قدَّمت الدبلوماسيَّة السوريَّة بصماتٍ مُشرِّفةً على الصَّعيد الدّولي، وقدَّمت أسماءً لامعةً دافعت عن الحقِّ السُّوري والدَّولة السوريَّة في الأُمم المُتَّحدة الَّتي شاركت سوريا في تأسيسها ووضْعِ بروتوكولها.
ولا يفوتُنا هنا أن نذكِّرَ بأبرزِ المواقف السوريَّة الحاضرة في الذَّاكرة العربيَّة، فلا يزال موقف فارس الخوري مع المندوب الفرنسي في مجلسِ الأمنِ عام 1946 شاهدًا على ذكائه وفِطنته وقوَّة حجَّته. فقد جلسَ على المقعد الخاصِّ بالمندوب الفرنسي الَّذي فوجئ به يحتلُّ مقعده، فطلب مِنْه الانتقال إلى المقعد الخاصِّ بسوريا، لكنَّ فارس الخوري تجاهلَه وأخرجَ ساعتَه من جَيْبِ سِتْرتِه، وراح يتأمَّل فيها بَيْنَما المندوب الفرنسي استشاط غضبًا وعِند الدَّقيقة الـ(25) قال له فارس بيك بلُغةٍ فرنسيَّةٍ واضحة: سعادة السَّفير جلستُ على مقعدك (25) دقيقةً فكدتَ تقتلُني غضبًا وحنقًا..
سوريا استحملت سفالة جنودكم (25) سنَةً، وآنَ لها أن تستقلَّ. ولا شكَّ أنَّ الجينات الوراثيَّة السوريَّة سجَّلت نموذجًا مُشرِّفًا آخرَ ممثَّلًا في الدكتور بشَّار الجعفري الَّذي دافعَ عن بلادِه في الأُممِ المُتَّحدةِ وجلساتِ مجلسِ الأمنِ الدّولي بكُلِّ بسالةٍ وجُرأة وسُرعة بديهة، وقدرات فكريَّة دبلوماسيَّة عالية، سجَّلتها مختلفُ جلساتِ مجلسِ الأمنِ عندما وقفَ بكُلِّ صلابةٍ وحنكة دبلوماسيَّة موَجِّهًا خِطابَه وردوده القويَّة للأطرافِ الَّتي حاولت التدليس والافتراء والتدخُّل في الشَّأن السُّوري فسجَّلت ردود الدكتور بشَّار الجعفري ملحمةً من ملاحم الصمود والقيادة الدبلوماسيَّة في أعلى مستوياتها كأحَدِ أهمِّ خطوط التأثير في معالجة الأزمة لا تقلُّ قوَّة عمَّا كان يُقدِّمه الجيش العربي السُّوري في مكافحة الإرهاب بالميدان، وبقيادةٍ سياسيَّة حكيمة تمثَّلت في الرئيس الدكتور بشَّار الأسد الَّذي استطاع قيادة وإدارة أكبر أزمة في تاريخ الدَّولة السوريَّة، وتوظيف كُلِّ العناصر وخطوط التأثير في إدارة الأزمة، فكانت الدبلوماسيَّة السوريَّة تتقدم على قوى المؤامرة الدوليَّة في المواجهات الدبلوماسيَّة وبتوجيهات من أحَدِ أبرز رجال الدبلوماسيَّة الدكتور وليد المُعلِّم وزير الخارجيَّة والمغتربين، وبجهودِ أحَدِ عمالقةِ الفكر الدبلوماسي الدكتور فيصل المقداد..
ولذلك حقَّقت الدبلوماسيَّة السوريَّة بمسانَدةِ الدوَل الحليفة تقدُّمًا توازَى مع تقدُّم الجيش العربي السُّوري على أرض الميدان، كما توازَى مع فِطنة الشَّعب السُّوري لمحاولاتِ خلْقِ الفوضَى وزعزعة البلاد بفعل تلك المؤامرة، فكانت النتيجة الحتميَّة هي انتصار الدَّولة السوريَّة على قوى المؤامرة والإرهاب.
خميس بن عبيد القطيطي