نجا الرئيس الأمريكي السابق و المرشّح للرئاسة دونالد ترامب من محاولة اغتيال مسّلحة فاشله ، تعرض لها ،قبل ساعات ، وهو يلقي خطاباً على جمهوره ،في اطار حملته الانتخابية .
كُثرٌ هم اعداء ترامب في داخل امريكا و خارجها ، وهو الآن مُستهدف ليس فقط من القضاء ،و من السلاح ايضاً .
ويبدوا ان الكاريكتير ،الذي نشرته احدى الصحف الأمريكية ( لا أتذكرها ) ،و قبل اسبوعيّن ، أصبحَ حقيقة ، و فيه نبؤة . ويظهر في الكاريكتير الرئيس ترامب يخطب ،وخلفه شرطي يصوّب المسدس على ظهره ، والرئيس ترامب وخلفة ممرضّة وعربة اسعاف ،للدلالة على ان الاول ملاحق من القضاء و الثاني مُلاحق من الخرف و المرض .
نجا ترامب من الاغتيال و زاد رصيد حظوظه بالفوز ، وحالته تجسيد للمثل القائل ” الضربة التي لم تميت تقّوي ” . و من أُغتيل سياسياً هو الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن .
و بدأ ترامب من الدقائق الاولى لعملية الاغتيال ، وهو يتفحص أذنه التي أُصيبت ، و محاط بحراسه ، بتوظيف المشهد ، حيث رفع ساعده ،اشارة الصمود و التحدي و النجاة او الانتصار ، وخاطب جمهوره ،الذي قابله ايضاً بالهتاف و التشجيع . كانت اذاً مناسبة ترامب لإظهار رباطة جأشه وعزمه وشجاعته ، و قواه العقلية ، وكأنه يريد ان يبيّن الفرق بينه وبين ” جوني النعسان ” كما يصفه ترامب .
بالتأكيد ستعزّز محاولة الاغتيال الفاشلة شعبيّة ترامب وتعاطف الشعب الأمريكي معه ،وستزيد من فرص نجاحه في الانتخابات .
بطبيعة الحال ،من الصعب التكهّن بهوية و دوافع مرتكب محاولة الاغتيال ،الذي قُتل ، ولكن ستبيّن الأمور بعد التعرف على هوية المنفذ و سلوكه وسيرته .
بالتأكيد ، سيصدر من الادارة الأمريكية ،او من الرئيس بايدن ادانة للعملية ، وهذا ما تقتضيه الأصول و الأعراف ،حتى و ان كانت الامنيات في نجاح العملية
بالمقابل ،نتوقّع ان يوظّف المرشح ترامب محاولة اغتياله للهجوم على مناوئيه و منافسه ، ولا استبعد اتهامهم ،بشكل او بآخر .
ومن المفيد ان يستعين ترامب بنتنياهو و حكومته ،وخاصة بوزير الدفاع لمعرفة اسباب و دوافع العملية وهوية من يقف خلفها ،لانهم هم قادة اسرائيل اليوم ، وهم متمرسون و في صدارة العالم ،في ارتكاب المجازر و الاغتيالات .
يبالغ البعض في التوقعات بنشوب حرب اهلية ،على أثر ما حدث . واجهت امريكا ظروف اصعب بكثير من هذا الحدث العابر حين فشل ترامب بفترة رئاسية ثانية ، وتم اقتحام المؤسسات الحكومية والبرلمانية . و امريكا ليست مُحّصنة من بوادر شبه حرب اهلية ،لفلتان السلاح ،وكثرة جرائم القتل الجنائية و الاغتيالات ، وتهرأ المنظومة القيميّة للمجتمع .
تأتي عملية الاغتيال بعيد انتهاء قمة الناتو في واشنطن ،والتي كان من احد اهم اهدافها هو تحقيق الامن في العالم ، واقول ان فاقد الشئ لا يعطيه ،فالأحرى على امريكا و دول الناتو ان يحققوا الامن في بلدانهم ،قبل ان يسعون لتحقيق ذلك في العالم . ومن يسعى إلى تحقيق مثل هذا الهدف الانساني النبيل ( الامن في العالم ) ، عليه ،أولاً ،ان يؤمن به و يعتقد به ويتبناه فكراً و تطبيقاً، و الواقع للاسف يُرينا سلوك القوم ( امريكا ودول الناتو ) الداعمة بشكل مطلق لاسرائيل ، خلاف الحق و الامن و العدل .
السفير الدكتور جواد الهنداوي – رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات و تعزيز القدرات بروكسل /2024/7/15.