أولا: صحيح ان ايران اعطت درس سياسي ودبلوماسي للعالم من خلال مباحثاتها الماراثونية مع واشنطن والغرب حول المشروع النووي وملفات اخرى وصولا للحصار والاغتيالات . وان هذه الدروس السياسية والدبلوماسية استوحتها القيادة الإيرانية من ( الصبر في صناعة السجاد )اي الصبر والتلاعب بالزمن مع البراغماتبة المشرعنة دينياً. ولكن هذا اللغز وهذه السياسة الإيرانية باتت لا تنفع اخيرا. والسبب لأن الاميركان تعودوا عليها وباتت لديهم مناعة وحصانة ومرونة ضدها وبالتعامل معها. وكذلك اصبح الغرب كذلك مع ايران .وبالتالي لأول مرة تشعر ايران بانها خاوية من الداخل وتائهه سياسيا وامنيا ودبلوماسيا بحيث سجلت ضدها اسرائيل اهداف سياسية وامنية واستراتيجية داخل العمق الإيراني وصولا لخط وطموحات وحياة المرشد الإيراني نفسه !
ثانيا: نقولها بكل صراحة وبدون مجاملة ان ايران تائهة هذه الفترة وحائرة جدا في طريقة الرد بعد ان جرح كبرياءها وأهينت سيادتها باغتيال زعيم حركة حماس المغدور اسماعيل هنيّة في ادق مربع أمني داخل طهران وهو عمق محمية الحرس الثوري في طهران .وجاء الحادث الموجع هذا بعيد اغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته وآخرين باسقاط الطائرة الرئاسية ( وهو الحدث الذي بلعته وعومت عليه ايران ) ولكنه واضح وضوح الشمس بأنه حادث مفتعل وكان موجه لنسف استراتيجية المرشد بتأهيل الوريث !..
ثالثا: والسؤال الجوهري : هل توجد دولة تريد الرد حول إهانتها وتنتظر حتى وصول البارجات الحربية والسفن والغواصات النووية الاميركية والغربية والطائرات المتطورة وعديد القوات الاميركية إلى المنطقة ومياه البحر المتوسط والخليج، واعطاء أسرائيل 3مليار ونصف دولار كمساعدات عاجلة وقنابل وأسلحة متطورة ؟ .. فهذا يوضح حيرة وتردد ايران. بحيث نجحت الولايات المتحدة والدول الغربية باخذ زمام المبادرة من ايران. وسوف تأتيها المصيبة الثالثة والرابعة والخامسة بعد اغتيال رئيسي وإسماعيل هنية ( ايران بدأت مرحلة صد الضربات الموجعة كملاكم مبتدأ امام ملاكم محترف ) وما علينا إلا التفرج !
رابعاً: الولايات المتحدة والغرب لجأوا إلى سياسة ماكرة جدا وهي الادعاء انهم حريصين على سلامة المنطقة وايران وباشروا بالضغط على ايران ان لا ترد خوفا من توسع الحرب واصبح بعنوان الحرب الاقليمية ( وهو كلام كاذب ٩٩٪ ) لأن واشنطن والغرب وباتفاق مع إسرائيل اعدوا العدة لأصطياد ايران حال ما تباشر بالرد العسكري.
خامساً : ليس امام إيران إلا الآتي :
١-القبول بما سمعته ايران في مباحثات سلطنة عمان وفيينا ونيويورك خلال الشهر الماضي( قبل اغتيال هنية) وهو التعهد الإيراني بسحب يدها عن( الحشد، والفصائل العراقية ، والحلفاء السياسين لها في العراق) والانسحاب من العراق !
٢-تلعب ايران دورا حيويا في تبريد جبهات ( جنوب لبنان ، والحوثيين في اليمن ) وتلعب دورا عاقلا في المنطقة من خلال الانكفاء للداخل الإيراني!
٣- بحيث اعطت واشنطن والغرب وبحسن نية منصب زعيم حركة حماس إلى حليفها ( يحيى السنوار) واعطاء ايران الدور الرئيس في القضية الفلسطينية اي تخلي العرب عنها لإيران ( مقابل عدم الرد وتفعيل النقطتين أعلاه)
الخلاصة : مضيق هرمز سيكون الثمن !
١-في حالة اصرار ايران على الرد العسكري المباشر او من خلال حلفاءها في المنطقة سوف تتعرض إلى ضربة موجعة جدا بحيث حتى روسيا والصين يلعبان لعبة سرية لتوريط ايران. ومثلما ورطت روسيا صدام حسين ولم تقف معه .
٢-فالخساره الاولى التي ستخسرها ايران هو “مضيق هرمز” وسيكون تحت الوصاية الدولية وبموافقة روسيا والصين. لان الصين اساساً لا تستطيع تامين حاجتها من النفط اذا تم اغلاق مضيق هرمز . وهذا سوف يجري على “مضيق باب المندب” ايضاً والذي اذا اغلقه اليمنيين ستكون خسارة جسيمة لروسيا. وكذلك ستتعرض الصين إلى خسائر كبيرة. وان التحالف الدولي قد تجهز واصبح ينتظر ساعة الصفر سياسيا وعسكريا ولوجستيا ودبلوماسيا خصوصا وان طلائع القوة العسكرية وصنوفها قد وصلت إلى المنطقة والمياه في الشرق الأوسط واستعدت للشروع . وجميعنا نعرف ان المصالح هي التي تقود سياسة الدول الكبرى !
د. سمير عبيد
١٣ اب ٢٠٢٤