أكد حسن أحمد حسن الباحث السوري متخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية ان كامل المنشآت الاقتصادية الكبرى هي أهداف محتملة لصواريخ المقاومة في أكثر من جبهة، وبالتالي في الساعات الأولى من أية حرب كبرى ستكون تلك المنشآت خارج الخدمة سائلا: إذا تعطلت المعامل والمصانع وحتى الورش عن الإنتاج، والزراعة شبه مشلولة، والكهرباء التي تعتبر عصب الحياة الإسرائيلية مهددة بالشلل وبقية مرافق الحياة، فكم هي الفترة التي يستطيع الكيان مستوطنين وجنودا البقاء في هكذا حالة؟
وردا على سؤال وكالة أنباء فارس، “أي جيش يريد النظام الصهيوني أن يخوض معه الحرب مع لبنان وهو محاصر في مستنقع غزة ولا مخرج له ولا سبيل لمواصلة الحرب؟”، قال حسن أحمد حسن: قد يكون من المفيد توجيه مثل هذا السؤال لنتنياهو ووزير حربه ورئيس أركانه، فجيش الاحتلال الذي تم التشدق وعلى مدار عقود تبين أنه عاجز عن حماية نفسه قبل أن يكون مكلفاً بحماية المستوطنين، وجيش الاحتلال بفرقه العسكرية، وقواته النخبوية، ومدرعاته ومدفعيته وطيرانه لم يستطع أن يحقق أياً من الأهداف الإستراتيجية التي أعلن عنها.
واستكمل هذا الخبير المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الاستراتيجية بالقول: الجيش الذي يهدد به غالانت ونتنياهو باجتياح لبنان هو نفسه الذي عجز عن فرض سيطرته على أي قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته /365/ كم2 وهو القطاع المحاصر منذ عقود، وعلى امتداد أكثر من تسعة أشهر من أكثر حرب وحشية في التاريخ، ولم يكن الجيش الإسرائيلي وحيداً بل معه الأساطيل الأمريكية والأطلسية، وبعض جيوش العربان المنبطحين تحت الحذاء الصهيوأمريكي.
وأضاف: الجيش الذي تهدد به تل أبيب هو الجيش الذي سحُبِ جنوده من دباباتهم بيد مقاومين شبه حفاة، وهو الجيش الذي يحتاج الآلاف من جنوده إلى إعادة تأهيل نفسي وفيزيولوجي ليستطيع إكمال حياتهم كمعوقين، وهو الجيش الذي يعترف جنرالاته وضباطه باستحالة تنفيذ المهمة، وهو الجيش الذي يرفض جنوده الالتحاق بالخدمة، وهو الجيش الذي يعلن وزير الحرب ورئيس الأركان أنهم يحتاجون إلى عشرة آلاف جندي جديد، ولا إمكانية لتنفيذ ذلك…باختصار شديد هو الجيش الذي يحمل عناصره فيروس الهزيمة معهم فينتقل الفشل بانتقالهم من معركة إلى أخرى.
وفیما یتعلق بالعواقب المروعة لحرب واسعة النطاق مع حزب الله على الاقتصاد الإسرائيلي؟ أوضح الباحث السوري: في حال اندلاع حرب واسعة النطاق فالعواقب مروعة على شتى الصعد الاقتصادية والعسكرية والسياسية والمجتمعية، ولولا هذا السبب لما ترددت حكومة نتنياهو لحظة واحدة في إشعال الحرب، ويمكن باختصار الإشارة إلى بعض الجوانب المتعلقة بالاقتصاد مثل شل حركة الملاحة البحرية المتجهة نحو موانئ الكيان بالكامل، فإذا كان البحر الأحمر اليوم مغلقاً أمام السفن التي تتجه نحو مرافئ الاحتلال، فغداً سيطال الإغلاق التام، البحرين الأحمر والمتوسط وبحر العرب، وبالتالي القسم الأكبر من البضائع والإيرادات سيتوقف بالكامل، وكذلك التصدير، وتصبح إمكانية دعم الكيان بما تتطلبه الحرب من إمداد عسكري ولوجستي محصورا بالطرق البرية، وتكلفته عالية والفترة الزمنية المطلوبة طويلة، وكذلك بالجسور الجوية، ولا ضامن من أن الأجواء ستبقى آمنة، أي عزل الكيان بنسبة كبيرة عن إمكانية تلقي المساعدات والدعم والإمداد بكل أنواعه.
و أكد حسن أحمد: كامل المنشآت الاقتصادية الكبرى أهداف محتملة لصواريخ المقاومة في أكثر من جبهة، وبالتالي في الساعات الأولى من أية حرب كبرى ستكون تلك المنشآت خارج الخدمة، فضلاً عن تهديد أمان الحركة في جميع مناطق الداخل الإسرائيلي من الشمال إلى الجنوب، وتعطل دورة الحياة اليومية، وخروج محطات الكهرباء والاتصال والماء وكثير غير ذلك عن الخدمة، وهذا يعني الحكم بالموت على الكيان بكل ما فيه ومن فيه، وهذا أمر حتمي وليس فقط ضمن حدود الممكن.
وتابع: فإذا توقفت حركة التجارة والتصدير من الكيان وإليه بحرياً وبنسبة كبيرة جداً برياً، وإذا تعطلت المعامل والمصانع وحتى الورش عن الإنتاج، والزراعة شبه مشلولة، والكهرباء التي تعتبر عصب الحياة الإسرائيلية مهددة بالشلل وبقية مرافق الحياة، فكم هي الفترة التي يستطيع الكيان مستوطنين وجنوده البقاء في هكذا حالة؟ …حتى لو دخلت أمريكا الحرب مع الكيان فهي عاجزة أن تحسم لا في أيام ولا في أسابيع، وهذا كفيل بأن يتسارع التآكل الداخلي الذاتي، وقد يكون من المفيد في هذه الحالة عدم استهداف ضرب المطارات المدنية لضمان خروج أكبر عدد من المستوطنين، وفي مثل هذه الظروف ستكون رحلتهم باتجاه واحد من دون التفكير بالعودة.
وردا على هذا السؤال هل يمكن القول إن المواجهة المباشرة بين النظام الصهيوني وأحد أقوياء محور المقاومة، حزب الله، قد كشفت أكثر فأكثر عن حقيقة النقص الاستخباراتي والعسكري الذي يعاني منه النظام الصهيوني؟ صرّح حسن أحمد حسن: بكل تأكيد المواجهة التي فتحت بابها الأوسع المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول 2023م وانضمام حزب الله في اليوم التالي للموجة الأولى من الطوفان ولاحقاً بقية جبهة الإسناد والدعم كشفت الكثير من العيوب ونقاط الوهن في منظومة الكيان وداعميه، وباختصار هناك فشل مركب: فشل استخباراتي سواء ما يتعلق بالرصد والمتابعة، أم التنصت والتجسس، أم التقدير، وإلا كيف يمكن فهم المفاجأة الإستراتيجية التي حققتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول، والأمر ذاته ينسحب على الفشل في الجبهة الشمالية بمواجهة حزب الله الذي يثبت في كل يوم أنه يسبق كيان العدو وأجهزته الاستخبارية بخطوات إلى الأمام، بل بمراحل وأشواط، والمسافة الفاصلة تضمن بقاء حزب الله متقدماً، وحتمية استمرار تقصير الجانب الإسرائيلي مهما بلغت التقانة التي يستخدمها.
وأردف قائلا: فشل إلكتروني ومعلوماتي، حيث تم اختراق السياج الإلكتروني الذي أنفق عليه العدو مئات ملايين الدولارات، وإذا بالمقاومين في غضون دقائق يعبرون، باتجاه المستوطنات، وهذا يؤكد ليس فقط النقص الاستخباراتي والعسكري، بل الأخطاء الجوهرية في تقدير الموقف والثغرات الكبيرة التي أبدع المقاومون في استثمارها بالشكل الأمثل.
واستمر بالقول: فشل عسكري حيث تم اقتحام العديد من المستوطنات وبعضها يصل إلى عمق /40/كم ناهيك عن اقتحام مقر قيادة فرقة غزة، وأسر العشرات من الجنود والضباط الإسرائيليين، وجمع غنائم حربية ومعلوماتية لا تقدر بثمن، والأمر ذاته تكرر بصورة لا تقل مأساوية في مواجهة حزب الله الذي استطاع أن يدخل جيش الكيان في حالة إعماء استطلاعي كامل وعلى امتداد الحدود من رأس الناقورة إلى أطراف جبل الشيخ، والخلل لا يمكن حصره بتدمير أبراج المراقبة وكاميرات الاستطلاع والترصد القريبة من الحدود، بل امتد ليشمل أهم مراكز الاستطلاع والتجسس والمتابعة، وبعضها مسؤول عن القيادة والسيطرة وتوزيع الأهداف وقيادة الأعمال كما هو حال قاعدة ميرون أو المركز الاستخباراتي والاستطلاعي في الجولان السوري المحتل، وتآكل كل ما له علاقة بـ “هيبة الردع” وكثير غير ذلك.
واستكمل هذا الخبير المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الاستراتيجية: هناك فشل داخلي على الصعيد المجتمعي، وإرغام المستوطنين على إخلاء المستوطنات من كامل الجزء الشمالي وبأعماق تتراوح بين 3 ـــ 10 كم، والأهم أن أولئك لا يريدون العودة، ومن يريد لا يستطيع، وهذا ما أدى إلى حالة شلل شبه تام أصاب القطاع الزراعي.
واختتم حسن أحمد تصريحه مشددا: الفشل الأكبر خاص بالجانب السياسي والدبلوماسي، وتراجع التعاطف العالمي مع الكيان واستعادة القضية الفلسطينية ألقها وحضورها في المحافل الدولية، وفوق هذا وذاك جر الكيان إلى محكمة العدل الدولية، وإصدار أحكام بحق أكبر مسؤوليه “رئيس الوزراء ووزير الدفاع… الخ.
الحوار: معصومة فروزان