الثلاثة (1844) التي وقعت حوادثها خلال فترة حكم الملك لويس الثالث عشر وذلك في القرن السابع عشر الميلادي. وأظهرت رواية فيكتور هوغو أحدب نوتردام (1831) الذوق الرومانسي المتعطش للقرون الوسطى، واندفع بعض الكُتَّاب الرومانسيين نحو أسلوب آخر في القصص يميل إلى الواقعية. وينضوي في قائمة هؤلاء المؤلفين كل من أونوريه دو بلزاك، وجورج ساند، وستندال الذين احتفظوا بكثير من الخصائص الرومانسية في أعمالهم. ولكنهم عدلوا عن رومانسيتهم ونظروا للحياة بواقعية أكثر.
في حين ان الواقعية هي فكرة أدبية انبثقت إلى حدٍّ ما رد فعل ضد الرومانسية. وكان الواقعيون يعتقدون بأن الفن يجب أن يصور الحياة بطريقة صحيحة ومضبوطة وأمينة وموضوعية. وعندما حلّ منتصف القرن التاسع عشر كانت الواقعية قد سيطرت على الأدب الفرنسي، وكان غوستاف فلوبير الممثل الرئيسي للواقعية الفرنسية، أدى النقد الأدبي دوراً بارزاً في الأدب الواقعي، وكان له تأثير كبير فيما بعد على النقد الأدبي، وكان في مقدمة كتَّاب الأدب الواقعي شارل سانت بوف. وكان يعتقد بأن العمل الأدبي يجب أن يدرس من خلال حياة المؤلف وشخصيته. كذلك فإنه كان يضع شيئاً من الأهمية على البيئة الاجتماعية والخلفية التاريخية التي حدث فيها ذلك العمل الأدبي، وهذه إلى حدٍّ ما فكرتي خاصة عند كتابة السير الذاتية للشخصيات أياً كان نوعها، يجب دراسة الشخصية جيداً وفهمها من خلال تسلسل حياتها والظروف التي كانت تعيشها إلى جانب البيئة وعوامل أخرى.
ثم ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي حركة عرفت باسم المدرسة الطبيعية، وكانت هذه الحركة نوعاً متطرفاً من الواقعية. ويرى الكُتَّاب الطبيعيون أن العمل الطبيعي الأصيل متشائم وكثيراً ما ينتقد الظلم الاجتماعي. وكانت الحركة تتبع فلسفة عُرفت باسم التحديد، في حين أن الرمزية ظهرت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. واستعمل هذا المصطلح للدلالة على عدد من الكتاب الفرنسيين الذين لا ينتمون إلى هذه الحركة بعينها، وفي القرن العشرين سيطر أربعة من المؤلفين على الأدب الفرنسي. وكان هؤلاء هم بول كلوديل، وأندريه جيد، وبول فاليري، ومارسيل بروست. وقد وُلِد كل هؤلاء حوالي عام 1870، كما أنهم جميعاً مروا بمرحلة الرمزية في حياتهم الأدبية الأولى. وعندما حل عام 1920 كان كل منهم قد اعترف به أستاذ للأدب الفرنسي، منذ الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين أضحى هناك تطوران رئيسيان في الأدب الفرنسي. أما التطوّر الأول فكان في ظهور مسرح اللامعقول. وقد دأب كتاب المسرحية في هذه الحركة على محاولة إظهار ما يعتقدون أنه طبيعة الحياة التي هي بالضرورة لا معنى لها. وكان صمويل بيكيت الأيرلندي وأوجين يونسكو الروماني زعيمي حركة اللامعقول وكان كلاهما يكتب بالفرنسية كما كانت أعمالهما المهمة قد ظهرت في مسارح باريس، أما التطور الرئيسي الثاني فقد كان الرواية الجديدة.
إذاً، إن الأدب الفرنسي تطور بحسب الظروف التي عاشتها أوروبا، وظهرت بوادر الحرية في التعبير سواء في المسرح او الشعر أو الرواية، سخطاً أو مدحاً للأحوال التي كانت سائدة، ثورية وعاطفية، واقعية ووجدانية، ومما لا شك فيه أن الأدب الفرنسي له بصمته الرائدة ومدرسته الخالدة التي استلهم منها كتّاب كثر حول العالم.
عبدالعزيز بن بدر القطان