“هذا الشبل من ذاك الأسد.” يأتي اختيار المناضل الفذ يحيي السنوار في لحظة فارقة من تاريخ المقاومة الفلسطينية ، ليقود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد إسماعيل هنية ويُعد السنوار شخصية مركزية في تاريخ النضال الفلسطيني ، حيث جمعت مسيرته بين الشجاعة والتفاني ، لتصبح مصدر إلهام للكثيرين من أبناء شعبه ، ومع توليه هذا الدور المحوري، يثار التساؤل حول رؤى وأهداف السنوار لمستقبل الحركة وكيفية مواجهته للتحديات الكبيرة التي تنتظره ، فما الذي يحمله هذا القائد الجديد من خطط واستراتيجيات لتجاوز العقبات وتعزيز المقاومة؟ وهذا ما سنعرج اليه في هذا المقال.
يُعتبر السنوار شخصية بارزة في المقاومة الفلسطينية ، وقد لعب دورًا محوريًا في الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي ، ولد يحيى السنوار في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وقد تخرج من جامعة الإسلامية في غزة بشهادة في اللغة العربية ، ونشأ في بيئة مشحونة بالنضال والتحدي. عائلته كانت معروفة بالتزامها الوطني ، ما أثر بشكل كبير على تشكيل شخصيته ، متزوج وله عدة أبناء ، ويعتبر الأسرة جزءًا أساسيًا من دعمه الشخصي والمعنوي ، ورغم الانشغال المستمر بقضايا المقاومة والسياسة ، يحرص السنوار على تخصيص وقت لأسرته ، ما يعكس توازنه بين الحياة الشخصية والمتطلبات العملية الصارمة ، منذ شبابه انخرط في المقاومة الفلسطينية ، وانضم إلى حماس في بداياتها ، وقد اشتهر بشجاعته ، وصلابته ، حيث قضى ما يزيد عن 20 عامًا في السجون الإسرائيلية بسبب نشاطاته المقاومة.
السنوار ليس مجرد قائد عسكري ، بل هو أيضًا شخصية مؤثرة في المجتمع الفلسطيني ، ويحتفظ بعلاقات قوية مع مختلف الفصائل والشخصيات الوطنية، ويعمل على تعزيز الوحدة والتضامن بين أبناء شعبه الفلسطيني ، يُعرف عنه تواضعه وقربه من الناس ، حيث يشارك في العديد من الفعاليات الاجتماعية والثقافية ، ويحرص على الاستماع إلى هموم وآمال المواطنين ، ويُعتبر من القادة الذين يجمعون بين الكاريزما ، والتفاني في خدمة المجتمع.
مسيرة يحيى السنوار في حماس بدأت منذ شبابه ، حيث انضم إلى الحركة في بداياتها وأسهم في تأسيس جناحها العسكري ، قضى سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية، حيث تعرض للتعذيب والمعاناة، ما زاد من صلابته وإصراره على المقاومة. بعد خروجه من السجن ، تسلم عدة مناصب قيادية داخل حماس ، وصولاً إلى قيادة الحركة في غزة ، ويتميز بقدراته التنظيمية والعسكرية، ويعرف عنه اتخاذه لقرارات حاسمة وشجاعة ، ويضع السنوار في مقدمة أولوياته تعزيز القدرات العسكرية للحركة ، وتأمين الدعم اللازم لمواصلة المقاومة ، بالإضافة إلى السعي لتحقيق المصالحة الوطنية.
تولى السنوار عدة مناصب قيادية داخل حماس ، وقد برز كواحد من القادة الذين يتمتعون بثقة واحترام كبيرين بين صفوف الحركة وأوساط الشعب الفلسطيني ، ويعتبر اختياره قائدًا لحماس نقطة تحول هامة ، حيث يواجه العديد من التحديات ، بدءًا من الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة وصولاً إلى الانقسامات السياسية الداخلية في الساحة الفلسطينية.
يتمتع السنوار برؤية استراتيجية تسعى لتحقيق التوازن بين المقاومة المسلحة والعمل السياسي والدبلوماسي ، ويهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل على رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني ، من خلال الجهود المبذولة لكسر الحصار وتحقيق العدالة والحرية.
بخلافة إسماعيل هنية ، يحمل يحيى السنوار على عاتقه مسؤولية كبيرة ، تتمثل في قيادة حماس نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا ، ومع استمرار التحديات ، يبقى الأمل معقودًا على أن تحقق قيادته الطموحات الوطنية الفلسطينية وتواصل المسيرة نحو الحرية والاستقلال.
يتبنى يحيى السنوار رؤية سياسية واضحة تستند إلى تعزيز المقاومة بجميع أشكالها ، وتحقيق التوازن بين العمل العسكري والدبلوماسي ، ومن المعروف عنه انه يولي أهمية كبيرة للوحدة الوطنية، وقد بذل جهودًا حثيثة لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، معتبرًا أن الانقسام الداخلي يُضعف الجبهة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
تحت قيادة السنوار ، من المتوقع أن تشهد حماس نهجًا متجددًا في التعامل مع الدول الإقليمية والدولية ، ويعكس السنوار توجهًا نحو تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة للقضية الفلسطينية ، والعمل على حشد الدعم الدولي لحقوق الفلسطينيين ، بالإضافة إلى ذلك، يسعى السنوار إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة من خلال فتح قنوات جديدة للتعاون مع المجتمع الدولي.
يُعتبر يحيى السنوار من القادة الذين يهتمون بالقضايا الإنسانية والاجتماعية ، وقد أظهر ذلك من خلال دعمه لمشاريع التنمية والإغاثة في قطاع غزة ، حيث يعاني القطاع من حصار شديد وأوضاع اقتصادية صعبة ، ولهذا يضع السنوار تحسين الظروف المعيشية للسكان على رأس أولوياته ، مع التركيز على توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.
يعرف عن السنوار دعمه القوي للشباب ، ودورهم الحيوي في النضال الوطني ، وسيسعى إلى تمكين الجيل الشاب من خلال توفير الفرص التعليمية والتدريبية لهم، وتعزيز مشاركتهم في صنع القرار داخل الحركة ، حيث يؤمن السنوار بأن الشباب هم عماد المستقبل، ومن هنا تأتي رغبته في بناء جيل واعي ومثقف قادر على مواجهة التحديات وتحرير فلسطين من أيدي الغزاه المحتلين .
تحت قيادته ، من المتوقع أن تشهد حماس تعزيزًا لقوتها العسكرية وزيادة استعدادها لمواجهة أي اعتداءات ، حيث يؤمن بأهمية الاستمرار في المقاومة كوسيلة لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، مع السعي في الوقت نفسه لتقليل معاناة المدنيين وتجنيبهم ويلات الحروب.
إن اختيار يحيى السنوار لقيادة حماس ، يعكس رغبة الحركة في المضي قدمًا نحو مستقبل أفضل ، مع التمسك بالمبادئ والثوابت الوطنية ، ان هذا القائد المناضل الذي قضى سنوات طويلة في السجون ، والذي عرف بشجاعته وحنكته السياسية ، يستعد الآن لقيادة حماس في مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والفرص ، ويبقى الأمل معقودًا على قدرته على توحيد الصف الفلسطيني ، وتعزيز صمود الشعب حتى تحقيق الحرية والاستقلال ، وذلك بفضل مزيجه الفريد من الشجاعة الشخصية والتفاني الاجتماعي والقدرة القيادية العملية ، يشكل نقطة تحول في مستقبل حماس والمقاومة الفلسطينية ، ومع التحديات الكبيرة التي تواجهه، يبقى الأمل معقودًا على رؤيته واستراتيجياته في تحقيق أهداف الحركة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتحرير القدس من أيدي الاحتلال المعتصب.
خميس بن سالم الحراصي – ماجستير إدارة أعمال