كنت قد تطرقت لبعض ما جاء في مضمون هذا المقال في فترة سابقة خاصة ما يتعلق بالمرتبات ولكني وجدت أنه من المناسب ونحن مقدمون على عملية تغيير جذري كما أسماها السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله رجل المرحلة بلامنازع
ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المستويين الإقليمي والدولي وبفضل قيادته الحكيمة والشجاعة أعيد لليمن الذي ظل مهمشا طيلة العقود الماضية اعتباره وأصبح حديث عالم اليوم وتتصدر أخباره مختلف وسائل الإعلام العالمية وهي المرحلة التي سيتم خلالها بإذن الله تعالى إعادة النظر في هيكلة الجهاز الإداري للدولة لإيجاد مؤسسات قوية تديرها الكفاءات الإدارية يمكن أن يتم البناء عليها وصولا إلى تحقيق أسس ثابتة للدولة الوطنية الحديثة دولة النظام والقانون ، وبما إن عدم صرف المرتبات قد أصبح الشغل الشاغل لكل الناس خاصة الموظفين ذوي الدخل المحدود المتأثرين اكثر من غيرهم من هذا الوضع الصعب وهو حق مكتسب وشرعي يمكن التركيز عليه والمطالبة بسرعة حل مشكلته وجعلها أولوية طالما وقد تم الدخول في تفاهمات مع السعودية المتصدرة لدول تحالف العدوان والمستحوذة على الموارد الاقتصادية اليمنية وتحكمها فيها ، لكن هذا لا يعني أن نغفل قضايا أخرى ونتجاهلها رغم أهميتها لا سيما تلك المتمثلة في النجاحات الكبيرة والعظيمة التي حققها اليمن في مجال التصنيع العسكري وفي المجالين السياسي والأمني وتحقيق الاستقرار بالنسبة لسعر العملة الوطنية رغم ما يواجهه اليمن من عدوان ظالم وحصار جائر مضى عليه أكثر من تسعة أعوام لا لشيء وإنما لأن اليمن خرج من معادلة ارتهان قراره السياسي للخارج وهذا ما أزعجهم وهنا سأتوقف قليلا حول قضية المرتبات كونها أصبحت قضية رأي عام وقضية رئيسية بالنسبة للدولة وكيف يتم التعامل معها في حدود الإمكانيات المتاحة.
مقارنة بما كان عليه الوضع في العقود الماضية في ظل زمن السلم ووجود الموارد المحلية المتدفقة والمساعدات الخارجية وما أكثرها إلا أن كل الحكومات اليمنية المتعاقبة كانت تشكو وتلجأ في كثير من الحالات إلى اتخاذ إجراءات قاسية وأحيانا جرع تنعكس سلبا على الحياة المعيشية للمواطنين بحجة العجز عن دفع مرتبات الموظفين وعليه أجد نفسي حائرا بل ولا أجد تفسيرا لما يحدث اليوم في ظل الحصار الخانق الذي فرضه العدوان الظالم على اليمن للعام العاشر على التوالي من الجو والبحر والبر وانعدام الموارد المحلية وانقطاع المساعدات الخارجية ومع ذلك تكاد الحياة تكون طبيعية ومؤسسات الدولة متماسكة وجزء من مرتبات الموظفين تصرف حسب المتاح ، فهل يعني ذلك أن الفساد الذي كان متمثلا في الموازنات الشهرية الخاصة للقادة العسكريين والمشايخ والوجاهات وكبار المسؤولين في الدولة كانت هي سبب الأزمات المالية التي شهدتها الحكومات السابقة وعندما تم تجفيف منابع هذه الموازنات الخاصة وقطعها على أصحابها كونها كانت تصرف دون وجه حق استطاع اليمنيون ان يعتمدوا على أنفسهم بإمكانياتهم المتواضعة ويكتشفوا مكامن الخلل التي كانت سببا في رهن القرار السياسي اليمني للخارج وكان الاعتقاد لدى البعض بأن أي حكومة يمنية لا تعتمد على مساعدات الخارج سيكون مصيرها الفشل وهو اعتقاد خاطئ أثبتت التجربة فعلا في ظل العدوان على اليمن أنه مجرد وهم في مخيلة أولئك الذين جعلوا مصالحهم الشخصية فوق مصالح الشعب والوطن وإن كان ما يزال الكثير منهم حتى اليوم يمارسون هذه اللعبة القذرة بما فيهم المحسوبون صوريا على المسيرة القرآنية وهي منهم براء وهذا ما جعل قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي ينتقد بشدة في أكثر من خطاب سلوك هؤلاء ويطالب بإنزال أشد العقاب في حقهم وفضحهم على الملأ وجلد ظهورهم طالما وما يزال عظمهم طريا يمكن كسره قبل أن يتحولوا إلى دول داخل الدولة فيصعب التخلص منهم كما كان يحدث خلال العقود الماضية حيث كان الفساد هو المتحكم في طبيعة القرار السياسي اليمني للحكومة والدولة بشكل عام بل أن الفساد أصبح ثقافة سائدة لدى كل مسؤول يحرص على الدفاع عنها والتمسك بها إلا من رحم الله ، والدليل على ذلك أن الوضع القائم رغم صعوبته في ظل العدوان والحصار صامد في مختلف الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية بفضل الإرادة القوية والجبارة التي برهن الشعب اليمني من خلالها وبتوكله على الله أنه قادرعلى أن يدافع عن نفسه وعن سيادة وطنه واستقلاله وما يجري في الميدان في مختلف الجبهات خير شاهد حيث لا تراجع إلى الوراء وإنما تقدم الى الأمام وهو ما جعل أعداء الشعب اليمني يعيدون حساباتهم من جديد في التعامل مع الشعب اليمني لاسيما بعد مواجهته لثلاثي الشر العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل نصرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ويعلنون بكل وضوح بأنهم أعجز من ان يحققوا الأهداف التي رسموها قبل وبعد شن العدوان لا بالسلاح ولا بالسياسة ولا بالحصار الاقتصادي رغم استخدامهم لكل الوسائل والخطط الخبيثة المرسومة و المعدة من قبل خبراء متمرسين صقلتهم التجارب والحروب بعضهم ينتمون الى دول عظمى مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل فقد اصطدموا بصخرة مقاومة شعب عظيم أراهم النجوم في عز الظهر خاصة هذه الأيام بعد أن دخلت أسراب الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية المطورة والمصنعة محليا بما في ذلك الصاروخ فرط صوتي وطائرة يافا التي هاجمت تل أبيب متخطية كل دفاعاتهم المتقدمة على خط المواجهة فجعلتهم مذهولين ليجدوا أنفسهم في ورطة من الصعب عليهم الخروج منها بسهولة وخاصة النظام السعودي الأداة الطيعة والمنفذة لأهداف الإدارة الأمريكية وقد انعكس هذا التصرف اللأخلاقي سلبا على وضع السعودية الداخلي وبعثرة أموالها والإساءة إلى سمعتها بل وكشف الله حقيقة نظامها المغيبة وأنه أوهن من خيط العنكبوت لولا الدعم الأمريكي والبريطاني لحمايته واستمرار بقائه مع أنها كانت قادرة على أن التخاطب مباشرة مع جيرانها اليمنيين إذا كانت حقا تشعر بأن مصالحها مهددة كما تزعم وتضع لها معهم حلولا على أساس الاحترام المتبادل والتعامل بندية ، لكن مع الأسف الشديد فان الحكام العرب لم يعد قرارهم بأيديهم بسبب تبعيتهم للدول الكبرى وخاصة أمريكا التي صارت تتحكم في مصائرهم وتفرض عليهم توجهاتها وهو ما يؤكد أن ضعف العلاقات العربية – العربية لم يأت من فراغ وإنما هو محصّلة لتفاعل مجموعة من المتغيرات والعوامل في البيئة العربية نفسها التي تتواجد في إطارها الدول العربية وان كانت مثل هذه التفاعلات تعكس آثارها السلبية على كافة الأطراف الداخلة في عملية التفاعل من خلال جذور ممتدة في عمق الماضي ، كما أن لها جوانبها السياسية والاقتصادية المرتبطة بهذا النظام الدولي أو ذاك والذي في كل الأحوال يفرض وصايته عليها بحجج ومبررات واهية لا يستسيغها عقل ولا منطق .
أحمد الشريف