الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان خلقه القرآن الكريم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز، الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليكون نوراً وهداية للبشرية جمعاء، إن هذا الكتاب العظيم ليس مجرد كلمات تُتلى، بل هو دستور حياة يُرشد المسلم في كل جانب من جوانب حياته، قال الله تعالى: “إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ” (الإسراء: 9)، مُبيناً أن القرآن هو المنهاج الأمثل الذي يُقوِّم السلوك ويُصلح الأحوال.
وفي سورة النمل، نجد العديد من الآيات التي تحمل دروساً عظيمة وفوائد جليلة للمسلمين. فالسورة تتناول قصصاً من حياة الأنبياء، منها قصة سليمان عليه السلام، التي تُبرز حكمة هذا النبي الكريم وعدله ورحمته مع خلق الله، حتى مع أصغر المخلوقات مثل النمل،قال تعالى: “فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ” (النمل: 19)، هذه الآية تُعلمنا أهمية الشكر لله تبارك وتعالى على نعمه، والدعاء المستمر للهداية والعمل الصالح، كما تُبرز قيمة الرحمة والتواضع، حتى مع أضعف المخلوقات، مما يعزز الأخلاق الحميدة في نفوس المسلمين.
وفي الآيات التالية، تُظهر سورة النمل دقة تنظيم سليمان عليه السلام لمملكته وحرصه على جميع أفرادها، كما يتضح من تفقده للطير واهتمامه بغياب الهدهد. قال تعالى: “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ” (النمل: 20)، هذا المثال يُعلمنا أهمية المسؤولية والاهتمام بتفاصيل الأمور في حياتنا اليومية، سواء كان ذلك في الأسرة أو في العمل أو في المجتمع، كما أن قصة الهدهد تُبرز أهمية البحث عن الحقيقة ونقل المعلومات الصادقة. قال تعالى: “فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ” (النمل: 22). هذه الآية تُعلمنا قيمة الصدق والتحقق من الأخبار قبل نقلها، وهو درس مهم في زمن تنتشر فيه الإشاعات والأخبار الكاذبة.
من هنا، لا يسعنا إلا أن نشكر الله تبارك وتعالى على نعمة القرآنالكريم، هذا الكتاب الذي هو روح حياة المسلم ونوره وهدايته، ونسأل الله أن يجعلنا من الذين يقرؤون القرآن ويتدبرونه ويعملون به، وأن ينفعنا بآياته ويجعلها نوراً لنا في الدنيا والآخرة.
بالتالي، إن سورة النمل وغيرها من سور القرآن الكريم مليئة بالعبر والدروس التي تهدي الإنسان إلى طريق الخير والحق، وتجعل منه عبدًا صالحًا ينشر السلام والمحبة والعدل في كل مكان.
بسم الله الرحمن الرحيم
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍإِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ:
في تفسير الطبري، يذكر أن سليمان عليه السلام تبسَّم ضاحكاًمن قول النملة التي حذرت قومها من جيش سليمان. ودعا الله بأن يلهمه الشكر على النعم التي أنعم بها عليه وعلى والديه، وأن يوفقه للعمل الصالح الذي يرضى الله به، وأن يدخله في عباده الصالحين برحمته، أما في تفسير ابن كثير، فيوضح أن سليمان عليه السلام ضحك من قول النملة، وشكر الله على نعمه، ودعا الله أن يعينه على شكره، وأن يوفقه للعمل الصالح، وأن يدخله في الجنة برفقة عباده الصالحين، وفي تفسير الجلالين، يشير إلى أن سليمان عليه السلام تبسم ضاحكاً من قول النملة، ودعا الله بأن يلهمه الشكر على نعمه، وأن يعمل صالحاً يرضاه، وأن يدخله في عباده الصالحين، أما في تفسير سيد قطب: يركز على الجانب الإنساني والعاطفي في رد فعل سليمان عليه السلام تجاه النملة، ويرى في دعائه انعكاساً لوعيه العميق بنعم الله عليه وعلى والديه، وحاجته إلى التوفيق الإلهي في العمل الصالح والرحمة في النهاية، أما الآلوسي في روح المعاني، يتناول الضحك هنا كإشارة إلى الفرح والسرور، ويستطرد في شرح كيفية إلهام الله للشكر والعمل الصالح، وطلب سليمان عليه السلام للرحمة والقبول في زمرة الصالحين.
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ
الطبري: يذكر أن سليمان عليه السلام افتقد الطير بين جيشه ولم يجد الهدهد، فسأل عن سبب غيابه إن كان من الغائبين، وابن كثير: يوضح أن سليمان عليه السلام تفقد الطير ولم يرَ الهدهد، فاستغرب غيابه وسأل عن سبب ذلك، وفي تفسير الجلالين: يشير إلى أن سليمان عليه السلام لاحظ غياب الهدهد بين الطيور وسأل عن سبب عدم رؤيته له، وفي تفسير سيد قطب: يركز على تنظيم سليمان عليه السلام ودقة مراقبته لجنوده، ويشير إلى أن عدم رؤية الهدهد كان أمرًا غير عادي بالنسبة له، والآلوسي: يتناول تفقد سليمان عليه السلام للطير كدليل على اهتمامه الكبير بتنظيم مملكته وجنوده، ويفسر تساؤله حول غياب الهدهد كعلامة على دقته في المراقبة.
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
الطبري: يذكر أن سليمان عليه السلام توعد الهدهد بالعذاب الشديد أو الذبح إذا لم يقدم عذرًا مقنعًا لغيابه. وابن كثير: يوضح أن سليمان عليه السلام توعد الهدهد بأحد الأمرين: العذاب الشديد أو الذبح، إلا إذا جاء بعذر واضح يبرر غيابه، وفي تفسير الجلالين: يشير إلى أن سليمان عليه السلام هدد الهدهد بالعذاب الشديد أو الذبح إذا لم يأتِ بحجة واضحة لغيابه، أما سيد قطب:يركز على حزم سليمان عليه السلام في إدارة أمور مملكته، ويشير إلى أن تهديده للهدهد يعكس الجدية في تنفيذ الأوامر ومحاسبة الجنود، والآلوسي: يتناول تهديد سليمان عليه السلام للهدهد بالعقاب كدليل على صرامته في تنظيم مملكته، وضرورة تقديم الحجة الواضحة لغياب الجنود.
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ
في تفسير الطبري: يذكر أن الهدهد لم يبتعد طويلاً ثم جاء لسليمان عليه السلام وأخبره بأنه أحاط بما لم يكن يعلم، وجاءه بأخبار يقينية من سبأ، وفي تفسير ابن كثير: يوضح أن الهدهد عاد سريعاً وأخبر سليمان عليه السلام بأنه جاءه بأخبار من سبأ لم يكن يعلمها، وتفسير الجلالين: يشير إلى أن الهدهد لم يبتعد طويلاً، وأخبر سليمان عليه السلام بأنه جاءه بأخبار مؤكدة من سبأ، سيد قطب: يركز على دهاء الهدهد وذكائه في تقديم معلومات جديدة لسليمان عليه السلام، مما يعكس حيوية المشهد والتطورات السريعة فيه، والآلوسي: يتناول عودة الهدهد السريعة كدليل على اهتمامه بتبرير غيابه، وتقديمه لأخبار من سبأ يعكس ذكاءه ودقته في جمع المعلومات.
إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ
الطبري: يذكر أن الهدهد أخبر سليمان عليه السلام بأنه وجد امرأة تحكم سبأ، وأُعطيت من كل شيء، ولها عرش عظيم، ابن كثير: يوضح أن الهدهد ذكر لسليمان عليه السلام أنه وجد امرأة تحكم سبأ، وأُعطيت من كل شيء، ولها عرش عظيم، وفي تفسير الجلالين: يشير إلى أن الهدهد أخبر سليمان عليه السلام بأنه وجد امرأة تملك سبأ، وأُعطيت من كل شيء، ولها عرش عظيم، أما في تفسير سيد قطب: يركز على وصف الهدهد لمملكة سبأ وملكتها، مما يعكس ثراء المملكة وقوة الملكة، ويشير إلى أهمية العرش كرمز للسلطة، وفي روح المعاني للآلوسي: يتناول وصف الهدهد لمملكة سبأ وملكتها بالتفصيل، ويشير إلى العرش العظيم كدليل على ثراء وقوة المملكة.
وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ
في تفسير الطبري: يذكر أن الهدهد أخبر سليمان عليه السلام بأن الملكة وقومها يعبدون الشمس من دون الله، والشيطان زين لهم أعمالهم وصدهم عن الطريق المستقيم، وفي تفسير ابن كثير:يوضح أن الهدهد ذكر لسليمان عليه السلام أن الملكة وقومها يعبدون الشمس، والشيطان زين لهم أعمالهم وصدهم عن الحق، أما في تفسير الجلالين: يشير إلى أن الهدهد أخبر سليمان عليه السلام بأن الملكة وقومها يسجدون للشمس، والشيطان زين لهم أعمالهم وصدهم عن الهداية، وسيد قطب: يركز على الحالة الدينية لسبأ وعبادتهم للشمس، وتأثير الشيطان في تزيين أعمالهم وصدهم عن الهداية، وفي تفسير الآلوسي: يتناول شرح الهدهد لحال قوم سبأ وعبادتهم للشمس، ويشير إلى دور الشيطان في تزيين الباطل وصدهم عن الهداية.
من هنا وبعد توضيح هذه الآيات الكريمة، إن هذه الآيات تحتوي على جماليات لغوية متعددة، تبرز بلاغة القرآن الكريم وروعة أسلوبه:
التبسم والضحك: فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا
لقد تم الجمع بين التبسم والضحك يدل على البهجة والسرور. “تَبَسَّمَ” يشير إلى الابتسامة الهادئة، و”ضَاحِكًا” يشير إلى الضحك بصوت منخفض، مما يعكس حالة من السرور الرقيق، حيث تم استخدام التبسم والضحك معًا يُظهر ردة فعل سليمان عليه السلام بشكل جمالي، حيث يكون الرد بهدوء وسرور متوازن.
الأمر الآخر، الدعاء والتضرع: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ
إن الجمال اللغوي هنا هو استخدام صيغة الدعاء والتضرع يعكس الخشوع والتواضع أمام الله. “أَوْزِعْنِي” تعني ألهمني وثبتني، وذلك من خلال الدعاء هنا يُظهر اعتماد سليمان على الله في كل أموره، ويبرز تواضعه وشكره.
كذلك، التفقد والاهتمام: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ:
إن استخدام الفعل “تَفَقَّدَ” يعكس العناية الفائقة والاهتمام بالتفاصيل، حيث يُظهر هذا الفعل حرص سليمان عليه السلام على تنظيم وإدارة مملكته بدقة، مما يعكس قيادته الحكيمة.
وفي التعبير عن الغياب: مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ
يبرز الجمال اللغوي هنا من خلال الاستفهام “مَا لِيَ لَا أَرَى” يعبر عن الدهشة والاستغراب بطريقة لطيفة. “أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ” يزيد من حدة التساؤل، حيث يُظهر هذا التعبير شعور سليمان عليه السلام بالمفاجأة والتساؤل حول غياب الهدهد، مما يعزز الدراما في القصة.
أيضاً التهديد والتوبيخ: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
إن استخدام التهديد بأسلوب حازم ومتعدد الخيارات (“لَأُعَذِّبَنَّهُ… أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ… أَوْ لَيَأْتِيَنِّي”) يبرز الجدية والحزم، حيث يعكس هذا الأسلوب مدى جدية سليمان في محاسبة الهدهد، مما يعزز الشعور بالمسؤولية.
سرعة العودة والإخبار: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ
هنا يكمن الجمال اللغوي باستخدام “فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ” يعبر عن سرعة الرد، مما يبرز حيوية الموقف، “أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ” يعكس معرفة الهدهد بأمور خافية على سليمان عليه السلام، حيث يُظهر سرعة الهدهد في العودة والرد معرفة الهدهد ودقته في نقل الأخبار.
وصف العرش العظيم: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ
هنا تم استخدام “عَظِيمٌ” يعبر عن ضخامة وعظمة العرش، مما يبرز قوة مملكة سبأ، ويضفي هذا الوصف صورة بصرية قوية على عرش ملكة سبأ، مما يعزز من رهبة وسحر المشهد.
تزيين الشيطان: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ
إن الجمال اللغوي جاء في استخدام “زَيَّنَ” يعكس كيفية إغواء الشيطان للبشر بجعل الأمور السيئة تبدو جذابة، حيث يُظهر هذا التعبير تأثير الشيطان في تضليل الناس وجعلهم يرتكبون أعمالاً باطلة.
أما الاستدراك والبيان: فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ
فجاء الجمال اللغوي من خلال استخدام “فَصَدَّهُمْ” يوضح النتيجة المباشرة لتزيين الشيطان، و”فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ” يبين حالة الضلال الناتجة، وهنا يعزز هذا الأسلوب من فهم القارئ لكيفية ضلال الناس بسبب تأثير الشيطان.
بالتالي، إن هذه الجماليات اللغوية تبرز عمق التعبير القرآني وروعة أسلوبه البلاغي، مما يعزز من فهمنا وتقديرنا للنص القرآني الكريم.
من هنا، إن الدين الإسلامي هو النور الذي أضاء به الله ظلمات الجهل والضلال، وهو الهدى الذي يهدي إلى الصراط المستقيم. إن الإسلام ليس مجرد ديانة، بل هو نظام شامل للحياة، يتناول كل جوانبها من الروحانية والأخلاق إلى المعاملات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قال الله تبارك وتعالى: “قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ” (المائدة: 15).
ففي هذا العصر الذي تسيطر فيه المادية على القيم، ويعاني فيه العالم من أزمات أخلاقية واجتماعية، يتجلى الإسلام كالحل الوحيد الذي يمكن أن يحقق التوازن والعدالة والسلام، والإسلام يدعو إلى التراحم والتكافل والتعاون، ويؤسس لمجتمع متماسك يقوم على المحبة والإخلاص والعدل. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق” (رواه أحمد).
بالتالي، إن حاجة المجتمعات إلى الإسلام تزداد يوماً بعد يوم، فهو الذي ينظم علاقة الإنسان بربه، ويعلمه حقوقه وواجباته، ويرشده إلى الطريق القويم في كل أموره، وإن القيم الإسلامية تساهم في بناء مجتمع قوي متماسك، يسوده العدل والمحبة والسلام، قال اللهتبارك وتعالى: “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” (آل عمران: 85).
وفي الختام، نسأل الله أن يثبتنا على دينه القويم، وأن يجعلنا من العاملين به والداعين إليه، وأن ينير قلوبنا بنور الإسلام، ويجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إن الإسلام هو النور الذي نحتاجه في كل زمان ومكان، وهو الرحمة التي تنشر الخير والسلام في ربوع الأرض، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، ووفقنا لما تحب وترضى، إنك على كل شيء قدير.
عبدالعزيز بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.