من المعروف ان سلطنة عمان قد اسست حكمها بعد النهضة عام ١٩٧٠ وبالتحديد بعد تَسَنَّمَ السلطان قابوس الحكم في البلاد وهي تسعى بوتيرة واحدة نحو تحقيق خطة الانماء الاقتصادي وتعزيز روح الوحدة والسلام في ارجاء السلطنة وكذلك مع محيطها الاقليمي والدولي بصورة اشمل واعمق وذلك لان سلطنة عمان اختارت لنفسها ان تتجنب اي تدخل في شؤون جيرانها وان تكون الطاولة التي تنتهي عندها خلافات الاقليم ولذلك كان صوت سلطنة عمان يتردد في المحافل الدولية والاقليمية بكل ثقة كونها حقا استطاعت ان تكسب ثقة الجميع .
لقد كانت حقبة الثمانين من القرن الماضي هي امتحان حقيقي لحيادة السلطة خاصة أبان الحرب العراقية الايرانية كون السلطنة تربطها علاقات وثيقة مع ايران وكذلك علاقاتها المتميزة مع العراق اضافة الى موقعها الجغرافي الذي كان يحتم عليها استيعاب ضغوط تلك الحرب التي استمرت ثمان سنوات وسط تجاذبات اقليمية كبيرة ، ورغم كل هذا استطاعة السلطنة ان تكون صديقة للعراق وايران وبمسافة واحدة ، وكذلك كانت السلطنة تسعى لتهدأت الاوضاع في الخليج خلال فترة غزو العراق للكويت ١٩٩٠ وما اعقبها من حرب على العراق عام ١٩٩١ ومن ثم الغزو الامريكي للعراق عام ٢٠٠٣ ناهيك عن عاصفة الحزم ومحاصرة قطر من قبل اقطار عربية كانت السلطة هي الجسر الجوي والبري الذي كسر هذا الحصار وكذلك كانت السلطنة اليد التي امتدت لليمنين والوقوف بجانبهم ، اما القضية الفلسطينية فلا يشك اثنين عن تضامن السلطنة قلبا وقالبا مع القضية الفلسطينية شعبا وقيادتا ، وقد كان موقف السلطنة مشرف من حرب غزة فوقفت مؤيدة لوقف تلك الحرب ونصرة الشعب الفلسطيني في طوفانها الاقصى فقدمت السلطنة ما قدمته من دعم معنوي واوصلت التبرعات الى الشعب الفلسطيني في غزة ، علما ان قيادة و شعب السلطنة يعتبر ان حل القضية الفلسطينية من أولوياته .
السلطنة اليوم تعتبر من أهم بلدان المنطقة نتيجة النمو الاقتصادي وجذب المستثمرين وكذلك نتيجة السياسة المرنة التي تستخدمها في التعامل مع القضايا الاقليمية والدولية حتى انها اصبحت الوسيط الذي تثق به كل الاطراف في حل المشاكل التي تهدد استقرار المنطقة ، وكذلك اصبحت اليوم السلطنة تقود برنامجها الإنمائي بسواعد رجالها نتيجة الاهتمام بالعالم وتشجيع الكفاءات من ابنائها فاصبحوا اليوم قادة في مجال اعمالهم وقد يمضي وقت قصير وتستغني السلطنة عن الوافدين فتقود نهضتها بهمة رجالها .
اليوم السلطنة بفضل الله وبحكمة قيادتها والتفاف شعبها حولها تعدت خطوط الدول النامية لتكون بأذن الله من الدول المتقدمة في مجال العلم والصناعة والزراعة والاستثمار وسيكون الاقتصاد العماني من اقوى ما يخطط وينفذ في المنطقة .
واعتقد ان السلطنة هي من الدول القليلة التي لا تعتمد بشكل كبير على ثروتها النفطية لأنها تعي ان سوق النفط يتقلب مع تطورات الدولية ، لذلك فان سلطنة عمان فتحت افاق كبيرة في مجال الاستثمار واصبحت السلطنة ورشة عمل كبيرة “استثمارية ” للمناطق الحرة في شمالها وجنوبها وهذا يعني ان اعتماد السلطنة سيكون على الصناعات التي تم أنشاءها في تلك المناطق “الحرة ” اضافة الى تشجيع القطاع الخاص والذي يساهم بشكل كبير في استيعاب الايدي العمانية العاملة ، ان متانة الاقتصاد وتنوع مصادرة يعطي لنا مؤشرا بان السلطنة ستكون بأذن الله كما نحلم ان تكون .
تحية لقيادة السلطنة وتحية لشعبها المحب للسلام ونتمنى ان تكون سلطنة عمان فخر لنا فهي تستحق ذلك وهي أهل له .
د. محمد المعموري
كاتب وباحث عراقي