وفقنا رب البرية، في القيام برحلة ترفيهية، صوب الوجهة الجنوبية، وبالتحديد محافظة ظفار الأبية، في صبيحة الحادي بعد العشرينية من أغسطس ٢٠٢٤ الميلادية، وكنا سبعة أشخاص سوية..
امططينا سيارتين من علامة سوزو اليابانية، وهي تعمل بوقود الديزل ذا الخاصية الاقتصادية، الشيء الذي خفف علينا بعضاً من المصاريف المادية..
امتازت هذه الرحلة بالحرية، وكانت في منتهى الخفة والأريحية، لكونها رجالية وليست عائلية، فلم نكن بحاجة إلى استئجار بيوت أو شقق فندقية، ولا أوامر سيادية، من وزارات الداخلية، ولا صياح وشقاوات أطفالية، ولا طلبات (أمبا ذرة) من العمالة الآسيوية، كما وجدناه في الرحلات الأولية، وإن كان ولا بد من المجاملات التلاطفية، فإن الرحلات الأسرية لا تخلو من المتعة والسعادة الاجتماعية ..
كانت الانطلاقة بهلاوية، مروراً بنزوى ومنح وأدم والشويمية، ثم حاسك وحدبين وسدح وصولاً إلى طاقة الساحلية، التي تجاورها الكثير من الأماكن السياحية، كشللات دربات ومدينة الحق وعين حمران المائية، وإن كنا لم ندرك الُكلية، إلا أننا أتينا على الأكثرية، كسهل أتين وجرزيز والمغسيل ذات النوافير الطبيعية، وشعث تلكم الآية الربانية، في الحسن والجمالية، حيث السحب تسير فوق الأجواء السفلية، وأنت تشاهدها من الطبقة العلوية ..
أمضينا من الأيام ثمانية، هن عمر رحلتنا الخلوية، نتنقل من الصباح وحتى العشية، في تلك الربوع الخمائلية، كأننا سرب طيور في أجواء خريفية،تبللنا قطرات المطر الندية، فتخلق فينا أحاسيس شاعرية..
ويا لروعة المبيت في الأماكن الخلوية، في التلال والمرتفعات الجبلية، ورمال الشواطئ الفضية، مع مسامرة النجوم والكواكب الليلية، وساعة نوم خلوية، تغني عن ست ساعات زمنية، من النوم تحت تأثير وسائل التكييف الصناعية..
وحدِّث عن الوجبات الغذائية، التي كانت تُحضَّر في أوقاتها الزمنية، بأيادي الرفقة الماهرية ، وبأعلى المواصفات الاحترافية، وكان اللحم المحلي يتربع على الصينية، فارضاً ذاته على الأنواع الأخروية، مصحوباً بالمنتجات العمانية من ثوم وبصل وسمن وعسلية..
لتنتهي مدة رحلتنا الوقتية، ونوادع بحسرة تلك البقاع والأجواء الخيالية، المصحوبة بالإلفة واللقاءات الأخوية، مع الأصدقاء الذين شاءت القدرة الإلاهية ، أن نلتقيهم في تلك البرية، والنعم فيهم إنهم أكرمية ..
في الختام لا يفوتنا أن نقدم التحية، للجهود المبذولة من أجل الارتقاء بالسياحة العمانية، هامسين في آذان صنَّاع القرارات الرسمية، أن يمكنوا الكوادر الوطنية من الاستفادة من منافع الخريف المادية، وعدم تركها للعمالة الأجنبية، كما نطالب وبإلحاح الاستفادة القصوى من الثروة المائية، التي ينعم الله بها على المحافظة بصفة سنوية، وكان لزاماً استثمارها في مشاريع صناعية وزراعية، وأن تكون ظفار سلة غذائية، ومورداً حيوياً لعماننا الأبية، إذا ما وجدت عقول ذكية، وهمم وعزائم قوية، ففي ذلك استثمارات اقتصادية، وتشغيل للقوى الوطنية، التي ملّت من الوعود الوهمية، بوضع حلول جذرية، لهذه القضية الشائكة الأزلية، كما نكرر مطالبتنا الأولية، بإيجاد حلول فعلية، لتسريع مشروع الازدواجية، لطريق هيما ثمريت الذي تكثر فيه الكوارث المرورية، بالإضافة إلى استكمال البنى الأساسية، في شتى المطالب والمرافق السياحية، ولو لزم الأمر أخذ رسوم مالية، من المقتدرين لا الأقلية، واستثناء سكان المحافظة الأصلية..
حفظ الله بلادنا آمنة سخية رخية، وجنبها الأزمات والشرور الكيدية، وجعل أهلها في سعادة أبدية، وأن ينعموا كلهم بحياة مخملية، اللهم آمين يا رب البسطاء والعلية.
مسهريات ينثرها / ناصر بن مسهر العلوي