شكرا أهل مسندم .. بتلك العبارة كانت نهاية المحادثة (الواتسابية) مع علي رغم خسارة ناديه النهضة أمام نادي ظفار في نهائي كأس جلالة السلطان المعظم لكرة القدم الذي استضافته ولاية خصب وبعيدا عن حسابات الفوز والخسارة عند ( أهل الكورة ) هناك سؤال جال في خاطري بعد محادثة علي – وذلك تأمل محمود بلا شك – وهو : ماذا استفادت المحافظة من هذه الاستضافة؟
منذ يوم الإعلان عن استضافة المجمع الرياضي بخصب للنهائي الكبير ظهرت العديد من الأصوات بأن المحافظة غير مؤهلة لذلك لدواعي بعد المسافة وقدرة المنشأت الفندقية على استيعاب القادمين إلى خصب من منتسبي الناديين وجماهيرهما وخبرة التنظيم لدى ابناء المحافظة محدودة جدا وغير ذلك ممن روج لها البعض – بحسن نية أو بمضادها – ذلك أن الحدث الذي لم تألفه المحافظة كان مبهما في صورته لديهم وطبيعة النفس البشرية تأخذ أي مجهول بإرتياب وخوف وكانت التوقعات أن الصورة الختامية للمباراة النهائية ستكون هزيلة !
التحدي كان كبيرا وما ظهر أن صبغة العمل التشاركي كانت حاضرة بين الاتحاد العماني لكرة القدم ومكتب محافظ مسندم ومختلف الجهات الحكومية والخاصة والأهلية وكوادر إدارة الثقافة والرياضة والشباب بمسندم وأندية مسندم الأربع ونتج عن ذلك خلايا عمل في اختصاصات محددة وهنأ لا أروج لصورة عمل مثالية ففي النهاية يبقى هذا جهد بشري يحدث فيه الصواب والخطأ ولكن النظرة العامة كانت تبعث على الإرتياح.
لنعود إلى سؤالنا الأساسي : ماذا استفدنا ؟ أول ما يخطر في البال هو التسويق للمجمع الرياضي الحديث في ولاية خصب بما يحتويه من مرافق متكاملة والذي بحت الأصوات بضرورة الاستفادة منه وكان حقا في الموعد وهذا يجعلنا نطالب بأن تكون محافظة مسندم محطة مهمة لإستضافة احدى مباريات المنتخب الوطني مثلا أو استضافة بطولات ودية لفرق عالمية بالتزامن مع موسم الشتاء الذي تدعمه الحكومة والتأكيد على معالجة التحديات التي أعاقت مثل هذه الاستضافات في المرات السابقة وما بطولة غرب آسيا للناشئين عنا ببعيد !
( ربعنا ما مال تنظيم ) هي عبارة قاسية طبعا ولكن أبناء المحافظة – كلا في موقعه – كانت لهم بصمة مميزة في الصورة الجميلة التي ظهر بها النهائي الكبير ويشهد بذلك القريب قبل البعيد و من أجل أن أكون منصفا فأبناء المحافظة لهم بعض بصمات سابقة مميزة في تنظيم الفعاليات والأنشطة وأستحضر هنا مشاركة محافظة مسندم بركن لها كضيف شرف في معرض مسقط الدولي للكتاب وغير ذلك مع التأكيد أن الهفوات كانت حاضرة احيانا في بعض المناسبات التي يبدو أننا تعلمنا منها ولا يهم حاليا الرجوع لها بقدر الإعتراف أن المحافظة تمتلك من الكفاءات القادرة على تنظيم أي مناسبة كبرى .
ما صاحب استضافة النهائي الكبير من هالة إعلامية كبيرة كانت نقلة في التسويق الإعلامي للمحافظة – تزامنا مع الجهد المبذول من القائمين على موسم الشتاء مسندم – فلم تقتصر التغطيات على استعدادات طرفي المباراة النهائية مثلا بل وجدنا تسويقا للأماكن السياحية في محافظة مسندم وابرازا لبعض مشاريع ريادة الأعمال فيها وغير ذلك مما تتميز به المحافظة ويحضرني هنا رسالة من أحد الزملاء بأن مما جذبه بالتزامن مع ذلك الحدث إقامة استديو تلفزيون سلطنة عمان بموقعه الخلاب على البحر وتلك صورة تسويقية مهمة وقس عليها بقية المحتوى الإعلامي الذي تم انتاجه بالتزامن مع تلك الإستضافة .
لا يمكن تخطي نقطة مهمة جدا وهي أن مثل هذه الإستضافة خلقت انتعاشا تجاريا في ولاية خصب وان كان ذلك الانتعاش قصير المدى إلا أنه كان فرصة للتسويق والترويج وتمتد الفائدة لتصل مختلف الجهات في المجتمع المدني في المحافظة وقد أحسن البعض – من أصحاب مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة – استغلال تلك الفرصة من خلال خلق تجربة فريدة تجعل الزبون ( يتعني) إليه لاحقا وتلك نظرة مهمة تجذب السواح والقاطنين في المحافظة في قادم الوقت .
من الفوائد التي لا يمكن التغافل عنها بعد استضافة النهائي الكبير زيادة الانفتاح بين أبناء المحافظة والقادمين إليها فالصورة النمطية تقول بأننا متحفظون قليلا تجاه الآخرين لأسباب كثيرة – لا يتسع المجال لذكرها الآن – وعليه فإن الانفتاح والتواصل في مثل هذه المناسبات يعزز من فهم الآخرين لنا وفهمنا لهم وتغيير بعض القناعات العتيقة وتعزيز الصورة القائمة في ظل الوطن الواحد والتأكيد على أهمية الحفاظ على هويتنا وخصوصيتنا وتلك امور تقاس على المدى البعيد .
أرجو أن لا تكون مثل تلك الاستضافة هي الأخيرة فتعزيز المكاسب يجب أن يسبقه إصرار في تكرار ما حدث والامر ليس معنيا بمباريات كرة القدم فقط فالمناسبات الجماهيرية متعددة والدول تدفع بقوة نحو تعزيز سياحة المؤتمرات والمهرجانات ذات الصبغة العالمية – وليس على استضافة تكلف الكثير والتفاعل المجتمعي معها ضئيل جدا – وما حدث في النهائي الكبير هو مصدر فخر لكل أبناء المحافظة وهكذا تكون الاستضافات وإلا فلا.
محمد بن عبدالله سيفان الشحي
٢١ مايو ٢٠٢٤م