القروض لا تفتح بيتا
في أحد مقاهي القرم الساحرة جمعتني الصدفة بابن صديق لي كان قد تزوج منذ أشهر قليلة.. وبعد التحية لاحظت أنه مهموم وشارد الذهن فبادرته بالسؤال عن رأيه في الزواج بعد هذه الأشهر القليلة وعن سبب همه وقلقه.. فأجابني بأن الزواج سنة الحياة وأن الله سبحانه وتعالى رزقه نعم الزوجة الصالحة ولكن ما يحزنه هو أنه قبل الزواج لجأ للحصول على قرض من أحد البنوك بقيمة كبيرة من أجل الوفاء بكافة التكاليف المطلوبة منه من مهر وشبكة وتأثيث منزل وحفل زفاف وغير ذلك من النفقات التي أثقلت كاهله وهو لا يمتلكها كونه في مقتبل حياته العملية وراتبه لا يسمح له بتغطية كل هذه النفقات.. لم أعرف كيف أواسيه فهو في موقف لا يحسد عليه وفات أوان الحل.
بالتأكيد لجوء الشباب للقروض ليس بالتصرف الصحيح على الإطلاق لأنه بعد الزواج تتزايد المسئوليات ويصبح الزوج مسئولا عن منزل وزوجة وأبناء فيما بعد وسيحتاج لكل ريال في راتبه للإنفاق على أسرته التي بالكاد سيكفيها في ظل الارتفاع الجنوني المتزايد للأسعار على كافة المجالات.. وللأسف ضيق ذات اليد أو العامل الاقتصادي يعتبر السبب الرئيسي لحالات الطلاق في وقتنا الحالي.. فمع تزايد مطالب الحياة الضرورية تنشب المشاكل بين الزوجين والتي تؤدي في النهاية لانهيار البيت.
إن الديون هم بالليل وذل بالنهار.. وعلى الشاب أن يعي أنه لا يجب أن يبدأ حياته بالدين والقروض لأنها تمحق البركة.. فعليه أن يشرح إمكانياته بالتفصيل لوالد العروس عسى أن يعذره ويخفف عنه تكاليف الزواج ويشاركه فيها.
أما ولي أمر العروس فعليه أن يتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: “أكثرهن بركة أقلهن مهرا”.. فعليه أن يقلل تكاليف الزواج ومطالبه من مهر وغيره قدر المستطاع ولا داعي للمظاهر المبالغ فيها التي لا يستفيد منها العروسان في شيء.. بل يجب عليه احتضان زوج ابنته والتخفيف عن كاهله ومساعدته على تخطي هذه الخطوة الهامة في حياته بسهولة وتشجيعه على تكوين أسرة غير مثقلة بالديون وهي تحبو خطواتها الأولى نحو عالم الزوجية من خلال التخطيط المالي السليم الذي يحقق للعروسين الاستقرار والسعادة طوال حياتهما فالمال وحده لا يجلب السعادة بل العبرة في التوافق الفكري والثقافي والتحلي بمكارم الأخلاق.
ناصر بن سالم اليحمدي