كلاهما ( داعش و إسرائيل) وجهان لعُملة واحدة سُبِكتْ بمصانع الصهيونية و الإمبريالية ، وكُتِبَ ان تكون بلداننا ومنطقتنا سوقاً لتداولها ، رغم انها عُملة حرام دينياً و ساقطة اخلاقياً ، و مثلما اندثر الوجه الاول من العُملة ( داعش ) سيندثر او سيزول وجهها الآخر ( إسرائيل ).
أنها مسألة وقت ،ولكن وقت بثمن ،والثمن هو الصبر و دماء شهداء المجاز ،التي تُرتكب كل يوم ، ومنذ سبعة شهور ، و آخرها مجزرة النصيرات في وسط رفح غزّة ، قبل ثلاثة أيام.
يحسبون امريكا و اسرائيل بأنهم حققّوا في النصيرات انتصاراً ،و ما انجزوا الاّ خزياً و عاراً ، قتلوا و جروا من الأطفال و العوائل الفلسطينية بالمئات ، وقتلوا من أسراهم ،وفقدوا من جندهم و مرتزقتهم ، ليحرروا اربعة إسرائيل ، و استغلوا غدراً و مكراً قوافل المساعدات الإنسانية ، كلجوء عصابات الإجرام و المافيا وباكو حرام و داعش إلى طرق و وسائل الإرهاب . عملية النصيرات شهادة اخرى على الشراكة الأمريكية -الاسرائيلية في كل المجازر التي ارتكبت بحق الأطفال الأبرياء في غزّة وفي الضفة ، شهادة اخرى على كذب و نفاق الرئيس بايدن .
و العَجبْ ،هو تبادل التهاني بين الرئيس بايدن و نتنياهو ،بمناسبة تحرير الاسرى الأربع ، و نجاح المهّمة .
أعودُ إلى العنوان ،بعد المقدمة المختصرة ، و التي فرضتها مجزرة النصيرات ،و ضرورة تبيان وهم الانتصار المزعوم ،لنتساءل ما العلاقة بين دولة الخلافة الإسلامية ( داعش ) ، ودولة الخلافة النازية ( إسرائيل ) ؟
العلاقة او المقاربة تكمنُ في فرقٍ كبير ، وهذا الفرق الكبير هو ان دولة الخلافة الاسلامية تُنسبْ إلى عصابة ،إلى منظمة ارهابية ،أُسمها داعش ، ودولة الخلافة النازية تُنسبْ إلى ” دولة ” مُعترف بها و عضو في الامم المتحدة وهي ” اسرائيل ” ، و اكثر من هذا وذاك ، اعتبروها من صنعها ،بانها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وجيشها اكثر جيوش المنطقة أخلاقاً و التزاماً .
هي ( وأقصد إسرائيل ) دولة الخلافة النازية ،مع سبق الإصرار ، سواء كان التشبيه ، في المعنى الايجابي او في المعنى السلبي ! ماذا أعني في ذلك ؟.
التشبيه في المعنى الايجابي ينصرف إلى أن أغلب
الاسرائليين هم أبناء و أحفاد اليهود الذين قتلوا على يد النازيّة ، وكان عليهم ان يكونوا اكثر الناس حرصاً على منع تكرار مثل ما تعرضوا اليه ،لاسيما و ان اجدادهم والذين نجوا من محارق النازية التجأوا إلى الدول العربية و الإسلامية التي احتضنتهم و كرّمت بعضهم بهوية المواطنة . ولكن للأسف ،الذي حصل هو خلاف وعكس المتوقع و المطلوب انسانياً و حضارياً .
والتشبيه بالمعنى السلبي يسمح لنا بالاستنتاج بأنَّ الاسرائلين أصيبوا بداء ” العنف يولّد العنف ” ،فهم ، وهذه الحالة وفي إسرائيل يمثلون فعلاً ” دولة الخلافة النازية “.
وليس جزافاً او من دون حق ،صدحت تصريحات لكثير من رؤساء دول و مسؤولين سياسين تقارن او تشّبه ما يقوم به قادة اسرائيل في غزّة بما قام به هتلر والنازية.
لم ندّعْ زوراً و بهتاناً على رعاية امريكا لدولة الخلافة الإسلامية ( داعش ) ، لم يبقْ شك او ترّددْ ،بفضل توارد المعلومات و التصريحات الأمريكية ، على أمريكيّة هذه الرعاية . ارادت امريكا استخدام داعش و الفتنة الطائفية للأنقضاض على حركات المقاومة ضّدَ اسرائيل في المنطقة و تقويض الدول او الأنظمة السياسية الداعمة لهذه الحركات ، وفي مقدمة هذه الدول العراق وسوريّة ولبنان ، و كذلك تشويه صورة الإسلام .
كان الهدف من بشاعة المجازر والتفننّ الداعشي في وسائل القتل والذبح و الحرق و الطمّر للأحياء هو نقل صورة مشّوه للعالم عن مسلمي المنطقة ،وقدرتهم على ارتكاب اللامعقول ،كي يقارن العالم بينهم وبين” إسرائيل ، واحة الحضارة و الديمقراطية في المنطقة ” وتبيان مقدار الخطر الذي يهّدد اسرائيل ، وتبرير الدعم الأمريكي و الأوربي المُطلق لاسرائيل !.
ولكن ،سرعان ما ظهر الحق و اندحر الباطل ، ولم يُصاب الرأي العام الدولي بميكروبات داعش عن ابناء المنطقة و حضاراتهم و دياناتهم ، والفضل يعود إلى ادراك الشعوب بأنَّ داعش هي صناعة صهيونية وبرعاية أمريكيه- غربية ، و بأنَّ احتضار داعش و الإرهاب كان على يد و تضحيات ابناء المنطقة ، وفي مقدمتهم ابناء العراق و سوريّة ولبنان .
دولة الخلافة الإسلامية، تسميّة مُظلِّة ،حيث لا دولة و لا خلافة و لا إسلام ، ولكن نسبوها إلى مجرم حقيقي و راعي حقيقي .
دولة الخلافة النازية ،تسميّة صحيحة و واقعية حيث دولة ( إسرائيل ) ، و خلافة لحكمٍ نازي سادَ و مضى و يتجدد اليوم في غزّة ، و بمشاركة ورعاية أمريكية .
السفير الدكتور / جواد الهنداوي – رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل / 2024/6/9.