في ضوء التصعيد المستمر للنزاع في غزة، تتزايد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مما يستدعي مراجعة دقيقة للأحكام والمواد القانونية ذات الصلة، وذلك وفقاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949، والتي تُعتبر من الركائز الأساسية للقانون الدولي الإنساني، والتي تُلزم الأطراف المتنازعة بحماية المدنيين وتجنب الهجمات العشوائية التي قد تُلحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية المدنية، فالمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع تنص على حظر العنف ضد الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، بما في ذلك المدنيين.
إضافة إلى ذلك، يُعدّ البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 لاتفاقيات جنيف مهماً في تعزيز حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة الدولية، حيث يفرض على الأطراف المتنازعة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية (المادة 48)، واتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين (المادة 57)، كذلك، تنص المادة 51 من البروتوكول ذاته على حظر الهجمات العشوائية التي قد تؤدي إلى خسائر في الأرواح أو إصابات بين المدنيين أو أضرار بالأعيان المدنية.
بالتالي، ومن منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان، يُعد الحق في الحياة، المنصوص عليه في المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أساسياً وغير قابل للتنازل حتى في حالات الطوارئ العامة، كما أن المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تُؤكد على حق كل شخص في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك السكن الملائم.
وبالنظر إلى هذه الأحكام والمواد القانونية، يتضح أن ممارسات الكيان الصهيوني في قطاع غزة، بما في ذلك تدمير المنازل والبنية التحتية المدنية، والنزوح القسري للسكان، والقصف العشوائي، تمثل انتهاكات صارخة للقانون الدولي، هذه الانتهاكات تستدعي تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لضمان حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة، وتعزيز المساءلة لضمان عدم إفلات المسؤولين عن هذه الجرائم من العقاب.
وحتى 21 أبريل/نيسان 2024، تم تسجيل نزوح 1.7 مليون شخص، ما يعادل 75 بالمائة من السكان في قطاع غزة، يشمل هذا العدد العديد من العائلات التي تعرضت للنزوح المتكرر، إذ اضطرت إلى الانتقال بشكل مستمر بحثاً عن الأمان، بالتالي، يشكل هذا النزوح تحدياً قانونياً كبيراً على صعيد حماية حقوق الإنسان، إذ أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة ترتبط بشكل وثيق بغياب الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الحركة والقيود الاقتصادية، من الناحية القانونية، يعكس هذا الوضع أزمة إنسانية خطيرة تستدعي تدخلات عاجلة من المجتمع الدولي لضمان توفير الحماية والمساعدات اللازمة للنازحين.
مع الإشارة أنه من المفترض أن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان يوفران إطاراً لحماية النازحين، حيث تلزم الاتفاقيات الدولية الأطراف المتنازعة بضمان حماية المدنيين وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، وعلى الرغم من ذلك، فإن التحديات السياسية والأمنية تحول دون التنفيذ الفعّال لهذه الاتفاقيات في كثير من الأحيان، حيث تعاني غزة من حصار مشدد منذ سنوات، مما يعوق وصول المساعدات الإنسانية ويزيد من معاناة السكان.
في هذا السياق، تبرز أهمية تفعيل آليات العدالة الدولية والمساءلة لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وضمان تعويض الضحايا، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج المجتمع الدولي إلى تعزيز جهود الوساطة لتحقيق حل سياسي دائم يضمن حقوق النازحين في العودة إلى منازلهم بأمان وكرامة، كما تحث المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية على ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى مستحقيها دون عوائق، بالإضافة إلى ضرورة العمل على إنهاء النزاع وتحقيق سلام دائم في المنطقة.
ومنذ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصدرت السلطات الصهيونية سلسلة من أوامر الإخلاء تطالب الفلسطينيين بمغادرة منازلهم والانتقال إلى أجزاء أخرى من غزة، من بين هذه الأوامر، صدر أمر إخلاء في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يستهدف 1.1 مليون فلسطيني يقيمون في شمال غزة، ويأمرهم بالانتقال إلى جنوب غزة في غضون 24 ساعة، وقد وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هذه الأوامر المصحوبة بالحصار الكامل بأنها تتعارض مع القانون الإنساني الدولي، وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن “إجبار أكثر من 2000 مريض على الانتقال إلى جنوب غزة، حيث تعمل المرافق الصحية بأقصى طاقتها وغير قادرة على استيعاب الارتفاع الكبير في عدد المرضى، يمكن أن يكون بمثابة حكم بالإعدام”.
بالتالي، رغم الدعوات الملحة من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، بما في ذلك المجلس النرويجي للاجئين ومنظمة العفو الدولية، للكيان الصهيوني لإلغاء هذه الأوامر، فقد تمسك كيان الاحتلال بقراراته وأصدر أوامر إخلاء إضافية لسكان الشمال.
وتعد هذه الأوامر مسألة ذات أهمية قانونية كبيرة، حيث تثير تساؤلات حول التزام الكيان الصهيوني بالقانون الدولي الإنساني، الذي يفرض على الأطراف المتنازعة حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، في هذا السياق، فإن عمليات الإخلاء القسري التي تتم في ظل حصار مشدد تثير مخاوف جدية بشأن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي.
من الناحية القانونية، تُعتبر أوامر الإخلاء هذه خرقاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة، إلا إذا اقتضت ذلك ضرورة عسكرية ملحة، ومع ذلك، يجب أن يتم هذا النقل بطريقة تضمن سلامة ورفاهية السكان المتضررين.
في هذا الإطار، يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بفعالية لضمان احترام القانون الدولي وحماية حقوق المدنيين الفلسطينيين. يتطلب هذا جهودًا دبلوماسية مكثفة لتخفيف حدة التوترات وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، بالإضافة إلى تعزيز آليات المساءلة لضمان عدم إفلات المسؤولين عن هذه الانتهاكات من العقاب، كما يجب أن تستمر المنظمات الحقوقية في توثيق هذه الانتهاكات ورفع التقارير إلى الهيئات الدولية المختصة، بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية، لضمان محاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا، وفي الوقت نفسه، يجب العمل على إيجاد حلول سياسية تضمن إنهاء النزاع وتوفير بيئة آمنة ومستقرة لجميع سكان غزة.
بالتالي، إن مصير الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في مغادرة منازلهم، وكذلك أولئك الذين فروا من شمال غزة، كان مصيراً مليئاً بالمعاناة الحادة، فقد تعرض الفلسطينيون المتبقون في شمال غزة لقصف مكثف ولأشكال قاسية وغير إنسانية ومهينة من المعاملة، بما في ذلك الاعتقال الجماعي للرجال والفتيان وإجبارهم على خلع ملابسهم، وقد تم توثيق ونشر العديد من هذه الانتهاكات على نطاق واسع من قبل مرتكبيها من الجانب الصهيوني.
أما الفلسطينيون الذين ذهبوا إلى الجنوب تنفيذاً لأوامر الإخلاء، فقد واجهوا قصفاً على ما يُزعم أنها “طرق آمنة”، وقد خيب القصف المستمر وعود الكيان الصهيوني بالسلامة في الجنوب، مما أدى إلى معاناة إضافية لسكان الجنوب والوافدين الجدد، حيث تشير التقارير إلى أن الكيان الصهيوني يستخدم بشكل روتيني قنابل زنة 2000 رطل في جنوب غزة، رغم تصنيف المنطقة كآمنة للمدنيين.
من الناحية القانونية، تُعتبر هذه الأعمال انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تفرض حماية المدنيين في زمن النزاع. القصف العشوائي والاعتقال الجماعي والمعاملة القاسية والمهينة تتعارض مع المبادئ الأساسية التي تنص عليها هذه الاتفاقيات، إضافة إلى ذلك، فإن استخدام أسلحة ثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان يشكل انتهاكاً لمبدأ التمييز والتناسب في النزاعات المسلحة، والذي يتطلب من الأطراف المتنازعة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين وتجنب الهجمات التي تسبب ضررًا غير متناسب للمدنيين.
هنا، على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فورية لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين، حيث يمكن أن تشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على المسؤولين عن الانتهاكات، وتعزيز جهود الإغاثة الإنسانية لتلبية الاحتياجات الملحة للنازحين والمتضررين، كما ينبغي للمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية أن تستمر في توثيق هذه الانتهاكات وتقديم التقارير إلى الهيئات الدولية المختصة، مثل محكمة الجنايات الدولية، لضمان محاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا. في الوقت نفسه، يجب أن تركز الجهود الدبلوماسية على إيجاد حلول سياسية طويلة الأمد تضمن السلام والاستقرار في غزة وتمنع تكرار هذه المآسي الإنسانية.
وتحتاج الجهود الدولية أيضاً إلى تعزيز آليات المراقبة والمساءلة لضمان التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي وحماية حقوق الإنسان في جميع الأوقات، ويجب أن يكون الهدف النهائي هو ضمان بيئة آمنة ومستقرة لجميع المدنيين في غزة، وتحقيق العدالة للضحايا، وإنهاء الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.
وكذلك في غزة، وكما أشار مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، “لا يوجد مكان آمن للذهاب إليه”، وذلك بعد إجبار أكثر من مليون فلسطيني على النزوح إلى الجنوب، فقد أصدر الكيان الصهيوني في 1 ديسمبر/كانون الأول 2023 أوامر إخلاء جديدة لسكان المناطق الجنوبية من قطاع غزة، حيث ذهب إليها الفلسطينيون مؤخراً، وفي الوقت ذاته، تعرض الفلسطينيون الذين حاولوا العودة إلى الشمال لهجوم من قبل القوات العسكرية الصهيونية، وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، قصف الجيش الصهيوني مخيم المغازي للاجئين في وسط غزة، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 شخص، وقد أشارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن هذا القصف “يأتي بعد أن أمرت القوات الصهيونية السكان من جنوب وادي غزة بالانتقال إلى وسط غزة”.
بالتالي، إن هذه الأحداث تبرز التحديات القانونية والإنسانية الهائلة التي تواجه الفلسطينيين في غزة، فمن الناحية القانونية، تعتبر هذه الأعمال انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تلزم الأطراف المتحاربة بحماية المدنيين وتوفير ممرات آمنة لهم، كما أن أوامر الإخلاء المتكررة، مع عدم وجود أماكن آمنة للمدنيين للانتقال إليها، تشكل انتهاكاً لمبدأ التمييز ومبدأ التناسب في النزاعات المسلحة، والتي تفرض على الأطراف المتنازعة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين والامتناع عن الهجمات التي قد تؤدي إلى أضرار غير متناسبة للمدنيين، إضافة إلى ذلك، فإن القصف العشوائي لمناطق مكتظة بالسكان، كما حدث في مخيم المغازي، يعكس تجاهلاً صارخاً للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب أو تقليل الأضرار الجانبية في صفوف المدنيين. هذه الأعمال قد ترقى إلى جرائم حرب تتطلب تحقيقات مستقلة وشاملة لضمان المساءلة والمحاسبة.
وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل فعال لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين وتقديم الدعم اللازم لهم. يجب تعزيز الجهود الدبلوماسية لإيقاف الأعمال العدائية وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، كما ينبغي على المنظمات الحقوقية الدولية توثيق هذه الانتهاكات وتقديم التقارير إلى الهيئات الدولية المختصة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الأعمال وتعويض الضحايا، وتتطلب هذه الأزمة جهوداً متكاملة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك تعزيز دور الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى في مراقبة الوضع وضمان الامتثال للقانون الدولي الإنساني. الهدف النهائي يجب أن يكون تحقيق السلام والاستقرار في غزة، وضمان حقوق المدنيين، ومنع تكرار هذه المآسي الإنسانية في المستقبل، كما تحتاج الجهود الدولية أيضاً إلى تعزيز آليات المساءلة لضمان أن جميع الأطراف تلتزم بالتزاماتها الدولية وتحترم حقوق الإنسان في جميع الظروف.
وغالبية الفلسطينيين المشردين داخلياً في غزة لا يجدون مكاناً آمناً يلجأون إليه، حيث فقد الكثيرون منازلهم نتيجة لتدمير إسرائيل أو إلحاق أضرار جسيمة بما لا يقل عن 60 إلى 70 في المائة من المباني السكنية في غزة. وقد لجأ أكثر من مليون فلسطيني في غزة إلى مرافق الأونروا المكتظة أو إلى ملاجئ مؤقتة تفتقر إلى العزل المناسب من الأرض ومن الظروف الجوية، فضلاً عن افتقارها للبنية التحتية الأساسية والصرف الصحي، مما يزيد من خطر تعرضهم للأمراض المعدية، وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن هذا التهجير القسري المستمر للفلسطينيين بين المناطق الواقعة تحت القصف قد وضعهم على “نقطة الانهيار من الحرمان واليأس”.
ويُعتبر تدمير المنازل والبنية التحتية المدنية على نطاق واسع انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني، خاصةً مبادئ التمييز والتناسب والاحتياط، هذه المبادئ تلزم الأطراف المتحاربة بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، وتجنب الهجمات التي قد تسبب ضرراً مفرطاً للمدنيين مقارنة بالميزة العسكرية المباشرة المتوقعة، واتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب أو تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، إضافة إلى ذلك، فإن النزوح القسري للفلسطينيين وتركهم في ظروف معيشية غير إنسانية يتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في السكن اللائق والحق في الصحة، كما أن الأوضاع في الملاجئ المؤقتة ومرافق الأونروا المكتظة تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، مما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الصحية وزيادة خطر انتشار الأمراض المعدية.
على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان احترام القانون الدولي الإنساني. يتطلب ذلك توفير مساعدات إنسانية فورية ودعم مالي ولوجستي لتحسين ظروف الملاجئ والبنية التحتية، فضلاً عن تعزيز الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع وضمان سلامة المدنيين، كما ينبغي على المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية مواصلة توثيق هذه الانتهاكات وتقديم التقارير إلى الهيئات الدولية المختصة، مثل المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الأعمال وتعويض الضحايا.
لكن تحقيق العدالة يتطلب جهوداً متكاملة من كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك تعزيز دور الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى في مراقبة الوضع وضمان الامتثال للقانون الدولي. الهدف النهائي يجب أن يكون تحقيق السلام والاستقرار في غزة، وضمان حقوق المدنيين، ومنع تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل. تعزيز آليات المساءلة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني هو أمر حتمي لضمان عدم الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للضحايا.
في ضوء الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تتعرض لها غزة، يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات دولية حازمة لحماية المدنيين وضمان حقوقهم الأساسية. يتطلب هذا الأمر تعزيز الجهود الدبلوماسية لتخفيف حدة النزاع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعمل على إيجاد حلول سياسية دائمة تحقق السلام والاستقرار في المنطقة.
بالتالي، إن تعزيز المساءلة هو عنصر حاسم في هذه الجهود، وذلك من خلال تقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، حيث يمكن للمجتمع الدولي دعم تحقيقات مستقلة وشاملة في هذه الانتهاكات وتقديمها إلى الهيئات القضائية الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا، على المستوى الدولي كما نوهنا مراراً، يمكن للمنظمات الحقوقية والإنسانية أن تلعب دوراً أكبر في توثيق الانتهاكات وتقديم التقارير إلى الهيئات المختصة، مما يساعد في خلق ضغط دولي على الأطراف المتنازعة لاحترام القانون الدولي، كما يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعزيز الجهود الدبلوماسية من خلال فرض عقوبات محددة وقيود على المسؤولين عن الانتهاكات، بما يضمن توجيه رسالة قوية بضرورة احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وفي خطوة تصعيدية تعكس الغضب الدولي من الانتهاكات المستمرة، قامت جزر المالديف بمنع دخول المواطنين الصهاينة إلى أراضيها، مما يعكس تزايد الضغوط الدولية على الكيان المجرم، هذه الخطوة تمثل رمزاً للدعم الدولي للقضية الفلسطينية وتأكيداً على ضرورة إيجاد حلول عادلة ودائمة تحترم حقوق جميع الأطراف.
في الختام، تبقى حماية حقوق الإنسان وضمان السلام والاستقرار في غزة مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود الدولية لتحقيق العدالة ومنع تكرار هذه المآسي الإنسانية.
عبدالعزيز بن بدر القطان / مستشار قانوني – الكويت.