الإمبراطورية الفارسية إلى الشرق وقد تلبست عمائم قرشية سود هذه المرة، والحامية الرومانية ( إسرائيل) إلى الشمال تهدد وتتمدد دون أن ترسم بعد حدودها النهائية.
إنه التاريخ يكرر نفسه يا سادة…
أعراب الجزيرة من جديد مشغولون بتجارة رحلة “الشتاء والصيف” دون أي دور حضاري أو مشروع سياسي يحفظ لهم وجودهم على الخرائط المصطنعة والمستباحة من الجميع لممالكهم.
قبل ما يقارب 1455 عاما من الآن تدخلت العناية الإلهية فكانت الرسالة المحمدية التي قلبت المعادلات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وما حوله، وأنقذتنا من “صحراء التيه” هذه. أما الآن فليس هناك ما يشي بمعجزة تخرجنا من هذا الخواء الفكري، والسياسي، والثقافي، والإجتماعي…. إلى ما شئت…
من يعتقد أن الإلتحاق “بالمشروع الروماني” في المنطقة هو حل عبقري من خلال التطبيع مع إسرائيل فما عليه إلا أن يسأل عن الغساسنة وما حل بهم. ومن يظن أن الإلتحاق بطلائع الميليشيات الخمينية والتبشير بولاية الفقيه فيه المنجى والمستقر فليبحث أين هي أحجار قصور المناذرة الآن بعد أن خوت من “ملوك العرب” كما لقبوا أنفسهم للمفارقة.
أين الحل إذًا؟
في رأيي المتواضع، الحل هو أن يخرج من هذه الجغرافيا “نبي” جديد يبشر بفكر جديد، خارج فكرة رحلة تجارة” الشتاء والصيف” وجعل هذه المنطقة حانة للعابرين بين الشرق والغرب أو إستنساخ إنشاء عشرات موانئ إعادة تصدير البضائع الممهورة بأختام ليس لنا منها حتى حبرها.
نحن بحاجة إلى مفكرين ومبدعين على غير شاكلة الذين يريدون لدولنا أن تكون مسارح لعرض الأجساد ومواخير لبيعها آخر الليل.
نحن بحاجة إلى أيادي تصنع وعقول تبدع وأجيال تعي رسالتها في هذا العالم. رسالة تتعدى متابعة مباراة كرة قدم أو تقليد أعمى “لأرجوزات” التيك توك والسناب شات وأخواتها…
نحن حقا على منعطف مصيري دقيق يوجب علينا أن ندقق في خياراتنا بعناية لأن ما هو ممكن اليوم قد لا يكون كذلك بعد عقد أو عقدين من الآن.
سعيد بن مسعود المعشني