي لا تزال تفتك بكل عنف وغطرسة بمقدَّرات وأرواح إخواننا هناك في أرض العزة في حرب إبادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وما آلت إليه الأوضاع الإنسانية المؤلمة في القطاع ورفح وخان يونس وجباليا..وغيرها، ومعاناة الأبرياء مع عمليات القتل الممنهج والجوع والحصار، وتدمير البنى التحتية، من إجل إسكات أصوات المقاومين المرابطين هناك في أرض الجهاد، الحالمين بنيل حقوقهم المسلوبة، وإقامة دولتهم المستقلة، إضافة لجُملة الأزمات السياسية والاقتصادية التي تحيق بالمنطقة العربية، في السودان، واليمن، وليبيا، وسوريا والصومال؛ كلها معطيات تدفع بالآمال والتطلعات العربية لأن تضع هذه القمة قواعدَ جديدة لمرحلة متجدِّدة من العمل العربي المشترك، وأن تخرج بقرارات تجسِّد وحدة الصف في مواجهة اتساع رقعة الصِّراع في الإقليم والشرق الأوسط قاطبة.
وأعود لأكرر بأنَّ توقيت انعقاد “قمة البحرين” يجعل منها حدثاً استثنائياً في غاية الأهمية، ينظُر إليه الجميع بتفاؤل، كحدثٍ له دلالاته من حيث المكان، وأهميته من حيث التوقيت؛ وهو ما نأمل معه أن تكتسب هذه الدورة مزيداً من الخصوصية والواقعية الملبية للطموح العربي الكبير؛ لما فيه خير وأمن واستقرار المنطقة وشعوبنا العربية، نحو مرحلة جديدة من العمل المشترك.
وعلى هامش الحديث، فإنَّه وإن كانت استضافة البحرين لهذه القمة تعدُّ الأولى في تاريخ المملكة والقمم العربية، إلا أنَّ الاستعداد المبهر لها فرض نفسه على المشهد؛ من خلال هذا الزخم الكبير الذي عاينته، لقد أبدع البحرينيون في إظهار قدرتهم على استضافة هذا العُرس العربي المُوسَّع؛ فكلُّ الشوارع التي تمرُّ فيها تُخبرك بأنَّ القمة هنا، كما أسجِّل تقديرًا مستحقًا لجهود المملكة في تسخير جهودَها لاستضافة هذا العدد الضخم من مُمثِّلي المؤسسات الإعلامية والصحفية الخليجية منها والعربية ووسائل الإعلام الأجنبية؛ إيمانًا منها بالدور الذي يقوم به الإعلام الحر المسؤول من مهام رسالية لنقل الصورة الحقيقية لهذه القمة التي تتجه أنظار العرب قاطبة نحوها.
دعواتنا الصادقة جميعًا نرفعها إلى السماء، بأن تتهيَّأ لهذه القمةِ الاستثنائيةِ الأسبابَ التي تُعين المجتمعين فيها على التوصُّل لقرارات تُوْقِف نزيف الجسد العربي، وتعيد الأمور إلى نصابها.. فهذا هو الحلم العروبي الكبير.
مدرين المكتومية