لم يكن يوما مشهد كيان إسرائيل بهذا الحال من التخبط والغرق وتدحرج أزمات عصفت بكيان بدأت تلوح منه علامات النهاية وأصبح على شفا موت سريري يعيش في غرفة انعاش غربية آمنت له كل أساليب الدعم بأواعها وسهل له نفوذ القوى الغربية وقوة موقعه دخولها لتمد شرايين الكيان بقوافل دعم تطيل أمد معركة خسرت فيها إسرائيل المعركة منذ اليوم الأول وفقدت الدور وتنازع البقاء على انقاض مجتمع وأشلاء شعب مواجهة رفع فيها رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو سقف مطالبه وفشل في تحقيق أي منها سوى إنه أدخل الكيان بحالة من العجز هروبا من مواجهة قضائية تنتظره ونهاية حتمية لأركان حكومته ومكونات أحزابها أبناء الأساطير الطورانية بوهم الهيكل المزعوم لشعب الله المختار وعقدة زوال إسرائيل.
فمنذ اليوم الأول لمعركة طوفان الاقصى التي زلزلت كيان العدو أدخلته نفق النهاية حاول نتنياهو استعادة واقع تبعثر تحت أقدام مقاومة حفرت من باطن الأرض انفاق وفي نفوس شعبها إرادة تشتد عزيمتها كل يوم صمود أسطوري لفصائل أستخدمت مقدرات الأرض حولتها قدرات مواجهة انتصر فيها الحق الفلسطيني على الباطل الصهيوني وزيف ادعاءاته ليكتب بالدم ملاحم انتصار أفشل العدو سياسيا واغرقت جيشة برمال معركة لم يتجاوز حجم إنجازاته الصفر سقطت معها قوة الردع عند الإسرائيلي وتوسعت المعركة مخلفة ورائها مئات الآف المستوطنين في الملاجئ وعشرات المستوطنات الفارغة قتلى وجرحى من الجنود الذين استدعوا من المعامل والمؤسسات تضاف إلى حصار بحري أدخل الكيان مرحلة عجز اقتصادي حقيقي بعد فراغ الكيان من كل مقومات الانتاج أمام حرب طويلة وتعدد جبهات لم يعتدها الصهيوني سابقا قادت إلى أزمات داخلية كبيرة تحولت أزمات سياسية تجاوزت تنافس المعارضة والحكومة بل دخلت قلبها صراع بين مكوانتها انسحبت على المؤسسة العسكرية ووصل صداها إلى الشارع مع أهالي الأسرى عند المقاومة التي حققت صمودا أسطوريا نتيجته كارثة سياسية توسعت فيها الفجوة بين مكونات المجتمع الصهيوني واجتماعية بين الحكومة والمستوطنين وصل صداها إلى اللوبي الصهيوني ووقف نتنياهو عاجزا أمامها فالقبول بالهدنة نهاية سياسية تقود إلى السجن وإطالة أمد المعركة يبقي ورقة ضغط بيد نتنياهو يتقاسم فيها الأدوار مع الرئيس الأمريكي بابدن وهدف السياسة الأمريكية الحفاظ على إسرائيل ودورها فوق اعتبار مصالح الأشخاص وإنقاذ إسرائيل من الانهيار الكلي قرار أمريكي ترجمة الرئيس بايدن مبادرة مفخخة تخرج إسرائيل من مأزق الحرب وتنهي استمرار غرقها بمعارك تتكبد فيها خسائر بومية وتخفف عنها نقمة شعبية بعد أن وصل الحراك قلب أمريكا طال طلاب جامعاتها وتوسع ليطال حكومات جزء من العالم الغربي اعترفت بفلسطين دولة في الأمم المتحدة رغم انزعاج البيت الأبيض الذي بدا معركة ساكنة الجديد وفيها غزة أول الناخين في صناديق معركة انتخابية هي الأصعب أمام عالم جديد فقدت فيه بلاد العم سام كثير من نقاط القوة بعد أن فشلت بحرب أوكرانيا وهي غير مستعدة لخسترة مشروع في المنطقة الشرق الأوسط الجديد وخط الحرير والخشية من حرب مدمرة مع الصين عملاق الاقتصاد العالمي المارد الذي بدأ يتحرك وشكل مع الممانعة قوة تخشاها أمريكا تريد حد خسائرها و أبعاد دول محور المقاومة مباشرة عن المفاوضات وتسليم زمام المبادرة إلى مصر قطر السعودية وصولا إلى المغرب بهدف خلق واقع يمثل انقلاب على نتائج الحرب وما ثبتته نتيجة المعارك من واقع ربح فيه محورها ويرفض تثبيته الأمريكي قبل تسوية كبيرة تبقيه ممسكا قويا لقرار المنطقة وضامنا لحكومات تسقط كالدومينو بتراجع دوره ومن هنا تدور الدوائر.
د. محمد هزيمة- كاتب سياسي وباحث استراتيجي