التدابير العقابية القاسية التي اتخذتها دول حلف الأطلنطي (وغيرها)، وخاصة تلك العقوبات الاقتصادية وإغلاق المجالات الجوية أمام حركة الطيران الروسي.. إلخ.
هذه التدابير رغم أنها اتخذت بواسطة مجموعة من الدول، ولم تكن وفقا لقرارات صدرت من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، إلا أنها في نهاية الأمر يجب أن تتسق مع النظام العام لقواعد القانون الدولي وخاصة تلك التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.
وتنص المادة 50 من الفصل السابع علي أنه “إذا اتخذ مجلس الأمن ضد أية دولة تدابير منع أو قمع فإن لكل دولة أخرى – سواء أكانت من أعضاء “الأمم المتحدة” أم لم تكن – تواجه مشاكل اقتصادية خاصة تنشأ عن تنفيذ هذه التدابير، الحق في أن تتذاكر مع مجلس الأمن بصدد حل هذه المشاكل”.
واظن أنه من حق الدول التي تتضرر من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها مجموعة من الدول علي روسيا (ومنها ثلاث دول من الاعضاء الدائمين)، أن تتذاكر مع مجلس الأمن طالبة تطبيق المادة 50 mutatis mutandis كي يتم النظر في كيفية رفع الضرر أو تخفيفه علي الدول التي سوف تصيبها أضرار مؤكدة من العقوبات الاقتصادية التي طبقتها بعض الدول علي روسيا.
فليس من العدل أن تتحمل الدول الثالثة نتائج هذه العقوبات وكأنها طرف معاقب أيضا, فعلي سبيل المثال لابد من تعويض مصر عن خسائرها في الحصول على احتياجاتها من القمح, وحقها في أن تحصل علي تلك الاحتياجات بسعر عادل، وكذلك باقي التعاملات التجارية وخاصة خسائرنا في قطاع الصادرات إلي السوق الروسية، فضلا عن خسائرنا المحققة في قطاع السياحة والطيران.
إن ذلك المطلب يستمد شرعيته من روح ونص المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة، خاصة أنها أعطت هذا الحق للدول الأعضاء وغير الأعضاء في الأمم المتحدة، وذلك دليل على أن إرادة المشرع اتجهت إلي توسيع نطاق تطبيق هذه المادة.
لذا لابد لمجلس الأمن أن يشكل لجنة خاصة لبحث الآثار السلبية للعقوبات الإقتصادية التي طبقت على روسيا على أطراف ثالثة، ولا مجال لأحد للاحتجاج بأن مصر مثلا وافقت علي قرار الجمعية العامة الأخير الذي أدان الغزو الروسي، لأنه لم ينص بشكل واضح علي توقيع تدابير عقابية، فضلا عن أنه غير ملزم، بالإضافة إلي أن الوفد المصري قد أشار في مداخلته الشارحة للتصويت رفض العقوبات الاقتصادية التي تتخذ خارج المنظمات الدولية.
إذا كانت أمريكا ودول الغرب قد أعلنت التزامها بتقديم مليارات الدولارات قيمة أسلحة ومعدات عسكرية إلي أوكرانيا كي تساعدها في مواجهة الغزو الروسي، فلا أقل من أن يلتزموا بتقديم مساعدات مماثلة إلى الدول التي ستتأثر بما ترتب علي هذا الغزو.
معصوم مرزوق