أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء جلسة حوارية قدمت فيها الدكتورة فوزية الفهدية قراءة في مجموعة الكاتب العماني يحيى سلام «وقت قصير للهلع» تناولت فيها شعرية الخوف وتمظهرات الآخر في المجموعة، وأدارت الحوار غنية الشبيبية بحضور كاتب المجموعة.
وعرّفت الفهدية الشعرية وأشارت إلى أنها ليست نقيضة النثرية، كما أنها ليست تمييزا لجنس أدبي كما قد يظن البعض، وقال عنها إنها «تلك الخصائص اللغوية والتداولية والفنية التي تميز الإبداع عن الكلام العادي، وإنها السمات التي تجعل من مجموعة ألفاظ منظومة نظما، عملا إبداعيا راقيا متميزا، إنها ببساطة مكونات المعجم والتركيب والصورة والأسلوب والإيقاع والرؤية.
أما المجموعة فتشير الفهدية إلى أنها الأدوات التي نقلت الشعور بالخوف والترقب والتوتر حتى وصلت لأن توصف بالهلع لدى الراوي من جهة والشخصيات من جهة أخرى.
وعرجت الفهدية على الخوف في الدراسات النفسية والذي يعدّ استجابة طبيعية لبعض المواقف وهي استجابة بيو كيميائية وعاطفية وفردية عالية تجاه الخطر سواء كان جسديا أو نفسيا، أما الخوف في الأدب فتشير الفهدية إلى موضوع شائع في الأدب وُظف لإثارة المشاعر وتوجيه القصص في الشعر والأدب الكلاسيكي ولفتت فيه إلى ملمحين، الأول عبر عنه الشعراء والكتاب في قصائدهم ورواياتهم كالخوف من الموت والفقد والظلم والأشباح والكائنات الخارقة. والثاني حسب الفهدية نجده لدى فيودور دوستويفسكي والذي استخدمه في روايته «الأبله».
واستعرضت الدكتورة فورزية الفهدية شعرية العتبات من حيث عنوان المجموعة واللون الأبيض في الغلاف والعنوان الذي أومأ إلى التقارب اللغوي بين الخوف والهلع، بالإضافة إلى ثلاثية غليان الشاي التي تضمنت «هدية أختي حسينة»، و«الكتاب الإسمنتي»، و«صياد العاملات»، وهي ثلاثية انتقل فيها الراوي إلى الآخر الذي يعيش حالة الاغتراب ممزوجة بالخوف. وانتقلت الفهدية إلى شعرية السرد في المجموعة وأشارت إلى أن شعرية الخوف والهلع في مجموعة قصصية متكاملة تقود إلى البنية المورفولوجية للقصة والتي تقود إلى مناقشة مستوى الوظائف في النصوص القصصية التي احتوتها المجموعة. وحسب الفهدية فإن المجموعة اهتمت بعرض شخصيات سردية تعيد طرح أسئلة حول قضية (المركز والهامش) وتساءلت متى نطلق على الشخص أنه يعيش على هامش الحياة ومتى يدخل مركزها؟
وخلصت الفهدية إلى أن شعرية الزمن تتجلى في مجموعة «وقت قصير للهلع» من خلال إبراز الزمن القصير والممتد في ملاحقة المخاوف، وتبرز هذه المخاوف على السطح مما يسمح بنسج عوالم متخيلة ممكنة تراوح فيها النفس مخاوفها، أما شعرية الآخر فقد تجلت من خلال لباس الذات فيه، وقالت: «الآخر مرآة الذات. ويطرح هذا السؤال عن الهوية، إذ قد يعبر الآخر وإن كان من غير عرقنا عن مخاوفنا». أما شعرية التراكيب الثنائية المعبرة عن وجود المتناقضات في نفوس البشر كالتعب والنوم والألم والقوة والمرض والصحة والقلق والبرود. وناقش الحضور وتساءلوا بعد الجلسة حول الإضافة المختلفة في «وقت قصير للهلع» عن المجاميع السابقة للكاتب يحيى سلام وما إذا كان هناك نوع من التناص الداخلي للتجربة وهاجس موضوع الالتزام الإنساني، مؤكدين على كونه واحدا من كتاب القصة المجيدين والذي يمكن أن تراهن عليه باطمئنان مع كل كتاب جديد بالإشارة إلى قدرته على التجريد داخل القصة القصيرة، مشيرين إلى أن هذه المجموعة كسرت النمط الذي يمشي عليه المنذري في كتابة النص القصصي، وكسرت الرتابة في كتابة النص القصصي والتي من خلالها يستعيد القارئ بيتا وحيدا في الصحراء عندما تقرأ وقتا قصيرا.