تحت عنوان ” إسرائيل العظمى ” نشرت مقالاً في مجلة الدبلوماسي في بداية الألفية الثالثة ، استكملت به ما نشرته في مقال أسبق تحت عنوان ” الفك والتركيب ” ، وقد وضعت في مقدمته ما أسميته ” تحذير واجب ” ، قلت فيه : ” علي العرب جميعاً أن يقرأوا الموضوع التالي بإقبال وشغف ، حتي يعرف كل أنسان أين سيكون بيته في المستقبل ، لأنه طبقاً للتخطيط التالي من الممكن أن ينام الإنسان العربي في دولة ليستيقظ في اليوم التالي في دولة أخري ” …
هذا هو السحر الصهيوني العجيب ، الذي يعدنا به السادة الصهاينة الجدد ، ولكن ينبغي ألا ينسي أحد أن صهاينة قدامي وضعوا خططاً أخري منذ مائة عام أو يزيد ، وربما كانت أكثر هزلية وقتها ، وربما ضحك أجدادنا حتي أستلقوا علي قفاهم وهم يقرأونها من فرط غرابتها ،
نعم .. أنا أتخيل جدي إبراهيم حامل العالمية الأزهرية المثقف جداً عام 1897 وهو يقرأ عن مؤتمر بال في سويسرا ويضحك من خيال الصهاينة الجامح ، وربما شاركه في الضحك جاره اليهودي المصري …!!
نقلت ما نشرته صحيفة ” كيفونيم ” الإسرائيلية باللغة العبرية عام 1982 تحت عنوان : ” إستراتيجية إسرائيل في الثمانينات ” ، وهذه الصحيفة من أجهزة المنظمة الصهيونية العالمية ، ويرأس تحريرها يورام بيك الذي هو في نفس الوقت رئيس إدارة المطبوعات والمعلومات في المنظمة .
وقد قام بترجمة المقال من العبرية إلي الإنجليزية الدكتور / إسرائيل شاحاك أستاذ الكيمياء العضوية في الجامعة العبرية بالقدس ورئيس الجامعة الإسرائيلية لحقوق الإنسان ، بعد أن كتب مقدمة لها علي النحو التالي :
” المقال التالي يقدم – من وجهة نظري – الخطة التفصيلية والدقيقة للنظام الصهيوني الحالي في الشرق الأوسط ، وتعتمد علي تقسيم المنطقة بالكامل إلي دويلات صغيرة ، وتفكيك الدول العربية الحالية ” ….
ويبدأ المقال المذكور في شرح عملية التقسيم علي النحو التالي :
أن العالم الإسلامي العربي ليس مشكلة إستراتيجية كبيرة سنواجهها في الثمانينات ، رغم حقيقة أنه يحمل التهديد الرئيسي لإسرائيل ، بسبب نمو قدرته العسكرية .
فهذا العالم منقسم إلي أقليات عرقية ، وفرق ومشاكل داخلية تحمل في ذاتها بشكل مدهش أسباب التدمير الذاتي Selfdestructive كما نري في لبنان ، وفي إيران – غير العربية – والآن في سوريا ، وبالتالي لا يمكنه أن يتعامل معنا بنجاح في المشاكل الرئيسية أي أنه لا يمثل تهديداً حقيقياً ضد دولة إسرائيل علي المدي الطويل ، ولكن فقط علي المدي القصير حيث يتمثل تهديده العسكري .
أن هذا العالم علي المدي الطويل لن يكون قادراً علي الوجود في إطاره الحالي في المناطق المحيطة بنا بدون أن يمر بتغيرات ثورية حقيقية ، لأن العالم العربي الإسلامي يشبه مبني مؤقتاً من الورق تم تجميعه بواسطة الأجانب ( فرنسا وبريطانيا في القرن التاسع عشر والعشرين ) بدون أن تؤخذ في الإعتبار أماني أو رغبات سكان هذه المنطقة .
فقد تم تقسيمها بشكل تحكمي إلي 19 دولة ، كلها مكونة من تجميع لأقليات وجماعات عرقية متعادية ، وبالتالي فأن كل دولة عربية مسلمة حالياً تواجه تدمير عرقي إجتماعي من الداخل ، وفي بعضها بدأت الحرب الأهلية بالفعل .
ثم يلي ذلك شرح تفصيلي لخطة التفكيك والتقسيم ، التي قد يندهش البعض لدقة تنفيذها حتي الآن وخاصة في العراق وسوريا ، ويوضح المقال أن أوضاعاً حزينة وعاصفة تحاصر إسرائيل وتخلق لها التحديات بما فيها من مشاكل ومخاطر ، ولكن توجد أيضاً فرصاً بعيدة المدي لأول مرة منذ 1967 ، أن الفرص التي لم يتم إغتنامها آنذاك أصبحت قابلة للتحقيق في الثمانينات بدرجة وإتساع لا نستطيع أن نتصوره اليوم .
ويقول المقال بوضوح شديد ” أن إعادة إكتساب شبه جزيرة سيناء بكل ما تملكه من مصادر ثروة محققة ومحتملة يعتبر أسبقية سياسية تم إيقافها بواسطة كامب ديفيد وإتفاقيات السلام ، والخطأ في ذلك يقع بالطبع علي الحكومة الإسرائيلية الحالية والحكومات التي مهدت الطريق لسياسة التنازل عن الأراضي ، تلك الحكومات الإئتلافية منذ 1967 ” .
أننا بدون البترول وعوائده ( بترول ومعادن سيناء طبعاً !! ) ومع نفقاتنا الهائلة الحالية فلن يكون أمامنا سوي العودة إلي الوضع السابق في سيناء قبل زيارة السادات وإتفاق السلام الخاطئ الذي وقعناه معه في مارس 1979 .
يتناول المقال بعد ذلك تفصيلاً شكل كل الدول العربية بلا إستثناء وقد تم تقسيمها وتفتيتها ، حيث تبدو السعودية في الخريطة أكثر من ثلاثة دول ، واليمن ، والجزائر وليبيا .. إلخ ، وفيما يتعلق بمصر يري المقال المذكور أنها في صورتها الداخلية السياسية الحالية ( عام 1982 ) ليست سوي جثة ، وخاصة إذا أخذنا في الإعتبار الصدع الإسلامي / المسيحي .
أن الهدف السياسي لإسرائيل في الثمانينات هو العمل علي تمزيق مصر إلي مناطق جغرافية متعددة ، وإذا سقطت مصر فأن بلاداً مثل ليبيا والسودان وحتي بلاد أخري بعيدة لن تستمر في البقاء في وضعها الحالي ، وسوف تنهار وتتفتت مثل مصر .
أن رؤية دولة مسيحية قبطية في مصر العليا بجوار عدد من الدول الضعيفة ذات سلطة مغرقة في محليتها ، وبدون حكومة مركزية هي المفتاح للتطور التاريخي الذي أوقفته إتفاقية السلام ، ولكنه يبدو قادماً علي المدي الطويل .
ويبدو أن المقال المذكور كان أكثر من مجرد نبؤة لحكماء صهيون ، وإنما رؤية علمية وعملية لمجتمع عربي لم يتخلص بعد من جينات داحس والغبراء ، ولديه خبراؤه في التقسيم الذين لا يقلون براعة عن سايكس وبيكو … من المؤكد أن هناك محمد سايكس ، وعلي بيكو ..
اللهم بلغت ، اللهم فاشهد …
معصوم مرزوق
تحت عنوان ” إسرائيل العظمي ” نشرت مقالاً في مجلة الدبلوماسي في بداية الألفية الثالثة ، استكملت به ما نشرته في مقال أسبق تحت عنوان ” الفك والتركيب ” ، وقد وضعت في مقدمته ما أسميته ” تحذير واجب ” ، قلت فيه : ” علي العرب جميعاً أن يقرأوا الموضوع التالي بإقبال وشغف ، حتي يعرف كل أنسان أين سيكون بيته في المستقبل ، لأنه طبقاً للتخطيط التالي من الممكن أن ينام الإنسان العربي في دولة ليستيقظ في اليوم التالي في دولة أخري ” …
هذا هو السحر الصهيوني العجيب ، الذي يعدنا به السادة الصهاينة الجدد ، ولكن ينبغي ألا ينسي أحد أن صهاينة قدامي وضعوا خططاً أخري منذ مائة عام أو يزيد ، وربما كانت أكثر هزلية وقتها ، وربما ضحك أجدادنا حتي أستلقوا علي قفاهم وهم يقرأونها من فرط غرابتها ،
نعم .. أنا أتخيل جدي إبراهيم حامل العالمية الأزهرية المثقف جداً عام 1897 وهو يقرأ عن مؤتمر بال في سويسرا ويضحك من خيال الصهاينة الجامح ، وربما شاركه في الضحك جاره اليهودي المصري …!!
نقلت ما نشرته صحيفة ” كيفونيم ” الإسرائيلية باللغة العبرية عام 1982 تحت عنوان : ” إستراتيجية إسرائيل في الثمانينات ” ، وهذه الصحيفة من أجهزة المنظمة الصهيونية العالمية ، ويرأس تحريرها يورام بيك الذي هو في نفس الوقت رئيس إدارة المطبوعات والمعلومات في المنظمة .
وقد قام بترجمة المقال من العبرية إلي الإنجليزية الدكتور / إسرائيل شاحاك أستاذ الكيمياء العضوية في الجامعة العبرية بالقدس ورئيس الجامعة الإسرائيلية لحقوق الإنسان ، بعد أن كتب مقدمة لها علي النحو التالي :
” المقال التالي يقدم – من وجهة نظري – الخطة التفصيلية والدقيقة للنظام الصهيوني الحالي في الشرق الأوسط ، وتعتمد علي تقسيم المنطقة بالكامل إلي دويلات صغيرة ، وتفكيك الدول العربية الحالية ” ….
ويبدأ المقال المذكور في شرح عملية التقسيم علي النحو التالي :
أن العالم الإسلامي العربي ليس مشكلة إستراتيجية كبيرة سنواجهها في الثمانينات ، رغم حقيقة أنه يحمل التهديد الرئيسي لإسرائيل ، بسبب نمو قدرته العسكرية .
فهذا العالم منقسم إلي أقليات عرقية ، وفرق ومشاكل داخلية تحمل في ذاتها بشكل مدهش أسباب التدمير الذاتي Selfdestructive كما نري في لبنان ، وفي إيران – غير العربية – والآن في سوريا ، وبالتالي لا يمكنه أن يتعامل معنا بنجاح في المشاكل الرئيسية أي أنه لا يمثل تهديداً حقيقياً ضد دولة إسرائيل علي المدي الطويل ، ولكن فقط علي المدي القصير حيث يتمثل تهديده العسكري .
أن هذا العالم علي المدي الطويل لن يكون قادراً علي الوجود في إطاره الحالي في المناطق المحيطة بنا بدون أن يمر بتغيرات ثورية حقيقية ، لأن العالم العربي الإسلامي يشبه مبني مؤقتاً من الورق تم تجميعه بواسطة الأجانب ( فرنسا وبريطانيا في القرن التاسع عشر والعشرين ) بدون أن تؤخذ في الإعتبار أماني أو رغبات سكان هذه المنطقة .
فقد تم تقسيمها بشكل تحكمي إلي 19 دولة ، كلها مكونة من تجميع لأقليات وجماعات عرقية متعادية ، وبالتالي فأن كل دولة عربية مسلمة حالياً تواجه تدمير عرقي إجتماعي من الداخل ، وفي بعضها بدأت الحرب الأهلية بالفعل .
ثم يلي ذلك شرح تفصيلي لخطة التفكيك والتقسيم ، التي قد يندهش البعض لدقة تنفيذها حتي الآن وخاصة في العراق وسوريا ، ويوضح المقال أن أوضاعاً حزينة وعاصفة تحاصر إسرائيل وتخلق لها التحديات بما فيها من مشاكل ومخاطر ، ولكن توجد أيضاً فرصاً بعيدة المدي لأول مرة منذ 1967 ، أن الفرص التي لم يتم إغتنامها آنذاك أصبحت قابلة للتحقيق في الثمانينات بدرجة وإتساع لا نستطيع أن نتصوره اليوم .
ويقول المقال بوضوح شديد ” أن إعادة إكتساب شبه جزيرة سيناء بكل ما تملكه من مصادر ثروة محققة ومحتملة يعتبر أسبقية سياسية تم إيقافها بواسطة كامب ديفيد وإتفاقيات السلام ، والخطأ في ذلك يقع بالطبع علي الحكومة الإسرائيلية الحالية والحكومات التي مهدت الطريق لسياسة التنازل عن الأراضي ، تلك الحكومات الإئتلافية منذ 1967 ” .
أننا بدون البترول وعوائده ( بترول ومعادن سيناء طبعاً !! ) ومع نفقاتنا الهائلة الحالية فلن يكون أمامنا سوي العودة إلي الوضع السابق في سيناء قبل زيارة السادات وإتفاق السلام الخاطئ الذي وقعناه معه في مارس 1979 .
يتناول المقال بعد ذلك تفصيلاً شكل كل الدول العربية بلا إستثناء وقد تم تقسيمها وتفتيتها ، حيث تبدو السعودية في الخريطة أكثر من ثلاثة دول ، واليمن ، والجزائر وليبيا .. إلخ ، وفيما يتعلق بمصر يري المقال المذكور أنها في صورتها الداخلية السياسية الحالية ( عام 1982 ) ليست سوي جثة ، وخاصة إذا أخذنا في الإعتبار الصدع الإسلامي / المسيحي .
أن الهدف السياسي لإسرائيل في الثمانينات هو العمل علي تمزيق مصر إلي مناطق جغرافية متعددة ، وإذا سقطت مصر فأن بلاداً مثل ليبيا والسودان وحتي بلاد أخري بعيدة لن تستمر في البقاء في وضعها الحالي ، وسوف تنهار وتتفتت مثل مصر .
أن رؤية دولة مسيحية قبطية في مصر العليا بجوار عدد من الدول الضعيفة ذات سلطة مغرقة في محليتها ، وبدون حكومة مركزية هي المفتاح للتطور التاريخي الذي أوقفته إتفاقية السلام ، ولكنه يبدو قادماً علي المدي الطويل .
ويبدو أن المقال المذكور كان أكثر من مجرد نبؤة لحكماء صهيون ، وإنما رؤية علمية وعملية لمجتمع عربي لم يتخلص بعد من جينات داحس والغبراء ، ولديه خبراؤه في التقسيم الذين لا يقلون براعة عن سايكس وبيكو … من المؤكد أن هناك محمد سايكس ، وعلي بيكو ..
اللهم بلغت ، اللهم فاشهد …
معصوم مرزوق